الارشيف / عالم المرأة / أخبار المرأة

مصائب 'نساء' عند 'نساء' فوائد

  • 1/2
  • 2/2

  كنت في عجلة من أمري , كنت أخطو بسرعة لقضاء شأن إداري ملح لما استوقفني فجأة صوت منخفض كله ترجي يهمس لي ' يا أختي أنا من بلاد الشام' , رفعت رأسي كأن صاعقة ما  أخذتني , فأنا لم اقابل في حياتي أحدا من سوريا و لم أتمتع بسماع لغتهم السريانية الجميلة الا عبر المسلسلات , كان وقع اللهجة عليا عذبا رنانا أنيقا في تسلله الى روحي العربية ,لكن سرعان ما عدت الى الواقع الذي أمامي أنا لست بصدد مشاهدة مشهد من باب الحارة او دبلجة لمسلسل تركي , التي أمامي فتاة في عنفوان عمر الزهور تمد يدها الي عساها تلقى مني بعض الدنانير , انها تتسول مخبرة إياي انها من بلاد الشام و اتت الى تونس عبر تركيا ثم ليبيا وهي العائل الوحيد لعائلتها و أخيها  المقيم بمستشفى سوسة .
صعقت, لا لانني لا أدرك حال السوريات اليوم و لكن في تلك اللحظة مرت في خاطري العديد من الصور من جمال السوريات الغناء الى المثل الذي يقول 'من لم يتزوج شامية مات أعزبا'  الى أطفال مخيم اليرموك . لا أخفي انني لم اصدقها بالحد الذي يجعلني اسقط  ربما ضحية ما ترويه لكنني كنت معها صادقة لدرجة  أني قلت لها انتظريني برهة سوف أعود.
ذهبت لقضاء حاجتي تاركة بصري يراقبها من بعيد , أراها تعترض كل مار مادة إليه يدها ثم فجأة لمحت فتاة أخرى تحمل صغيرا في أحضانها دنت منها تبادلتا الحديث ثم انفصلتا كل من جهة تتابعان التسول .
أخذت أوراقي التي كنت أسرع من أجلها وما ان غادرت الادارة حتى وجدت الفتاة أمامي تنتظرني قائلة لي ' اختي بدك تعطيني شي' قلت لها 'نعم, ان أخبرتني بالحقيقة كلها مهما كانت '  أخبرتها أنني سأبلغ صوتها لمن يساعدها فعلا و يقيها شر الشارع و ذل التسول و وهنه , طلبت منها عنوانها و كنت عازمة جدا على إعانتها لكن بقدر عزمي بقدر ما كانت الفتاة تبتعد شيئا فشيئا , كانت تنظر الي باستيراب و فزع  تتأمل تفاصيل وجهي و تتراجع بخطواتها الى الوراء ثم تنسحب فجأة...
بقيت أتساءل بيني و بين نفسي ترى ما سرها , ماذا أصابها؟ أنا أعرض عليها مساعدة  يحلمن بها الكثيرات مثيلتها , ماذا دهاها؟ ما الذي أرعبها ؟ و لكن في غمرة من تلك الاسئلة الحائرة وقفت سيارة  و نزل منها   شاب توجه نحو تلك الفتاة و  تحدث معها لبرهة صغيرة جدا و غادروا جميعا بالسيارة في لمح البصر,و أقصد طبعا الشاب و الفتاة و الفتاة التي تحمل صغيرا !!!!
فهل فهمت ايها القارئ المغزى من عنوان المقال ؟ أفلا يكفي السوريات اجبارهن على مغادرة وطنهن  وتشردهن في الملاجئ , الا يكفيهن هذا الانتهاك  لينتهك من كرامتهن أيضا باطلا و يشوه بصورتهن؟؟ فحتى  و ان لجأن للتسول فعلا هذا لا يبرر لأي احد تقمص ألام الغير و المتاجرة بها لمصالحه الفردية التي تقطع كل صلة مع الانسانية و مع الواجب الذي علينا تجاه الاخر الانسان.

اشترك فى النشرة البريدية لتحصل على اهم الاخبار بمجرد نشرها

تابعنا على مواقع التواصل الاجتماعى