الارشيف / عالم المرأة / أخبار المرأة

‘هي الحدث’ يحول المرأة إلى حدث و’همس الحرير’ يسقط في الذاتية

  • 1/2
  • 2/2

تحضر المرأة في المحطات التلفزية بكثرة كعنصر فاعل حينا وكموضوع للحديث أحيانا أخرى. ولكن ما نلاحظه في غالب القنوات أن حضور المرأة كموضوع لا يكون إلا للحديث عن الجمال والأناقة وآخر صيحات الموضة وغير ذلك. في حين قلما تخصص لها فضاءات تتابع خطوات نجاحاتها وإسهاماتها الفاعلة، وترصد الانتهاكات التي تحدث في حقها.
لذلك بدا برنامج ‘هي الحدث’ الذي تقدمه تاتينا مسعد على قناة ‘فرانس 24 ‘ مختلفا عن غيره من البرامج الموجهة للمرأة. فهو يهدف أساسا إلى معالجة أخبار المرأة والقضايا التي تهمها عربيا ودوليا، إلى جانب تسليط الضوء على الممارسات المجحفة بحقها، ويركز على مبادراتها على اختلافها لتمكينها من نقل قصص نجاحها. وقد كان محور العدد الفارط من هذا البرنامج حضور المرأة العراقية بصورة مكثفة في الانتخابات التشريعية التي تجري في البلاد منذ الثلاثين من شهر نيسان/ابريل. وترشيح أول امرأة لبنانية للانتخابات الرئاسية، بالإضافة إلى التوقف عند ظروف اللاجئات السوريات.
ولأن قناة ‘فرانس 24′ هي قناة فرنسية، ولان محور الحلقة هي الانتخابات كانت انطلاقة البرنامج بالعودة سبعين سنة إلى الوراء أي إلى الفترة التي منحت فيها المرأة الفرنسية حقها الانتخابي، وتم تطعيم هذه الفقرة بآراء بعض المعمرات اللاتي عايشن الفترات الأولى من هذه الحقبة.
والحقيقة أن الفقرة بدت مسقطة لان مسألة الحق الانتخابي لم يعد رهانا كبيرا للمرأة الفرنسية ولا يعد أحد مشاغلها. وبدا الروبرتاج كعملية إشهار أو تبجح بمكاسب المرأة الفرنسية لا سيما بالمقارنة مع المرأة العربية على مستوى هذا الاستحقاق. ثم كان المرور إلى الحديث عن الحضور المكثف للمرأة العراقية في أول انتخابات تشريعية بعد خروج الجيوش الأمريكية. حيث ذكر التقرير الذي أعده البرنامج أن 25 بالمائة من المرشحين لهذه الانتخابات هن من النساء العراقيات اللاتي وضعن نصب أعينهن رهان الدفاع عن المرأة العراقية.
البرنامج التقى ببعض المرشحات العراقيات على غرار المحامية والحقوقية رقية الطائي التي عملت على النزول إلى الشارع ومقابلة النساء مباشرة في محاولة لإقناعهن بضرورة التمسك بحقهن الانتخابي والوقوف معها من أجل الدفع أكثر بدور المرأة العراقية.
أما إنعام عبد الصمد فهي تراهن على هذه الانتخابات حتى تكون بوابة لعودة المرأة العراقية إلى سالف حضورها الفاعل دخليا وإقليميا. والحقيقة أن تسليط الضوء على المرأة العراقية لا سيما في هذا التوقيت يعد انجازا إعلاميا مميزا لعدة اعتبارات. فالمرأة العراقية مزقتها الحروب المتتالية إقليميا ودوليا الأشد تلك الحروب الطائفية التي ما تزال تعصف بالبلد وهو ما يتطلب دعمها في خطواتها الأولى نحو التخلص والخروج من خندق الموت والدماء.
من جهة أخرى تؤكد التقارير الأممية أن المرأة العراقية التي احتلت فترة السبعينات وحتى التسعينات من القرن الماضي مراتب متقدمة على جميع الأصعدة تحتل اليوم المراتب الأخيرة عالميا.
وهذا السبب كفيل بجعل تسليط الضوء على المترشحات العراقيات في محطة إعلامية كبرى على غاية من الأهمية لأنه يساعد في دفع خطواتهن إلى الأمام ودعمهن من أجل كسر حاجز الخوف. فيما تشير تقارير أخرى أن ربع العراقيات في عمر ما فوق الاثنتي عشرة سنة هن أميات، كما أن نسبة النساء العاملات في العراق لا تتجاوز 14 بالمائة من جملة كل نساء العراق، ويعتقد 50 بالمائة من الرجال العراقيين أنه بإمكانهم منع نسائهم من العمل.
وهذه الأرقام تجعل من التفات ‘هي الحدث’ إلى المترشحات في بلد الرافدين أمرا ذا جدوى وإن كان الحيز الزمني المخصص ضيقا ولم يكن كافيا لقول كل شيء. أما في لبنان البلد الذي تحظى فيه المرأة بعدة مكاسب هامة خاصة بالمقارنة مع نظيراتها في بلدان الجوار العربي، فقد تجاوزت المرأة هناك حدود الترشح للبرلمان لتصل إلى الترشح لرئاسة الجمهورية. حيث توقف البرنامج عند ترشيح نادين موسى نفسها كأول امرأة تتقدم للانتخابات الرئاسية في لبنان منذ الاستقلال. وهذه بدورها وقفة ترصد وجها آخر من نجاحات المرأة وإن كان المراقبون يؤكدون أن ترشيح موسى نفسها للانتخابات الرئاسية في لبنان ليست إلا خطوة صورية ولن تستطيع كسر احتكار الرجال لهذا المنصب في بلد يحكمه نظام طائفي تسيطر عليه المصالح السياسية.
