عندما سألت دكتور حاتم سعد شلبى رئيس وحدة التشخيص المبكر للاورام فى جامعة عين شمس، وانا اتجول معه داخل معامل وحدته تلبية لدعوة كريمة منه،لماذا لم تذهب إلى إدارة الجامعة لاقناعها بخطورة واهمية مشروع المسح الشامل لنساء مصر وقاية لهن من امراض السرطان، خاصة ان 50 مليون جنيه تصلح اساسا لبدء المشروع وهو رقم جد متواضع، قياسا على ما ينفق من مئات الملايين فى مشروعات عديدة ثبت عدم جدواها!
قال الرجل بمرارة وحرارة، ذهبت إلى ادارة الجامعة وقبلها إلى عميد كلية الطب، وذهبت بعدها إلى وزارة الخارجية املا فى ان تساعدني، وذهبت إلى التعاون الدولى املا فى ادراج المشروع ضمن خطط الوزارة، وذهبت إلى المجلس القومى للمرأة على امل ان انجح فى كسب حماس سيدات مصر، لكن احدا لايريد ان يسمع او يناقش! وفى كل مرة كان الجواب المختصر الذى اسمعه (اكتب مذكرة وسوف ننظر فى الامر)!
واكثر ما ساءنى فى هذا المشهد الممل والمتكرر ان تجد سيدات مصر فى المجلس القومى للمرأة الوقت الكافى لحديث مكرر ومعاد حول السياسة وحقوق المرأة فى الدستور الجديد، لكنهن لا يجدن الوقت الكافى لقراءة مذكرة من ثلاث ورقات، تتحدث عن مشروع يهم المراة المصرية التى تعانى من انتشار مريع للامراض السرطانية، تم تعميمه فى كل دول العالم بنسب نجاح عالية بما فى ذلك تشاد وفولتا العليا فى افريقيا، لكنه لا يزال يتعثر فى مصر، يفتقد تعاون الدولة والمجتمع المدنى بل يفتقد حماس المرأة المشغولة بالسياسة والدستور والانتخابات الرئاسية لكنها تغفل عن اخطر مرض يتهدد صحتها.
وما يزيد من دهشتى ان المشروع بسيط واضح يمكن ان يكون واقعا فى غضون شهور معدودات، لان تدريب الاطباء على المهمة لا يحتاج إلى اكثر من اسبوع، ولأن الاساس الذى نملكه لاقامة هذا المشروع قوى تعززه الخبرة العلمية، لكن مع الاسف لا أحد يهتم لان الرواد الذين يفتحون طرقا جديدة اختفوا لكثرة ما يكابدون من المتاعب، ولأن السياسة اصبحت شاغل الجميع بمن فى ذلك المرأة،رغم ان السياسة فى ترجمتها العملية هى فن خدمة الجماهير واسعادها، لكنها فى مصر تظل مجرد كلام فى الهواء!