ندرك جميعاً أن أي مجتمع يتطلب جملة من الأسباب للنمو والتقدم، ليكون مجتمعاً منتجاً يصعد على درجات الرقي الإنساني بوتيرة وسلاسة من دون عثرات أو صعوبات، ولعل من أهم هذه الأسباب الأمن ونشر مظلة واسعة من القيم ومبادئ السلام والتسامح.
وأيضاً نعلم أنه ليتم تحقيق هذا السبب الرئيس، الجوهري، فإن هذا يتطلب الاهتمام بالنشء والجيل الجديد، لأنهم هم عماد المستقبل، وهم لبنة البناء المقبلة، وهم عمود الحضارة وركنها وقوتها.
أطفال اليوم هم الاستثمار الحقيقي إذا نشدنا الاستمرار في النهوض والتطور والتقدم الحضاري، ومن هذه الجزئية تحديداً ننطلق لمفهوم أول حضانة لهذا الطفل، وهي الأسرة، لنؤكد على دورها الريادي المهم في استقرار أي مجتمع وقوته، فكلما كانت الأسرة متماسكة وقوية وتقوم بدورها في التربية والرعاية لأجيال المستقبل كلما كان المجتمع أكثر أمناً واستقراراً.
الأسرة هي الجدار الأول في حماية أطفالنا من أي ثغرات فكرية قد تحاول جهات مشبوهة التسلل إليهم من خلال هذه الثغرة، والأسرة هي السياج الأول في الدفاع عن براءة وعفوية صغارنا، ويتعاظم دورها أكثر في هذا الزمن الذي باتت بأيدي كثير من أطفالنا أجهزة الهواتف الذكية، وما تحويه من تطبيقات وبرامج للتواصل، حيث تصلهم رسائل من أي بقعة في العالم، وهذه الرسائل قد تحمل مقاطع فيديو أو مقاطع صوتية أو صوراً، فضلاً عن نصوص ونحوها، بمعنى أن هذا الطفل بات سهلاً جداً الوصول له، ومخاطبة عقلة الصغير الذي لم يكتمل نموه.
من هنا يأتي دور الأسرة، الأب والأم، الدور التوجيهي المحمل بالثقة والحب، دور المتابعة والتقصي والشرح والإفهام، وليس دور المعاقب القاسي المراقب المتوجس الشكاك الذي يجرد الطفل من الثقة ويجعله مجرماً أو محل شك دائم، إن دور الأسر في هذا العصر أكثر حيوية وأهمية لحماية أطفالنا جيل المستقبل وتقويم سلوكهم وحمايتهم من الانحرافات الفكرية أو التي، مع الأسف، تتكاثر في العالم الافتراضي ويكون انعكاسها مدوياً في العالم الواقعي.
تحتاج الأسر، الآباء والأمهات، لمزيد من الاهتمام بمنحهم دورات وتكثيف التوجيه والتوعية بدورهم ورسالتهم، وفي الوقت نفسه بإبلاغهم بالمخاطر التي قد تحيق بأطفالهم، سواء في المستقبل القريب أو البعيد، نحن لا تنقصنا جمعيات ومؤسسات الرعاية الأسرية، لكننا نحتاج لنبدأ العمل وفق خطة ورؤية واضحة وفق إنجازات تحدد، ويتم قياسها سنوياً، وليتم تسجيل معدلات نجاحها، وما تم تحقيقه.