الارشيف / عالم المرأة / أخبار المرأة

انتشارمقاهي النساء---- ازمة مجتمع- ازمة حياء وخجل؟!!

  • 1/2
  • 2/2

في منتصف خمسينات القرن الماضي ازدهرت المقاهي الشعبية وتطورت فاعلية الجلوس فيها الى نمطيات انسانية في مجالات متعددة منها الفنون الموسيقية والغناء، حيث اتخذ مطربو المقامات ومادونهم من المقاهي ملاذا لفعالياتهم الفنية، فيما اتخذ الادباء والصحفيون المقهى ملاذا لنقاشاتهم وقراءاتهم، فصار لكل مجموعة اصوات ادبية او فنية مقهى خاص تتردد عليه فئة محددة دون غيرها باستثناء الاستضافات التي قد تحصل بين الفينة والاخرى كأن يصطحب هذا الفنان او ذاك الاديب زميلا له او قارئا معجبا برواية او قصة او مقال او هاو لقراءة المقام او مستمع اليه، كان التقليد يقضي بقيام الفئة الفنية او الادبية الاحتفاء بالضيف الزائر من خلال تكريس الحديث في تلك الجلسة معه دون غيره تصاحبها الطلبات الكثيرة لانواع المشروبات التي يختص بتقديمها المقهى مثل اليانسون والنومي بصرة والشاي والكاكاو والقهوة او بعض المرطبات، وكثيرا مايتم اثراء الجلسة بطلب بعض المشويات التي لايخلو مقهى في مدينة الموصل او العاصمة بغداد او اية مدينة عراقية اخرى من وجود (شواي) في مدخلها يجتهد في تقديم افضل انواع المشويات والمقبلات لكي يقال عنه انه الافضل في المدينة، وهذا الحال جار بين اصحاب المهن الكثيرة في المدينة الواحدة، فان التنافس فيما بين المهنة والمهنة يعد حالة صحية لها مردودات ايجابية في مجال الابداع المهني الذي اشتهرت به المدن الكبيرة مثل (الموصل) حيث ضربت الامثال في اصحاب المهن لجودة اعمالهم ودقة تقنية حرفهم وابداعاتهم فيما ينتجون او يصنعون. فالمقهى من حيث الموقع احتلت في حاضرة المدينة العراقية ولاسيما في مدينة لها تاريخها الطويل مثل الموصل اهمية كبيرة في الجوانب الاجتماعية، يتردد عليها اصحاب المهن المتشابهة او فئات ثقافية متعددة من ادباء وفنانين ومعلمين وقضاة ومحامين ومهندسين وما الى ذلك من جميع الشرائح المتعلمة الاخرى، الى جانب رواد المقهى من وجهاء المدينة وشيوخها ورجالاتها المعروفين، وكذلك الحال مع كل مهنة من المهن الشعبية المعروفة في المدينة، حيث يكون لكل صنف مقهى متخصص يرتادها اصحاب تلك الحرفة وحدهم حيث يجد اصحاب الشأن من الزبائن ضالتهم في اصحاب الحرفة المعينة من خلال قيامهم بزيارة للمقهى الذي يجتمع فيه اصحاب تلك الحرفة كما هوالحال في مقهى البنائين (المعماريون) كانموذج لقولنا. والمقهى مكان عام يجلس عليه كل مستطرق اومنتظر لقضية من القضايا او لتزجية الوقت وقتل الفراغ او لممارسة لعبة محددة من الالعاب الشعبية المتعارف عليها في المقاهي مثل الطاولي او الشطرنج او الدومينو (النرد) مع زملاء لهم خلال ساعات المساء، لذلك فان المقاهي الشعبية في المدن الكبيرة لا تفتح ابوابها صباحا، ومعظم المقاهي لايستقبل رواده الا في ساعات ما بعد الظهر باستثناء مقاه شعبية صغيرة موزعة هنا وهناك تكون مفتوحة للعاطلين او زوار المدينة او اصحاب قضايا وظيفية اضطرهم الظرف التواجد في موقع المقهى ، حيث يكون اللوس في مثل تلك المقاهي محدد في الزمن وفي الزبون ايضا، حيث تختلف اشكال زبائن ذالك المقهى