الارشيف / عالم المرأة / أخبار المرأة

ضريبة الغربة

  • 1/2
  • 2/2

حين يضطر الإنسان للسفر فجأة،ويعيش بغربة ،تجبره الظروف على العودة أحيانا بدون موعد لسماعه عن حالة طارئة وأمر إضطراري ،وهو وإن عاني وعاش في غربة مطولا بعيدا عن أسرته وأولاده ،قد يقتضي منه الواجب الاسري فجأة أن يعود ليطمأن عليهم نتيجة عارض طاريء ألم بأحدهم ، وقد تتشابك المواعيد و تلغى معظمها ،خاصة غير الضروري منها، وما بين الإلتزام الأسري والواجب الوظيفي يضطر الكثيرون لدفع ضريبة باهظة الثمن من أعمارهم ،والكثيرون بالغربة ممن يتعرضون لمثل هذا قد يصابوا بشلل في حركتهم فيلقون بعرض الحائط بكافة إلتزاماتهم بالعمل وغيره كي تقر أعينهم برؤية أحبتهم ممن يحتاجون لرعاية خاصة ،هذا واقع مما حدث معي الاسبوع الماضي حين غادت إلى عمان العاصمة الأردنية الحبيبة فجاة ، بسبب مرض أبنتي الصغرى التي كانت ترقد على سرير الشفاء بالمستشفى ،وكأم تملك من العواطف الجياشة ما يملأ العالم حبا وشوقا لضمة حنان من أم لإبنتها ،فأسرعت الخطى وحجزت للسفر ليلا فور إبلاغي بما حدث لها .
وما أن هبطت الطائرة بي على أرض الوطن أحسست أني أملك جناحين أريد أن أ طير بجناحين كي أراها وقلت بلهفة إبنتي حبيبتي أنا قادمة إليك ،أنا هنا أحبك ،لا تقلقي سأحملك بين ذراعي وأضمك لصدري ،سنرقص سوية ونتسوق نتسامر حتى الفجر لا تحزني يا حبيبتي أنا قادمة إليك ،إقذفي أحزانك من فوق أعلى قمة على الارض إلى واد سحيق أمك تحبك ولا تسمح للشوك أن يخدشك أو يؤذيك ،وصلت المنزل لم أنتبه لإبني الذي إستقبلني بحرارة وأبنتي الكبرى ورسائل الواتس أب ولم أرد على الهاتف الذي لم يهدأ وكأنه بحر هائج جميعهم كسفن تصارع الموج تريد أن تصل إلى شاطيء الأمان بالإطمئنان عن وصولي سالمة وأنا في الحقيقة لم أعي ما حولي ،ولم أرى أحدا من أفراد الأسرة سواها ،كانت هي الأهم فهذه اللحظة حق لها لرؤية أبنتي الصغيرة حين رأتني قفزت من السرير وتسلقت على كتفي وعانقتني بحرارة بكيت وهي تسال لماذا تبكين يا أمي انا بخير والحمد لله ،نظرت للضمادات الطبية بيده ورأيت أنتفاخ يديها من الحقن والجلوجوز ضممتها أكثر وأحسست أني سأعيدها إلى رحمي الأكثر أمنا ودفئا وسلاما كي تتنفس نفس الهواء وتأكل نفس الطعام الذي أتناوله ،بدت في محياها فرحة غامرة برؤيتي أسرعت للحقيبة لأريها بعض هدايا متواضعة أحضرتها معي لها ،إرتسمت علي وجهها إبتسامة رائعة ثم قالت لي أنت أجمل هدية يا أمي أحبك كثيرا وأفتخر بأن أمي ،تحدثنا عن رحلتينا هي عن علاجها والمستشفى وأنا عن مغامرتي بالسفر والحجز والحصول على إجازة قسرية بغير موعدها تسامرنا وسهرنا وعينيها لم تفارق النظر إلي وجهي وكلماتها الرطبة الطيبة أعادتني للحياة بعد أن هدأت أعصابي وقرة عيني برؤية فلذة قلبي ،وبين الشرود والشعور بالسعادة الخاطفة قالت أبنتي بتصميم وتفكير طويل أمي كفاك إغترابا وعودي لنا صمت مطولا وضممتها ثانية وقلت لها سأروي لك حكاية ماقبل النوم عن لقمة العيش المرة وتحديات الحياة وكنت أردد على مسمعها حكايتي منذ تخرجي وزواجي وغربتي وحين وصلت إلى لحظة وصولي الوطن كانت ترقد هادئة آمنة بعد أن غفت عينيها على أنغام قصتي الحائرة . وتذكرت امي حين توفيت وانا بالغربة ولم استطع حينها وداعها ورؤيتها لاكسب رضاها

اشترك فى النشرة البريدية لتحصل على اهم الاخبار بمجرد نشرها

تابعنا على مواقع التواصل الاجتماعى