يقول اليمانيون والحورانيون خاصة وأهل الشام عامة ، للتعبير عن حالة الازدحــام والتضييق  بين مجموعة متزاحمة متدافعة : " دخلوا محاشـكـة " ، أو يتحاشكون  ..
ويقولون أيضــا في  المقام المقارب لهذا : " يتحاصكون "  أو " دخلوا  محاصـكـــة " ..
فهل  لهذين اللفظين نصيب من الفصيح ؟؟؟
لم نجد في المعاجم العربية ( الجذر : ح ص ك ) ، وانما وجدنا  الجذر ( ح ز ك ) وكما نعلم في قاعدة تعاور حروف الصفير ، فإننا نقرر أن الجذر ( ح ص ك ) هو جذر منقلب عن الجذر ( ح ز ك ) ، وفي هذا الجذر يقول معجم اللسان  :
حَزَكهُ حَزْكاً اغْتَطَّهُ وضغطه وحَزَكه بالحبل يَحْزِكه حَزَمه وشده وهو الاحْتِزاكُ  وقال الأَزهري هو مثل حَزَقْته سواء حَزَكه وحَزَقه إِذا شــدَّهُ بحبلٍ ، جمع به يديه ورجليه . واحَتَزَك بالثوب احتزم . وقال الزبيدي والرازي  :
حَزَكَه يَحْزِكُه حَزْكاً : عَصَبه وأيضاً : ضَغَطَه . وقالَ الفَرّاءُ : حَزَكَه بالحَبلِ : إِذا شَدَّهُ بهِ جَمَعَ به يَدَيْه وِرِجْلَيه لغةٌ في حَزَقَه نقَلَه الجوهَرِيًّ والأزْهَرِيُّ .ولنلاحظ هنا أمرين اثنين :
الاول : أن ( ح ز ك ) أتت من ( ح ز ق ) .
الثاني : أن ( ح ز ك )  يعني التضييق وشدة الازدحام والضغط والتحزيم بشدة والشد ، وهي المعاني المتبادرة من (ح ص ك ) ، وبالتالي نقرر قطعاً أنه جذر عربيّ صحيح  ولا غبار على عربيته أبدا ، وفق الاستقراء الجذوري الآنف  .
فلو زرْتَ اليمن السعيد ، ولواء حوران الواقع بين جنوب سورية وشمال الأردن ، وسمعتهم يقولون : تحاصكوا أو دخلوا حصكاً ، فاعلم أنهم يتحدثون بكلام فصيح لا غبار عليه ، ولو سمعتهم يقولون  مؤنبين مجموعة من الأولاد يتدافعون للدخول إلى الحافلة المدرسية : ما لكم تدخلون " حاصك باصك " أو " حصك بصك " فهم أيضا فصحاء ، يريدون التنديد بهيئة الدخول غير المنتظمة ،وما فيها من تزاحم وتضييق ( الحصك \\ الحزك \\ الحزق )، أما "باصك \\بصك " فهي من الإتْـبـاع ، كما هو معلوم عند اللغويين وفقهاء علم الدلالـة  .
أما الجذر الثلاثي الحوراني (( أقصد اللهجة الحورانية وهي كما قلنا في أكثر من مناسبة ومكان ، أقرب اللهجات العربية الى الفصيح مع الحجازية واليمنية والعُمانية والنجدية وبعض المناطق الخليجية ، إضافة إلى لهجات مناطق الشام والعراق .....)) وهو ( ح ش ك ) ومنه قولهم : حشك الناس في غرفةٍ واحدة  ، أو جلسوا محاشكة وتحاشكوا وتدافعوا  و و و ..... فيطالعنا في هذا المقام  :
ما قاله الزبيدي في التاج : الحَشَكُ مُحَرّكَةً : شِدَّةُ الدِّرَّةِ في الضَّرعِ أَو هو سُرعَةُ تَجَمُّع اللَّبَنِ فيهِ وقد حَشَكَتْ هي تَحْشِكُ حَشْكاً وحُشُوكاً ،( لاحظ التزاحم هنا واضح ) .
والحَشْكُ أَيضاً : شِدَّةُ النَّزْعِ في القَوْسِ . وحَشَكَ النّاقَةَ يَحْشِكُها حَشْكاً : تَرَكَ حَلْبَها حَتّى يَجْتَمِعَ لبَنُها في ضَرعِها وهي مَحْشُوكَةٌ قال :
غَدَتْ وَهي مَحْشُوكَة حافِلٌ ... فراحَ الذِّئارُ عليها صَحِيحَا
وحَشَكَت النّاقَةُ لَبَنَها حَشْكاً بالفتح وحُشُوكاً كقُعودٍ : جَمَعَتْه ومنه قولُ عَمْرو ذِي الكَلْب :
" حاشِكَةَ الدِّرَّة وَرْهاءَ الرَخَم " قال الجَوْهَرِيُّ : وأَما قَوْلُ زُهَيرٍ :
كما استغاثَ بِسَيْءٍ فَزُّ غَيْطَلةٍ = = = خاف العيونَ فلم يُنْظَر به الحَشَكُ
فإِنّما حَرّكَه للضَّرُورةِ أي : لم تَنْتَظِر به أُمه حُشُوكَ الدِّرَّةِ .
وفي اللسان لابن منظـــور : تقول العرب : اللهم اغفر لي قبل حَشْك النَّفَس وأَزِّ العروق الحَشْك اجتهادها في النزع الشديد وأَزُّ العروق ضَرَبانُها  . وقال :
يقال ناقة حَشُوك وحَشُود للتي يجتمع اللبن في ضرعها سريعاً وحَشَكْتُ الناقة تركتها ولم أَحلبها حتى اجتمع لبنها ومنه قول الشاعر  :
" غَدَتْ وهي مَحْشوكة حافِلُ  "  .
وحشَكت السحابة تَحْشِكَ حَشْكاً : كثر ماؤها ، وحَشَكت النخلةُ وهي حاشِك كثر حملها وحَشَكَ القومُ حَشْكاً حَشَدُوا وتجمعُوا . قال الفراء : حَشَك القومُ وحَشَدوا بمعنى واحد ، وحَشَكَ القوم على مياههم حَشَكاً بفتح الشين اجتمعـوا . قلت : ومن هنا سمَّى الحورانيّــــــــــون طـعــــــام " المحشوك " وهو نوع من المعجنات ( خبز محشـوّ بنوع من الخضار كالخبيزة أو العكوب أو البصل الأخضر ،وأحيانا يٌحشــى بنوع من النباتات النهرية كالعاسمية والقُـرَّة ونحوهما) .
وعلى العموم فإن الحرفين ( ح \\الحاء ) و (ك \الكاف ) وما يثلثهما فيما بينهما ، أي بجعل الحاء حرفا أولاً والكاف ثالثاً ، تعطينا جذورا ثلاثيــة قريبة من الشدِّ والضغط والتزاحم  :
_( ح ك ك \\ حكك ) .
_( ح ب ك \\ حبك ) .
_(ح ت ك \\ حتك ) . . . . وهكذا ،،،،في أغلب الجذور الثلاثية طبعاً وليس فيها كلهـا ،  وصلى الله على سيدنــــا محمد وآلــــه وصحبه وســلِّــم ، وآخر دعوانا  أن الحمد لله ربِّ  العالمين  .