بين يوم واخر، ولا يكون لمثل هكذا مقاه زبائن (دائميون) وعادة يتم اقفال المقهى بعد الانتهاء من دوام الدائرة المعنية القريبة منه لان اعتماد المقهى على الزبائن يكون مقترنا على حضورهم او مراجعاتهم لتلك الدائرة. مقاهي الانترنت ما دمنا بصدد الحديث عن مفهوم المقاهي كحالة اجتماعية متعارف عليها منذ نشوء المدن الحضرية، فلابد من التوقف عند حالة ظهرت حديثا، وانتشرت في المدن الكبيرة انتشارا هائلا فاق ما موجود او ماحققته المقاهي الشعبية من حيث العدد او النكهة او الموقع بكثير من الاشواط، تلك هي مقاهي الانترنت التي تفردت بحالة واحدة عن المقهى الشعبي بكونها تستقبل زبائن من انواع خاصة، زبائن صامتون، بعيدون عن الثرثرة والقيل والقال، بعيدون عن طرطقة زار الطاولي او قطع النرد ولم تكن الاركيلة حضرة في ذلك الوقت 0 وبعد الاختلال تقلصت تلك المقاهي وحلت مقاهي الشباب والاركيلة والالعاب والبلياردو وانتشار مقاهي الانترنيت عند الشباب، وتطور الامر لا ستحداث مقاهي نسائية اومشاهدة النساء يعملن كنادلات في تلك المقاهي!!!، وانتشرت الاركيلة في مقاهي النساء  تأخذ أبعاداً اجتماعية وثقافية مغايرة ومخالفة لمجتعنا المحافظ، وذلك في حال كانت الأركيلة تدخنها بنات أو نساء من دون أخ أو زوج أو صديق حتى، أي شلة بنات أو نساء فقط في مقهى أو مطعم أو أي مكان عام، وتسللت هذه الظاهرة الى عدة مدن عربية تحاكي حرية المراة المطلقة بدون حدود، والطريف ان اغلب تلك المقاهي سميت(جنة حــــــــــواء) كمتنفس للفتيات والنساء خارج المنزل!! والعديد من الفتيا يعترفن انهن يرتدن المقاهي الخاصة بالنساء حصرا، ويجدن في المقهى النسائي مكاناً هادئاً ومريحاً للمذاكرة والدراسة، «المقاهي الأخرى أفضلها للتسلية، ولم تلق فكرة المقهى النسائي استحسان المجتمع بل اعطى انطباعاسلبيا اذ إن المقاهي في هذه الحال قد تؤدي الوظيفة المعاكسة لها. إضافة إلى أن «العائلة المحافظة لا تقبل بذهاب الفتاة الى المقهى أكان عاديا او مخصصا للنساء ،و تشرح المعالجة النفسية د. نوال حلال، ان بعض الفتيات يملن بشكل عام الى ارتياد المرافق المخصصة لهن لما يمنحه ذلك من شعور بحرية التحرك والتصرّف بعيداً عن القيود المفروضة عليهن في حضور الرجال. وتردف أن شعوراً بالرضاقد يساور الفتاة عندما يكون لها فسحتها الخاصة المشابهة لفسحة الرجل مع أصدقائه، ورغم كل ذلك فقد قرأنا عن مساوىء كبيرة لتلك  المقاهي  ومنها ما يحدث في  بلاد حيث تحولت مقاه تقدم الشيشة في المغرب إلى اماكن للقاءات بين الأحبة واللهو ومقابلة سياح خليجيين تحت أنفاس الدخان قد تتطور إلى لقاءات محرمة خارج هذه المقاهي أضواء خافتة توحي بالرومانسية , دخان يخنق الأنفاس, وهواء يأتي بريح التفاح والتوت , قهقهات تجوب الفضاء , عري وصخب, أغان مشرقية تطرب الآذان , فتيات في مقتبل العمر تتمايلن مع رنات خليجية لهواتفها النقالة. إنها الموضة التي أصبحت تجذب بعض الفتيات بعد انتشار مقاهي الشيشة ذات الطابع المشرقي للمدن الكبرى بالمغرب!! فيما ارتبطت ارتبطت صورة اليمن النمطيّة في العقود الأخيرة بالمحافظة الشديدة والفصل ما بين النساء والرجال وسيطرة الأخيرين على مجريات الحياة