في أواسط هذا الشهر، تم اختطاف أكثر من مائة من طالبات المدارس النيجيريات اللواتي تتراوح أعمارهن بين 15 و18 عاماً على يد تنظيم "بوكو حرام" التابع للقاعدة. وما تزال معظم الطالبات قيد الارتهان. ينبغي أن تكون هذه قصة كبيرة... ألا تعتقدون ذلك؟
قلة من الصحفيين الرئيسيين يعتقدون ذلك. ومن جهتها، لم تتحرك الأمم المتحدة حتى للخطابة ناهيك عن العمل. ولم تتحرك النسويات الأميركيات والأوروبيات. وبينما أكتب هذه السطور، لم تنشر أخبار عمليات الاختطاف على المواقع الإلكترونية للجنة العفو الدولية "أمنستي إنترناشيونال" أو منظمة "هيومان رايتس ووتش". وبدلاً من ذلك، يعرض موقع "بلاك كاوكوس" التابع للكونغرس تحت عنوان "في الأخبار" ما يلي: "المشرعون السود يقدمون التماساً للبنتاغون حول حظر تصفيف الشعر".
فما هو التفسير لمثل هذا الغياب الكامل وواسع النطاق للاهتمام؟ هل لأن أفريقيا تبدو بعيدة - حتى نيجيريا، البلد الأكثر سكاناً في القارة بما أصبح عليه هذا العام الاقتصاد الأضخم فيها. هل لأن أولئك الذين أعلنوا انتهاء "الحرب الكونية على الإرهاب" يشعرون بالاشمئزاز من لفت الانتباه إلى ميدان معارك آخر نشط؟ هل لأن الاعتراف بأن الجهاديين الإسلاميين الذين نصبوا أنفسهم بأنفسهم يلاحقون "الكفار" في قائمة متنامية من البلدان سوف يمزق وجهة النظر العالمية الغربية الشائعة متعددة الثقافات؟
بعض تفصيلات الهجوم: في الساعات الأولى من 14 نيسان (أبريل)، وصلت قافلة مكونة من 60 شاحنة ودراجة نارية إلى مدرسة البنات الثانوية الحكومية في تشيبوك في ولاية بورنو في شمال شرقي نيجيريا. وكانت "بوكو حرام" تنشط دائماً في هذه المنطقة. وفي الحقيقة، كان هناك في أوائل آذار (مارس) إغلاق للمدارس على مستوى الولاية بسبب التهديد الموجه من المجموعة الإرهابية الإسلامية والتي يعني اسمها "التعليم الغربي ممنوع". ومع ذلك، أعيد في الأيام الأخيرة افتتاح المدارس لإتاحة المجال أمام الطلبة لتقديم الامتحانات والحصول على الشهادات التي تجعل من الأسهل عليهم الحصول على وظائف.
وفق بعض التقارير، كان الإرهابيون متخفين في زي الجنود وقالوا للطالبات، ومعظمهن مسيحيات، إنهن في خطر ويجب عليهن ترك أماكن السكن بسرعة وإن سيارات الشحن ستقلهن إلى بر الأمان. لكن تقارير أخرى أفادت بأنه تم أخذ الطالبات قسراً إلى العربات بعد معركة بالأسلحة النارية مع حراس الأمن في المدرسة، الذين قتل اثنان منهما. وتولى الدراجون المرافقون لسيارات الشحن إلى الأدغال أمر منع الفتيات من القفز من الشاحنات. لكن قلة من الطالبات استطعن الهرب بعد أن تعطلت العربات التي كانت تقلهن. فيما أكتب هذا الموضوع، يبدو أن ما تتراوح بين 20 إلى 40 من أصل الطالبات المختطفات البالغ عددهن 107 قد استطعن الهرب.
