الارشيف / عالم المرأة / أخبار المرأة

بدايات اهتزاز مؤسسة الزواج في عالمنا العربي

  • 1/2
  • 2/2

           أظهرت العديد من الدراسات ان هناك إحجام متزايد  في  دول الغرب  عن الزواج ، ومنها دراسة جديدة نشرت قبل أيام قليلة تفيد  بأن البريطانيين يتجنبون الزواج الآن ويفضلون حياة العزوبية، وهناك أكثر من 15 مليوناً منهم لا يرغبون في الزواج.
وقالت الدراسة التي أجراها مكتب الإحصاءات الوطنية ونشرتها صحيفة ‘دايلي اكسبريس′، إن ثلث البريطانيين فوق سن  16 عاماً، أي ما يعادل 15.7 مليون شخص، لا يرغبون في الزواج فيما بلغ العدد الإجمالي للأشخاص الذين يعيشون لوحدهم بما في ذلك المطلقون والأرامل23 مليون شخص ،وأضافت أن نسبة المصنفين بأنهم غير متزوجين في بريطانيا ارتفعت من 47% في عام 2001 إلى 51% الآن، واستأثرت العاصمة لندن بأكبر حصة من الأشخاص العازبين، وهذا ينطبق بدرجات متفاوته على بلدان غربية أخرى بما فيها الولايات المتحدة الأميركية مما أدى إلى انخفاض خطير في معدلات المواليد وذوبان العائلة واندثارها كوحدة اجتماعية وعزوف النساء عن الحياة الطبيعية التقليدية مثل الزواج وإنجاب الأطفال ورعايتهم، وعزوف الشباب عن مؤسسة الزواج بسبب شيوع الجنس واللواط والحماية القانونية لهذه النزعات غير السوية، فما الذي أدى إلى ذلك ..؟ يرى محللون أن وراء ذلك وجود رؤية مجتمعية شائعة بأن الهدف من الحياة هو تحقيق المتعة بكل أشكالها بصورة مباحة ، ولذلك مؤسسة الزواج والعائلة باتت عبئا لا داع له طالما هناك شيوع للجنس يلبي حاجة الطرفين في المتعة، وروجت لهذه الفكرة حركات نسائية داعية لحرية المرأة ،وسيطرت نخب مجتمعية على وسائل التأثير منها الإعلام والفنون والسينما والمسرح والجامعات ودور النشر، فانتشرت المطبوعات والأفلام الإباحية إلى جانب انتشار صورة المرأة المتعرية والذي أدى إلى تقليل الاحترام لها وانتقاص لقيمتها وذاتها ،فساهمت هذه الإباحية في هدم فكرة (العائلة) ومبررات وجودها، ولذلك فان العائلة من حيث هي مؤسسة اجتماعية بدأت  تختفي تدريجيا في الغرب، وأسهمت في انهيار الوضع العائلي التقليدي الذي تتكامل فيه حضانة وتربية الجيل تربية سوية ناضجة ،فانتشرت بسبب ذلك الجريمة والانحراف وغير ذلك في مجتمعاتهم.
         هل الوطن العربي معرض لمثل ذلك ..؟ نقول للأسف : نعم ..! فبالرغم من أن مجتمعاتنا العربية لها عاداتها وتقاليدها المجتمعية الممتزجة والمتماهية مع التعاليم الدينية (الإسلامية والمسيحية) والتي تقدس الحياة الزوجية ، وتدعوا لتعزيزها ، إلا أن موجة العولمة ، والانفجار السكاني الذي عم معظم الأقطار العربية  ومرافقة ذلك  ظروف اقتصادية تزداد صعوبة ، وتغير نمط حياة الناس من الحياة الريفية إلى الحياة المدنية وتعقيداتها،كل ذلك أدى إلى تراجع نسب الزواج ،حيث أوضحت دراسة أن نسبة العنوسة في العالم العربي في تزايد مستمر وبنسب مقلقة في الفترة الأخيرة إلى درجة أصبح معها الفستان الابيض حلما شبه بعيد المنال لدى الغالبية العظمى من الفتيات العربيات ، ونسب العنوسة تتفاوت في البلدان العربية ويعود ذلك الى الاختلاف في مستويات العيش حيث نجد البلدان العربية ذات مستوى العيش الرغد هي الأكثر تعرضا لارتفاع نسبة العنوسة في الوقت الذي تعرف فيها البلدان العربية عيشا بسيطا انخفاضا لهذه النسبة وخاصة في مناطقها الريفية، فعلى مستوى منطقة الخليج تأتي دولة الإمارات العربية المتحدة في المقدمة حيث بلغت نسبة العنوسة من 60إلى 70% بينما وصلت النسبة في السعودية الى 45% ،،والمجتمع التونسي تجاوزت العنوسة نسبة 60 % ، وهي أعلى نسبة في بلدان المغرب العربي، وفي مصر حسب الإحصاءات الرسمية 17% بالرغم من تشكيك البعض في هذه النسبة ، عموما تبقى لبنان في صدارة الدول العربية بنسبة كبيرة جدا وهي 85% وتليها سورية بنسبة 70% ، وذكرت دراسة أن عدد الفتيات "العوانس" في الوطن العربي عموما قد ارتفع إلى ما يقرب من 25 مليون فتاة في سن 24 عاماً فما فوق ،ومهما كانت من شكوك في درجة دقة  تلك الإحصائيات ، إلا أن الظاهرة موجودة ومتفاقمة ، ولا يكاد يخلو بيت عربي من ذلك، وجدير بالذكر أن تفشي ظاهرة العنوسة في بعض الأقطار العربية ،وضعف الوازع الديني والأخلاقي والبحث عن الاستقلال و الخوف من مسؤولية الزواج والارتباط أدى كل ذلك إلى بروز لبعض المظاهر التي يشهدها الغرب ولو باستحياء وتستر كونها غير مقبولة اجتماعيا ودينيا ، إلا أنها تفشت تدريجيا مثل ظاهرة الزواج السري والعرفي بين الشباب في الجامعات وممارسة الجنس خارج مؤسسة الزواج والشذوذ الجنسي بين الفتيات واللواط بين الذكور، كما يلاحظ أن هناك فشل في منظومة الزواج عموما’ وانهيار الثقة بمؤسسة الزواج بسبب ارتفاع نسبة الطلاق إلى جانب تأخر سن العمل،وارتفاع تكاليف الزواج.
             إنها ظواهر قائمة ولا يمكن إنكارها وبحاجة إلى التفاتة وتحرك مجتمعي جاد للحد من آثارها المدمرة، وذلك بكسر كل العوائق الاقتصادية والاجتماعية لتيسير الزواج لشبابنا وشاباتنا ،وبذلك نسهم بالحفاظ على أعظم مؤسسة اجتماعية أسهمت في بناء الإنسان على مر التاريخ ((مؤسسة الزواج)).

اشترك فى النشرة البريدية لتحصل على اهم الاخبار بمجرد نشرها

تابعنا على مواقع التواصل الاجتماعى