التحرش مشكلة شائعة وخطيرة في مصر، ظاهرة منتشرة يمكن ملاحظتها في أي مكان، في السوق ووسائل النقل المزدحمة، وخلال الاحتجاجات، وحتى في الشوارع السكنية، حيث يقدم شبان على تمزيق ملابس الفتيات أو حتى اللحاق بأم حامل ونعتها بأبشع الألفاظ.
ووفقًا للأمم المتحدة، 99.3 بالمئة من نساء مصر تعرضن للتحرش الجنسي أوالاعتداء أو الاغتصاب. ونادرًا ما تتم محاسبة الجناة، أو تقديمهم إلى العدالة، حتى أن مسؤولي الشرطة يلقون باللوم على النساء الضحايا لأنهن "جلبن الامر إلى أنفسهن"، حتى أن البعض منهم يتحرشون بالنساء عندما يتقدمن بالشكوى!
قانون جديد
في الأسبوع الماضي، وافق مجلس الوزراء المصري على مشروع قانون يحدد ويجرم جميع أشكال العنف الجنسي. لكن على الرغم من أن هذا القانون أكثر صرامة من أي قانون سابق، إلا أن النشطاء يقولون إنه ليس كافيًا على الإطلاق.
في حديث لصحيفة هافنغتون بوست، قال ممثل مصر في الاتحاد الدولي لحقوق الإنسان، الذي طلب عدم الكشف عن هويته لأسباب أمنية، إن التعديلات التي أدخلت على قانون العقوبات وحدها لا تكفي للتصدي لوباء العنف الجنسي.
وأضاف: "يجب اتخاذ تدابير شاملة لإصلاح النظام القضائي بأكمله، بما في ذلك تدريب ضباط الشرطة والقضاة وأعضاء النيابة العامة والطب الشرعي".
ويفترض القانون الجديد، الذي لم يدخل حيز التنفيذ حتى الآن، حماية النساء من أي شخص يتعرض للآخرين في مكان عام أو خاص، من خلال الترصد أو المطاردة باستخدام الإيماءات أو الكلمات أو وسائل الاتصال الحديثة أو أية وسيلة أخرى تحمل تلميحات جنسية أو إباحية. ويفرض غرامات باهظة وعقوبات بالسجن لفترات طويلة في حال أدين الجناة بالتحرش. لكنّ المدافعين عن المرأة يثيرون تساؤلات كثيرة حول مدى فعالية هذا القانون وإمكانية تطبيقه.
غير كافية
قالت الدكتورة فاطمة خفاجى، مديرة مكتب الشكاوى في المجلس القومي للمرأة، إن مشروع القانون الجديد خطوة مهمة إنما غير كافية، "فالقانون يطلب من الضحية تقديم شاهدين على الأقل، وفي بعض الحالات أن تقوم شخصيًا بجلب المتحرش لمركز الشرطة".
ووفقًا لدراسة الأمم المتحدة للعام 2013 عن التحرش الجنسي والعنف في مصر، أشار التقرير إلى أن 40 بالمئة من النساء اللواتي شملهن الاستطلاع لم يأتِ أحد لنجدتهن عندما تعرضن للمضايقة أو الاعتداء في الأماكن العامة. وفي ما يقرب من 20 بالمئة من الحالات، لم تتدخل قوات الأمن لحماية الضحية، بل أن أفرادًا من الشرطة سخروا وتحرشوا أنفسهم بالمرأة التي تعرضت للإعتداء.
أثناء وبعد ثورة 25 يناير، تصدرت أعمال الاغتصاب من قبل المحتجين الغوغائيين والبلطجية عناوين الصحف، لكن اصابع الاتهام توجهت أيضًا إلى مسؤولين أمنيين بارتكاب العنف الجنسي، بما في ذلك اختبارات العذرية القسرية والاغتصاب في السجن.
أقتله فورًا!
في مراكز الشرطة في القاهرة، قال العديد من الضباط إنهم لم يسمعوا بالقانون الجديد لمكافحة التحرش الجنسي، وأصر بعضهم في مركز للشرطة في حي البساتين على عدم وجود أي أعمال تحرش في المنطقة، "فقط سرقة وجرائم عنف أخرى".
وقال النقيب أحمد محمود: "هناك فرق بين التحرش الجنسي والمغازلة، انها مجرد محاولة من أحدهم للتعرف إلى الشابة"، مشيرًا إلى أن على المرأة أن تساعد على الحد من العنف الجنسي من خلال ارتداء ملابس أكثر تحفظًا.
وأضاف: "إذا كانت المرأة ترتدي ملابس استفزازية، فالتغيير يجب أن يبدأ من عندها". وعندما سئل كيف سيكون رد فعله في حال تم التحرش بزوجته، قال محمود إن هذا الأمر مستحيل أن يحدث لأن زوجته لا يمكن أن تخرج من المنزل بدونه، في حين أشار ضابط آخر إلى أنه سيقتل المتحرش فورًا.
لعقوبات أشد
في مركز للشرطة في حي المعادي، أشاد المقدم عصام غالي بموافقة الحكومة على مشروع القانون، قائلًا إنه كان ينتظر عقوبات أشد ضد مرتكبي التحرش الجنسي. وقال إنه يتطلع إلى البدء بتنفيذ القانون، على الرغم من انه ليست لديه فكرة متى سيحدث ذلك.
واضاف غالي: "مصر تشهد تدنيًا في الأخلاق، منذ زمن ليس ببعيد كانت النساء يتجولن في الشوارع من دون خوف ويرتدين تنانير قصيرة جدًا".
واشار إلى أن الوضع الحالي في مصر يجعل المرأة خائفة من المشي في الشارع، بل حتى أنها تخاف من التبليغ عن تعرضها للتحرش، كما أن عدم وجود العنصر النسائي في صفوف الشرطة لا يساعد المرأة المصرية على الإطلاق.
إيلاف