وإذا كان هذا الجزء من البرنامج قد حاول متابعة خطوات النجاح الأولى بالنسبة للعراقيات، ورصد تحرك المرأة اللبنانية في دعم مكاسبها، فإنه لم يغفل عن التوقف عند معاناة المرأة السورية التي دفعتها الحرب لتكون فريسة العديد من الأطراف.
وقد كان الأردن وجهة ‘هي الحدث’، حيث تم التوقف عند سيدة سورية تقوم بدور الوساطة بين العائلات السورية رجال باحثين عن الزواج من صبايا سوريات دون مراعاة فوارق العمر بين الطرفين. حيث ذكرت المتحدثة أن العائلات السورية توافق على التنازل عن بناتهن في أعمار صغيرة مقابل أن يكون الرجال الراغبين بهن ميسورين ماديا، ذاكرة أن أغلب المتقدمين للطلب يكونون في أعمار متقدمة. قد تثير هذه المعلومة استياء العديد من الأطراف وقد يراها البعض الآخر محض مؤامرة إعلامية كما هو حال العرب في ربط كل شيء بنظرية المؤامرة. ولكن الأكيد أن اللاجئة السورية اليوم تعيش على وقع أوضاع سيئة تتطلب فعلا تسليط الضوء عليها في أكثر من فضاء إعلامي وليخرج الإعلام العربي من بوتقة ربط المرأة بالأزياء والمكياج وليدرك أن للمرأة مشاغل أخرى أهم وأعمق من ذلك.
‘همس الحرير’ يسقط في الذاتية
سنبقى في سياق الحديث عن طبيعة حضور المرأة في الإعلام المرئي اليوم، وسنتوقف عند برنامج ‘همس الحرير’ الذي يبث على قناة أبو ظبي الإمارات وتقدمه كل من الفنانة الإماراتية سميرة أحمد والدكتورة نجوى الحوسني والإعلامية سماح أحمد. هذا البرنامج الذي يحمل شعار تدارس قضايا المرأة الإماراتية والمشاكل التي تعوق حضورها الفعلي جنبا إلى جنب مع الرجل في جميع القطاعات. وقد سلط العدد المنصرم الضوء على موقع الخادمة في المجتمع الإماراتي وقد أثث الحوار خبير في التنمية البشرية والإرشاد وملازم أول وصاحب مكتب توريد وتدريب العمالة.
وطبعا الجميع يدرك أهمية عنصر الخادمة في حياة المرأة الخليجية كنوع من مظاهر الطرف والرفاهية وإن كانت تقديرات الخليجيين تقول إنه من أجل مساعدة المرأة التي باتت مرتبطة بالعديد من المشاغل. و’همس الحرير’ حاول التركيز على مدى اتكال المرأة الإماراتية على الخادمة في الواجبات المنزلية، ودورها في تربية الأطفال وتدريسهم والاهتمام بهم، إلى جانب التطرق إلى الآليات التي لا بد من إتباعها حتى تفهم الخادمة حدود واجباتها في البيت وأهمية التدريب في ذلك.
واتجه الحوار نحو تطور دور العاملات في المنازل إلى حد تحولهم إلى مدرسات داخل البيت للأطفال وتأثيرات ذلك خاصة أن الخادمات يحملن عادة ثقافات أخرى وديانات ولغات مختلفة. كما تم التأكيد على دور التدريب على اعتبار أنه يوجه الخادمة نحو فهم دورها الحقيقي وإلمامها ببعض التفاصيل عن العقلية السائدة للمجتمع حتى تسهل عملية التأقلم. هذا إلى جنب الحديث عن خروج المرأة الإماراتية لسوق الشغل وعدم قدرتها للتفرغ تماما لمشاغل البيت الأمر الذي يجعل اتكالها على الخادمة مسألة ضرورية.
كما تمت الإشارة إلى بعض المشاكل التي تواجهها المرأة الخليجية مع الخادمة والتي توجهت نحو تحميل العاملة المسؤولية ولو بشكل ضمني. والحقيقة أن هذا البرنامج قد أصاب في طرحه هذا الموضوع باعتبار أن البرنامج موجه إلى المرأة الإماراتية أساسا ومشكل الخادمات يعد أحد ابرز تحدياتها الراهنة.
ولكن الطرح لم يكن موضوعيا بالقدر الكافي حيث تم تصوير المرأة الإماراتية في ثوب الضحية التي دفعتها مشاغلها للاتكال على الخادمة التي تحولت إلى مشكل بدل الحل.والحقيقة أن العديد من التقارير والمقالات كتبت حول ظروف الخادمات الصعبة في منطقة الخليج بما في ذلك دولة الإمارات، وتعرضهن إلى التعنيف الشديد والاغتصاب أيضا.
وهذا العنصر تغافلت عنه المقدمات الثلاث في طرحن للموضوع مما جعل البرنامج يتجه في اتجاه واحد كما سبق وأشرنا. وجعلن رهانهن الحديث وتسليط الضوء على المرأة الإماراتية في صورتها الايجابية مع التغاضي عن الملفات الحرجة.
وفي هذا الإطار ما دام البرنامج مطروحا من طرف ثلاثي نسوي مختلفات التكوين كان حريا بهن أن يكون البرنامج أكثر تنوعا وثراء و أكثر جرأة وانفتاحا على عدة موضوعات تخص المرأة الإماراتية.

اشترك فى النشرة البريدية لتحصل على اهم الاخبار بمجرد نشرها

تابعنا على مواقع التواصل الاجتماعى