ذات صدفة وجدتني على ابواب مدينة مقدسة مطلية بـأساطير العابرين تبتلع كل شعور يفكر في الاستفاقة من داخل قلب مقفل وتحتضن الحكايات المتلبدة بغيم الحنين تجعل ابطال الحكايات يبتسمون في عز البكاء رغم ثقل الوجع طلاءها لا يعري الحزن و لا يجلد الصبر رغم انه على احدى الأبواب كتبت هذه الجملة "لا يتعرى الحزن ولكن تتعرى المشاعر".. ركبت غمار المجهول بعد ان اصبحت غريبة عن نفسي انتظر السماء ان تمطر لقاء ...وانا بين جدران الدخان داخل عتمة انهج المدينة اتساءل في سري من قال اني اتحرق شوقا لرؤيته...لم اكن اتصور يوما ان شخصا سيغير من حياتي وان عبوره سيزلزل كل كياني كنت اشعر اني قريبة منه وانه اصبح جزءا من عالمي ولكن ليس الا هذا الحد لم اتصور ان مجرد ذكر اسمه يلعثم نطق دقات قلبي المتراكضة ويفقد السيطرة على خفقاته لتأتي عشوائية غير منظمة وان صوته شهابا يرتطم بكياني و يوقف الكرة الأرضية عن الدوران ...اكرر في ذاتي كل كلمات المدح والإطراء التي سمعتها منه حتى وان وردت من باب المجاملة ..قال لي مرة انني مختلفة ورائعة ... أشعر بالسعادة كلما تذكرت هذه الجملة ! إنها كنزي الثمين الذي أفتحه و أنعش به مشاعري كلما أصابني وميض الحنين اليه حين اتذكر ذلك اتحول الي ورقة تعصف بها ذبذبات صوته التي سكنتني فتضرم ناري وتسلب سكوني ..تتأرجح التعابير على طرف لساني واحيانا تتبخر وتصعد الى السماء لتمطرني شوقا دائما اليه .. ضحكاته العفوية ساحرة.. تعزف على اوتار شراييني تطرب قلبي . .تعبيرات وجهه تجعلني اترنح في المجهول بلا هدف واعجز عن لملمة اشلاء شجاعتي وانا التقط صوره في عيناي ...اعرف جيدا ان نظرة واحدة من عينيه تخترق اعماقي و ترسلني إلى الجنون وتحلل كل خلايا الدم الجارية في عروقي و تسكُبها ..كنت أرسل الكلام عبر النظر اليه لكنه كان لا يرى ولا يسمع حتى حضوره كان غيابا عني ..يتعمد الابتعاد عني يعصر قلبي وحسي ويجعل مشاعري ثكلى تتهاوى منكسرة على اقدام اليأس والألم ...كل مساء ومن نوافذ الذاكرة يطل علي طيفه يلقي تحية استفزازية يبتسم بسخرية القدر ينشر عطر مروره في ارجائي ويرحل احاول ان امسك ذرات الهواء التي لامسها ... عبثا احاول مطاردة ذلك ... تنطلق دمعتي الحزينة تتلقفها وسادتي العطشى بشراهة و يتعالى صوت نبضي يطن في اذني ...في فضاء تلك الوحشة وانا تائهة في ازقة المدينة تعصف بي رياح الشوق احاول جاهدة التماسك والثبات و تغسل امطار الأمل مرارة قهر البعد و تتجدد داخلي خلايا الذاكرة لتزيل تجاعيد الألم ألمح شجرة لا تحصى عدد سنواتها ولا عدد من استظل تحتها ...جلست ككل العابرين تحت جذعها ابحث عن كلمات نقشت على ذاكرتها لتروي غصتي عسى بعضها يحلي مذاق المرارة في حلقي ..أحدق في الشجرة ابحث عن مفردات بين اوراقها فقد اضناني الشوق والحرمان ونخر صبر العظام وأتلف الحنين ذهني فتمزقت خلايا قلبي وانشطرت وتبعثرت ذراتها في الفضاء .....لا ادري ما سمك طبقات الجليد التي تغطي مشاعره عل شمس تحن علي و تشرق مشتعلة تذيبها هو لا يعلم ان كل شمس تشرق وتغرب دون ان اتذكره او ان يزورني طيفه ليست شمسا على الإطلاق وكل قمر يسهر في كبد السماء ولا يعكس صورته لا يحسب ضمن مجرات الفضاء ...تمضي ايام لا تحتسب من حياتي يطول الفراق و يشتعل الشوق ...لا ادري كم مكثت في مكاني شعرت بالعتمة تلون كل ما حولي.. وبمفاصلي الواهنة تخر هاوية. .أمسكت بجذع الشجرة أنشد دعمها لكنها خذلتني ..توقف كل شيء عن الحركة من حولي وتجمد الكون ... صرخت منادية علية صرخة آه تصدع لها جذع الشجرة من فرط الشوق ..عادت النبضات تقفز من باطن الارض وتعود ادراجها الى حجرات قلبي تضربه بعنف ...انتبهت الى الغيوم السوداء الكثيفة التي لبدت السماء وحجبت اشعة الشمس التي احمر ذيلها في الأفق وبدأت قطرات المطر تتزاحم توهمني بالغرق حتى اصبحت انازع التنفس لالتقاط الهواء ... انسابت قطرات لامعة على وجهي لا أستطيع الجزم ما إذا كانت من ماء السماء أو ماء العين....انزل الليل خماره توقف السيل و انقشعت السحب وعدت تائهة في فراغ المكان وحيدة كالقمر ..اسامر النجوم واعاند المطر بكاء ابث لرفيقي القمر همي كانت نسمات الليل تلطف ما بداخلي من حرارة جسدي ..اجتاحتني رغبة هوسية في معانقة الهواء وتركت عقلي مبعثرا في المكان علي انسى نزف الألم تنهيدة رسمت صوتا يقول " طال بعدك" فتعثرت الكلمات... خشيت ان تحملها النسمات اليك و يفتضح ضعفي وتتعرى مشاعري كشجرة الخريف القديمة ..كعادة طيفه لم يفوت لحظة التعري واللهفة له غافلني وتسلل الى ذاكرتي وافقدني توازني وبدا يسحب الكلام من طرف لساني التي أخذت تتساقط ...بدا الطيف بتجسد امامي و بدأت افتش عن اشياء كثيرة في عينيه واعانق فيهما صور الحب الجافي ..احس بالنبضات في شراييني ذاك هو حالي كل مساء...وهما خيالا تهيؤات يرسمها قلبي الشغوف المتلهف للقياه ...عشقي له اعصارا ثائرا مدمرا يقلب الموج الهادئ...عدت الي زمني والى ذات المكان وكما ظهر هو وسط الضباب اختفى كما جاء وتلاشى ...عبثا حاولت مسك ظله...مر الوقت دون ان يغفو جفني كنت اشعر اني وسط صحراء شاسعة تخشى اعادة صرختي لتبقى كثبانها الرملية مستقرة ...وعاد صمت الموتى ووحشة المقابر في محيطي ...عاصرت شروق الشمس وسباحتها في كبد السماء وحان موعد رحيلي من مدينة العابرين كتبت اسما على جذع الشجرة بصمة تركتها مثل من سبقني واضفت امضائي مذيلا بكلمة "كل لعبة قدر.. والعابرون بخير ......