لايزال غياب المرأة عن المسرح يشكل عائقاً كبيراً أمام مصداقية القضايا المجتمعية التي تحتاج الى ثنائيات تتناسب مع الاختلافات المعاصرة، والتغيرات المستقبلية لكل من الرجل والمرأة في مجتمعاتنا العربية بشكل خاص .
والغياب الذي أعنيه هو عدم حضورها الفعلي في النصوص المكتوبة للقراءة أو تلك التي تجسد على خشبة المسرح ما يلغي بدوره تواجدها المادي، وتفاعلها الواقعي أمام جمهور يرى حياته ومشكلاته وقضاياه فيه، ويبحث عما يمكنه أن يفعله في ظل مواجهات زمنية قاسية وشديدة المزاجية .
وعلى الرغم من أن الأدب والفن يساوي بين المرأة والرجل في كل عناصره وفنياته، إلا أن المسرح العربي بشكل عام والإماراتي على وجه الخصوص بحاجة ماسة إلى إعادة النظر في مسألة عدم حضور المرأة في قضاياه وعناصره الأخرى، وفي كون الحضور الذكوري يفرض على المسرح والمجتمع بشكل عام القضية الذكورية من نظرة أحادية، بحيث يبدو وكأن المجتمع عليه أن يفصل بينهما فعلياً، ويلغي المساواة فيعطل بدوره الكثير من جهود المؤسسات التربوية والتعليمية والاجتماعية، التي يدعم الفن جهودها الإصلاحية بما يطرحه من قضايا ويساعدها بما يعالجه من مشكلات منشؤها سوء التفاهم بين الاثنين .
وقد يكتفي البعض بمعنى الحضور النسوي على أنه تواجد امرأة بأي شكل وصفات، وإن كانت لا تتناسب مع هوية المرأة المعروفة مجتمعيا، لتؤدي دوراً تم الاختصار والتشذيب فيه بشكل ملموس، متحولة بذلك إلى إكسسوار مكمل للديكور، لكنها صورة شاذة في مجرى الحكاية، بينما الحضور النسوي الحقيقي يعني طرح قضايا تمس النساء بهويتها المجتمعية، وارتباطها مع الرجل، فقضايا الحياة، لا تنفصل عن الاثنين، وكل مايحدث لأي منهما، مرتبط بشكل أو بآخر ببعضهما بعضا .
وقد يجيب البعض بأن المسرح يتجاهل قضايا النساء، لأن المرأة الكاتبة تغيب نفسها في نصوصها، فهي لا تعي معنى استعراض قضاياها على خشبة المسرح وتأدية دور لا يمس حياتها الشخصية بشكل مباشر لكنه يمتد ليؤثر في حياة كل امرأة مثلها، قد لا تعايشه لكنها تعرفه ممن حولها، ولأن المرأة الفنانة ثانياً لا تحبذ دوراً على المسرح مقابل التواجد على شاشات السينما أو في التلفاز أو الإعلام .
فهل يغيب عن بال المرأة بأن التغييرات التي تحدث للمجتمعات، تحتاج الى حضورها لشرح مواقفها وقضاياها أمام جمهوره؟ وهل يغيب عن بال الجميع بأن قوة المسرح في إعادة صياغة نظرة المجتمع لما حوله، في ظل عصر جامح يشد الناس ويجذبهم من جهة ومجتمع محافظ يحاول إعادتهم إلى قالب معتاد؟
وهل يغيب عن بال المرأة مدى الفراغ الذي يشكله غيابها عن قضاياها في زمن لم يعد حضورها الثقافي والفني والفكري والمهني يشكل عائقاً أمامها؟