انتقدت ناشطات مجتمع مدني ومرشحات للانتخابات البرلمانية، اليوم هيمنة العقلية الذكورية على عقلية القادة السياسيين والدينين وتهميش المرأة واعتبارها مجرد "تكملة عدد" في القوائم الانتخابية،في حين اعتبرن أن الحصة المحددة لهن في البرلمان (الكوتا) تحولت إلى سقف لمطالبهن بدلاً من كونها أرضية للانطلاق نحو نيل "حقوقهن".
وقالت النائبة مسيون الدملوجي، عن ائتلاف العراقية الوطنية، بزعامة إياد علاوي، في حديث إلى (المدى برس)، إن "المجتمع لا يعرف للأسف دور المرأة في بناء الدولة وإحلال السلام وحل النزاعات"، مبينة أن "القيادات السياسية الحالية في العراق كلها من الذكور الذين يعيدون ترشيح أنفسهم للانتخابات البرلمانية المقبلة، ويعتبرون أن حصة (الكوتا) المرأة كافية عليها".
وأضافت الدملوجي، أن "المرأة العراقية كانت تتصور أن الكوتا أرضية لانطلاق النساء نحو الأفضل، لكنها تحولت إلى سقف لمطالبهن"، مشيرة إلى أن "المرأة العراقية تعاني كثيراً برغم ما تتمتع به من كفاءة عالية، كما أن وسائل الإعلام تستهدفها بنحو غير لائق، وأحياناً كثيرة تستهدف سمعتها، وهي أمور لا يتعرض لها الرجل".
واتهمت النائبة عن ائتلاف العراقية الوطنية، الكتل السياسية، بأنها "تمنح مرشحيها من الرجال أموالاً أكثر من النساء، لتمويل حملاتهم الانتخابية"، عادة أن على "المرأة العراقية خوض معركة وجود طويلة لأن مشاكلها ومعاناتها لن تحل خلال الانتخابات الحالية".
ورأت الدملوجي، أن على "النساء العراقيات أن يدعمن قريناتهن المرشحات للانتخابات البرلمانية لأن هناك قصوراً واضحاً في هذا الجانب"، ودعت "النساء لأن يعملن عشرة أضعاف الرجال كي يحصلن على جزء يسير مما يحصلون عليه".
إلى ذلك اتهمت الناشطة في مجال حقوق الإنسان ومنظمات المجتمع المدني، نسرين العميدي، القادة السياسيين ورجال الدين بأن عقليتهم ذكورية تسعى لتهميش المرأة.
وقالت العميدي، في حديث إلى (المدى برس)، إن "رجال الدين يحثون على اختيار الأفضل، لكنهم لم يوجهوا بشان آلية ذلك، وما إذا كان الرجل هو الأصلح دائماً لإدارة شؤون البلد"، عادة أن "رجال الدين يتحدثون بعقلية ذكورية، برغم أن الله سبحانه وتعالى، ركز كثيراً على دور المرأة في المجتمع".
وذكرت الناشطة في مجال حقول الإنسان ومنظمات المجتمع المدني، أن "دعوات الإصلاح لا يمكن أن تتم إذا لم يكن هناك رجل وامرأة، لأنه منذ وجود النبي إبراهيم كان هناك دور لزوجتيه سارة وهاجر، كما أن بلقيس ملكة سبأ، تمكنت برغم أنها لم تكن مؤمنة بالله، من خلال رجاحة عقلها، من حفظ قومها من القتل، لأنهم كانوا يريدون مقاتلة نبي الله سليمان"، عادة أن ذلك كله "يدل على أن المرأة هي من دعاة السلام".
وأعربت العميدي، عن الأسف لأن "نظرة رؤساء الأحزاب الإسلامية ذكورية أيضاً ويرون أن المرأة غير قادرة على القيادة"، معتبرة أن "الإسلاميين والليبراليين على حد سواء يطالبون بحقوق المرأة ويزايدون عليها، لكنهم عند التطبيق العملي وآلية الاختيار، يتجاهلونها ولا يؤمنون بحقوقها".
ودللت الناشطة في مجال حقوق الإنسان ومنظمات المجتمع المدني، على ذلك بـ"عدم وجود دعم للنساء أو إشراكهن سواء بلجان المصالحة أم المفاوضات بين الكتل السياسية"، متهمة زعماء الكتل بـ"تهميش أي امرأة تتمتع بالكفاءة أو الثقافة العالية".
ودعت العميدي، قريناتها من النساء الناشطات سياسياً والمرشحات للبرلمان إلى ضرورة "متابعة القراءة والتدريب، لاكتساب المزيد من الخبرات ومعرفة كيفية التعامل مع من يسعون لتحجيم دورهن".