اليوميّة. لكن المشهد لا يبدو هكذا هنا، إذ نجد مجموعات من الشبان والشابات والنساء والرجال يتحدّثون ويتناقشون في مقاهي مفتوحة. وهي ظاهرة انتشرت في السنوات العشر الماضية وتزايدت بشكل لافت على امتداد العاصمة صنعاء في خلال السنوات القليلة الأخيرة، بما في ذلك داخل مدينة صنعاء التاريخيّة القديمة. لكنها تركّزت بشكل أساس في جنوب غرب صنعاء حيث الحيّ الأكثر ثراءً وانفتاحاً في المدينة (شارع حدّة الحي السياسي). فتحوّلت إلى ملتقيات من الطراز الرفيع مخصّصة للطبقات الأكثر حظوة القادرة على تحمّل تكاليفها.وانتشرت ظاهرة المقاهي في سوريا وخاصة في منطقة القامشلي كما ان بعضهن اعاد حكاية (الحكواتي) في مقاهي النساء باعادة هذا التراث الذي بات يجذب النساء السوريات كرواد للمقهى تجمعهن اسرة واحدة. تستطيع التقاط العبر والحكمة من مضامين الحكايا والقصص التي ترويها. واعتبرت عجيب التي تكمل دراسة الماجستير في الفلسفة في جامعة دمشق أن قيامها بدور الحكواتي كان فكرة جريئة لتكون المرأة الاولى في سورية والعالم لتؤدي هذا الدور أمام الملأ في المقاهي وقالت: ان الجدة تعد الراوية المعروفة للاطفال والاحفاد عبر سردها لقصص تحمل الحكمة والفضيلة والمعرفة ولا تختلف التجربة التي بدأتها منذ نحو ستة أشهر عن ذلك الا أنني أروي الحكايا لجيل الشباب مع التركيز على المعلومة والحكمة مضيفة ان رواية هذه القصص تشبه حالة وصل بين الماضي والحاضر.‏
ن الحياة المتغيرة وتنوع أساليب الالتقاء البشري جعل المقاهي أحد أهم الأماكن التي يلجأ إليها الإنسان للتخلص من متاعب الحياة وهمومها ولتعديل المزاج, وتعود ظاهرة المقهى في البلاد العربية إلى نهايات القرن الثامن عشر,والذي بدأ بالظهور مع بروز المثقفين والكتاب من مختلف طبقات المجتمع حيث لم يعد مقتصراً على الطبقة المخملية بل لجأ أبناء الطبقات الوسطى والفقيرة من المفكرين والمثقفين إلى ارتياد المقهى من أجل الاجتماع والمشاركة في الحوار في كافة الموضوعات الثقافية والسياسية والفنية, وينفس الوقت يعد المقهى مكاناً للتعارف بين الناس وكذلك التسلية وقضاء وقت ممتع مع الأصدقاء, يتحلقون حول طاولة قدمت عليها مشروبات متنوعة كالشاي والقهوة وغيرها,, وفيما مضى كان المقهى مجالاً لتناقل الأخبار بين الناس ونشرها في مجال الثقافة والتجارة ولكن مع مرور الوقت أصبح المقهى لدى كثير من رواده مكاناً للتسلية, وتمضية الوقت لا أكثر, وغدا مكاناً لإضاعة الوقت وتحول إلى عادة يومية وملجأ للبطالة, ومع مرور الزمن وبعد تحرر المرأة وخروجها إلى العمل ومشاركتها للرجل في كل شيء ظهر جيل من الشابات المثقفات اللواتي وجدن في المقهى خير مكان من أجل التعبير عن تحررهن وخروجهن عن نطاق المألوف وسيطرة الذكور, وشيئاً فشيئاً تحول جلوس المرأة في المقهى شيئاً عادياً بعد أن كان مستهجناً, وأصبحت المرأة ترتاد المقهى مثلها مثل الرجل تشرب الأركيلة وتحتسي القهوة والمشروبات مع صديقاتها, حتى أصبح المطعم أو المقهى الذي لايقدم الأركيلة يكاد يخلو من الزبائن, وأصبح مشهد وجود الفتيات بداخله أمراً مألوفاً, فما الذي يجعل الفتيات أو النساء ينجذبون إلى هذه المقاهي؟ وكيف ينظر المجتمع إلى هذه الظاهرة؟!!
