مما تعارف إليه الناس في كثير من المجتمعات أن النساء كثيرات كلام، بل كان يضرب بمجالسهن المثل بكثرة الغيبة والنميمة، وغيرها من التهم. غني عن القول إن مثل هذه التهم عارية عن الصحة رضي من رضي ورفض من رفض لأسباب جوهرية عدة، لكن هناك سبباً بسيطاً وله دلالة قوية وهو أن التعميم قاتل لأي حقيقة، فعندما يقال مجلس النساء، فهذا يعني المجلس الذي تجلس فيه أمك وابنتك وشقيقتك وزوجتك، وهذا يعني أنهن جميعاً مشاركات في هذا الإفلاس الأخلاقي، فهل ترضى أن تكون أمك مثلاً من بين النساء اللاتي يتهمن بهذه الممارسة.
لكن لماذا باتت مثل هذه التهمة مسلماً بصحتها، في الحقيقة تقف جملة من الأسباب منها أسباب تتعلق بطبيعة المجتمعات الذكورية التي ترى أن المرأة دوماً أقل في الذكاء والاهتمامات، فبعض الرجال يعتقدون أن المرأة همّها قلادة أو زجاجة عطر، وهي ـ أي المرأة ـ غير مهمومة أو لا يشغلها المستقبل. لكن هناك سبباً آخر هو الكذب الواضح المتعمد على المرأة ويقابله صمت مطبق من النساء، خصوصاً من هن قياديات ومتعلمات.
على سبيل المثال في أحد المواقع على شبكة الإنترنت خبر عن استبانة حول المجالس النسائية، وتم تطبيقها على مئة من النساء مختلفات عمرياً ومهنياً وتعليمياً، ثم جاءت النتائج كالتالي: 44 في المئة من المشاركات فيها يقضين وقت الجلسة في الحديث عن أعراض الناس ويتبعها نميمة واستهزاء وسخرية، 28 في المئة ذكرن أنهن يقضينها في الحديث عن الشؤون الأسرية الخاصة والمشكلات المنزلية والزوج والأطفال، 15 في المئة يتحدثن عن الموضة والأزياء والأسواق والطبخات والمسلسلات، 11 في المئة يقضين وقت الجلسة في الحديث عن الفن والفنانين، وأن 99.8 في المئة من المشاركات في الاستبانة غير راضيات عن هذا الواقع المؤسف.
حسناً ما هو تاريخ هذه الاستبانة، وأين تمت، وأين التفاصيل العلمية عن الجهة التي قدمت لها هذه الاستبانة؟ لا شيء واضح، فقط هي المعلومات التي ذكرتها لكم. عندما تتم قراءة مثل هذه الخزعبلات يعتقد البعض أنها بحوث علمية رصينة محكمة، فيشهرها ويستدل بها ويعتبرها برهاناً. والحقيقية أنها مجرد أكاذيب لا أكثر. هذا التلاعب وعدم الموضوعية أعتقد أن زمنها قد تلاشى، فنحن نرى ونسمع كثيراً من المشكلات التي تحدث في بعض مجالس الرجال كانت بسبب الكذب، بل ندرك أنه حتى بعض الرجال يمارسون الغيبة والنميمة. الذي أريد الوصول إليه أن الإفلاس الأخلاقي لا لون له ولا جنس له.