ما الذي يفعله الإرهابيون بالطالبات اللواتي ما يزلن قيد الاحتجاز؟ هل يستعبدوهن؟ سوف يجبروهن على الطهي والتنظيف، وربما تقديم خدمات جنسية. وكانت فتاة مسيحية نيجيرية كانت "بوكو حرام" قد اختطفتها في تشرين الثاني (نوفمبر) الماضي قد قالت لوكالة رويترز للأخبار أنها أجبرت قسراً على اعتناق الإسلام، وأنها استخدمت "كطعم لاستجلاب الأعداء" الذين يتم قتلهم بعد ذلك.
قرب أواسط الشهر أيضاً، أعلنت "بوكو حرام" مسؤوليتها عن هجوم بالقنابل، والذي أفضى إلى ذبح أكثر من 70 شخصاً في محطة للحافلات في العاصمة النيجيرية، أبوجا، ولم يلق ذلك العمل الإرهابي سوى النزر اليسير من الإدانة الدولية أيضاً.
منذ تأسيسها في العام 2002، كانت "بوكو حرام" مسؤولة عن الآلاف من عمليات القتل. وما تزال المدارس تشكل أهدافها المفضلة، إلى جانب الكنائس. كما كانت هناك هجمات شُنت أيضاً على المساجد التي اعتبرت "بوكو حرام" رجال الدين والمصلين فيها غير متعاطفين بشكل كاف مع قضية الجهاديين. وفي العام 2011 نفذت "بوكو حرام" عملية انتحارية في مجمع تابع للأمم المتحدة في أبوجا أيضاً.
بالرغم من ذلك، فإن الرواية السائدة في اليسار تقول إن الصراع ينبع من الفقر وعدم المساواة وليس من الأيديولوجية الإسلامية وحب السلطة. ويقول سايمون أليسون من صحيفة "الغارديان" البريطانية: "إن الدولة في نيجيريا خذلت مواطنيها ربما تنعم بثروة نفطية، لكن شيئاً من ذلك لا يفيض على المواطنين الذين ما يزالون ينتظرون ليشاهدوا الكثير في الطريق نحو التمتع بالمزايا المادية من نيجيريا المستقلة. فمن لا يريد التطلع إلى بديل؟".
لكن منظوره غير تاريخي. وباعتباري رئيساً سابقاً لمكتب "النيويورك تايمز" في غرب أفريقيا في أواسط الثمانينيات، كنت قد أمضيت ردحاً معقولاً من الزمن في نيجيريا. وبالرغم من الفقر الذي كان سائداً هناك، كان المسلمون والمسيحيون يعيشون في وئام بشكل عام، ونادراً ما انتهت الصراعات الطائفية بينهم إلى العنف. وإذا حدث شيء، فإن الشمال المسلم من البلد بدا أكثر أماناً من الجنوب المسيحي الفوضوي. فما الذي تغير؟ أحد الأسباب: حملة بالغة التصميم من التطرف الإسلامي، ممولة في جزئها الضخم من جانب السعوديين والإيرانيين. وينعى السيد أليسون حقيقة أن الرئيس النيجيري، غود لك جوناثان، "قد تخلى عن أي شكل من الدبلوماسية". آه، نعم. كم يكون جميلا لو جلس الدبلوماسيون النيجيريون مع السائقين العبيد الذين يقودون سيارات الشحن المقلة للطالبات المختطفات وبحثوا معهم معاناتهم. عندها يمكن تسوية كل هذه التطورات غير السعيدة بود. وربما يتوجب على الدبلوماسيين البريطانيين والأميركيين دعوة قادة القاعدة لإجراء مباحثات معهم في فيينا أيضاً!
سيكون باستطاعتهم التواصل مع ناصر الوحيشي، الرجل رقم 2 في العمليات الدولية في تنظيم القاعدة. وكان قد شوهد مؤخراً في شريط فيديو بث على مواقع جهادية أثناء اجتماع للقاعدة في اليمن. وأوضح وهو يخاطب رفاقه أن هدف تنظيمه هو ضرب الولايات المتحدة مرة أخرى. وقال: "يجب علينا محو الصليب". في إشارة لما يراه قوة مسيحية. وأضاف: "إن من يحمل الصليب هي أميركا".