إن وجود المرأة في المقهى قد ينظر إليه من زاويتين, فمن يعترض على ذهاب المرأة إلى المقهى يُتهم بالسلبية والتخلف والتفكير البدائي وعدم الإيمان بمساواة المرأة مع الرجل, ومن يؤيد دخولها إلى المقهى سوف يلقى اعتراضاً من المتحررين الذين يحترمون المرأة ويجدون ارتيادها للمقهى تقليلاً من شأنها وخدشاً لأنوثتها. ولكن أولاً وأخيراً يعود ذلك إلى الأسرة ومدى تعاطيها مع هذا الموضوع, وإلى درجة تحرر كل عائلة, فالموضوع متعلق بمستوى وطبيعة التربية التي تلقتها الفتاة في منزل والديها. ونقول اخيرا ان مقاهي النساء المنفردة او المختلطة ظاهرة اجتماعية مرفوضة اذا لم تقم على اسس اجتماعية واخلاقية تحكمها عقيدتنا الاسلامية واعرافنا الاجتماعية لذا من الواجب على الاسرة تثقيف الشباب والشابات  بكيفية التعامل مع تلك المقاهي وفق اسس رشيدة وعقلانية، وهنا يكمن دور الهيئات الشبابية التي تعنى بقضايا الشباب وحاجاتهم عبر تقديم محاضرات وإشادات لكيفية الاستخدام الرشيد للانترنت والابتعاد عن مساوئه، كما لابد أيضاً للمناهج التربوية والتعليمية أن تزود «الشباب دون سن العشرين» بأفكار ومعلومات حول التعامل مع الشبكة، لأن هذه الفئة العمرية بحاجة إلى الاهتمام أكثر والتوعية كونها لاتملك الوعي الكافي، وهنا لاننسى دور الأهل الذين تقع عليهم مسؤولية كبيرة في هذا المجال ولكن الأهم من ذلك أننا بحاجة إلى قوانين جديدة تنظم عمل مقاهي الانترنت بحيث تسمح للشباب ممن هم فوق سن العشرين فقط بالدخول إليها أسوة بقانون منع التدخين.
لابد من الاعتراف بإيجابية المقاهي التي توفر للعديد من الطلبة إمكانية التواصل مع الإنترنت عبر خطوط سريعة، ربما لاتتوفر لهم في المنازل لاستكمال حلقات البحث ومشاريع التخرج كما أنه لايمكننا أن ننكر بأن هناك قسماً من الشباب يمتلك معرفة ووعياً يمكنهم من الاستفادة من هذه الوسائل الحديثة عبر تبادل الآراء والخبرات وتفتح أفاقاً واسعة أمامهم لم تتوفر لولا وجود هذه الشبكة.

اشترك فى النشرة البريدية لتحصل على اهم الاخبار بمجرد نشرها

تابعنا على مواقع التواصل الاجتماعى