بدورها قالت المرشحة عن ائتلاف الوطنية، إنعام عبد المجيد، في حديث إلى (المدى برس)، إن على "المرأة العراقية طاقة معطلة"، عادة أن "انتخاب النساء لمجرد ملء حصتهن في القوائم الحزبية، يخدم أجندات معينة وجهات تريد تمشية أمورها ومصالحها".
وأضافت عبد المجيد، أن ذلك "يدل على عدم رغبة القوى السياسية بوجود نساء قويات في البرلمان تنادي بحق الشعب"، مشيرة إلى أن "المرأة ذات الشخصية القوية والكفاءة والقدرة على الأداء والعطاء تخيف القادة السياسيين لأنها لن ترضخ بسهولة لقراراتهم التي يريدون تمريرها".
وعدت المرشحة عن ائتلاف الوطنية، أن "المرأة في العراق باتت طاقة معطلة آن أوان استثمارها لأن أمور المجتمع لن تستقيم من دون وجود امرأة صالحة مفكرة تكون عوناً للرجل"، معتبرة أن "العراق لن تقوم له قائمة إن لم تسهم المرأة في تطويره بالحب والتسامح، بدلا من دعوات الفرقة والطائفية".
على صعيد متصل، ذكرت مرشحة التحالف المدني الديمقراطي، شروق العبايجي، في حديث إلى (المدى برس)، إن "عدد الذين يؤيدون ترشيح المرأة القوية المعروفة بتاريخها العلمي والمهني، شكل مفاجأة سارة لي، برغم سيادة الفكر الذكوري في المجتمع".
ورأت العبايجي، أن "تواجد المرأة في الحملات الانتخابية الحالية شكل ظاهرة قوية"، عادة أن "المرأة أصبحت تفرض نفسها على المشهد الانتخابي برغم التهميش الذي تعاني منه".
يذكر أن المفوضية العليا المستقلة للانتخابات، أعلنت في (الـ17 من نيسان 2014 الحالي)، عن ترشح ما نسبته 29 بالمئة من النساء في الانتخابات البرلمانية الحالية، عادة أنها النسبة الأعلى منذ عشر سنوات، وأكدت أن هنالك كياناً كاملاً مؤلفاً من النساء لأول مرة، وأنها قدمت لهن العديد من التسهيلات.
ورأت مرشحة التحالف المدني الديمقراطي، شروق العبايجي، أن "المعايير التي يتم على ضوئها اختيار المرشحين مغلوطة، خاصة أن التنافس على المقاعد الانتخابية صار لمن يملك المال والنفوذ الأكثر، في حين يجب التركيز على المنهجية والقدرة على التأثير والكفاءة".
ويشدد رجال دين على أهمية اختيار المرشحين الأكفاء خلال انتخابات مجلس النواب المقبلة بعيدا عن انتماءاتهم، كما يدعون إلى عدم التجاوز وتسقيط بعضهم لاسيما خلال دعاياتهم الانتخابية.
يذكر أن المادة 94 من الدستور العراقي تؤكد حق المرأة العراقية بالمشاركة السياسية من خلال اعتماد نظام (الكوتا) بنسبة لا تقل عن ربع مقاعد مجلس النواب، فيما شهدت الدورة الحالية للبرلمان سيطرة نائبات ينتمين إلى أحزاب ذات توجهات إسلامية على نسبة كبيرة من هذه المقاعد.
جاء قانون إدارة الدولة العراقية للمرحلة الانتقالية بنظام جديد لم تعرفه الدساتير السابقة، ولا قوانين الانتخاب، وهو نظام يعرف بمصطلح (نظام الحصص النسائية) أو(الكوتا النسائية)، وذلك لتقليل الهوة بين تمثيل الرجال والنساء في البرلمان.
كما يضمن الدستور العراقي نسبة 25% من مقاعد البرلمان للنساء، فيما شرع البرلمان قانونا يقضي بنسبة مماثلة للنساء في مجالس المحافظات، لكن النساء لم يتمكن حتى الان من انتزاع مناصب قيادية كبيرة سواء في المحافظات أم في عموم البلاد، اذ لم تختر امرأة لمنصب رئيس وزراء أو محافظ منذ تأسيس الدولة العراقية، في حين غابت النساء بشكل كبير عن التشكيلة الحكومية الحالية التي تمثل النساء فيها وزيرة واحدة للدولة، كما أن النساء لم يتسلمن أبداً إدارة وزارات سيادية كالداخلية أو الدفاع أو المالية أو النفط وغيرها من الوزارات المهمة.
وتعاني الكثير من النساء في المحافظات العراقية، من نقص كبير في التعليم والثقافة وفرص العمل بسبب الظروف الاقتصادية والاجتماعية السائدة في تلك المحافظات، التي يعتبر القسم الأكبر منها أن المرأة تمثل مخلوقاً "دونياً"، في وقت تؤكد العديد من الفعاليات النسوية على أهمية الارتقاء بدور المرأة وتوفير الظروف الملائمة لها لتأخذ دورها في المجتمع العراقي الجديد.