كشفت دراسة ميدانية نفذتها منظمة حقوقية أوروبية أن نصف النساء الفلسطينيات الحوامل في قطاع غزة يعانين من مرض فقر الدم "الأنيميا"، بسبب سوء الأحوال المعيشية الناجمة عن الحصار المفروض على القطاع للسنة السابعة على التوالي، والذي اشتد في الأشهر الأربعة الماضية بصورة قياسية.
وذكرت الدراسة، التي عمل عليها "المرصد الأورومتوسطي لحقوق الإنسان"، الذي يتخذ من جنيف مقرًا رئيسًا له ونشرها بعدة لغات، أن ما يشهده قطاع غزة من اشتداد للحصار "فاقم بشكل غير مسبوق الأوضاع الإنسانية للمرأة الفلسطينية عمومًا وحرمها من التمتع بكامل حقوقها الإنسانية، التي تتلاشى كلما اشتد الحصار على مليون وثمانمائة مليون إنسان فلسطيني، كما أن قطع الكهرباء فاقم من معاناة النساء ودفع بهم لوصف الحياة بالجحيم الذي لا يطاق".
وقال المرصد في استعراض نتائج الدراسة، التي تلقت "قدس برس" نسخة عنها، إن القانون الدولي أقر حماية خاصة للنساء تمكنها من العيش بعيدا عن الترهيب والاعتداء وتوفير كافة الاحتياجات الصحية والنفسية والاجتماعية للمرأة وهو ما باتت نساء غزة يفتقدهنّ في الوقت الراهن، لافتًا الأنظار إلى أن "حال المرأة في القطاع جراء الحصار الإسرائيلي القائم منذ عام 2007، والذي اشتد منذ تموز (يوليو) الماضي، تسبب في أن تدفع المرأة الفاتورة الأعلى تكلفة في أوقات الأزمات".
وأجريت الدراسة على عينة عشوائية من 1100 سيدة في قطاع غزة، تتراوح أعمارهن بين 24-50 عاماً، نصفهم من سكان مدينة غزة والنصف الآخر من بقية المحافظات، وذلك في الفترة الممتدة ما بين 14-27 أيلول (سبتمبر) من عام 2013 الجاري.
وأكدت المنظمة الحقوقية الأوروبية أنّ 32.
7 في المائة من السيدات المستطلعة آراؤهن ضمن الدراسة المسحية، والتي رصدت آراء عينة عشوائية، أفدن أن معيل الأسرة فقد عمله ومصدر رزقه عقب إغلاق الأنفاق وتداعيات الأحداث المصرية الأخيرة عقب عزل الرئيس محمد مرسي في الثالث من تموز (يوليو) الماضي.
وذكر 31.
3 في المائة من السيدات المستطلعة آراؤهن أنّ مصدر دخل أسرهنّ تناقص خلال الأشهر الأربعة الماضية، كما أفاد 54.
4 في المائة من السيدات أن أسرهنّ باتت تعاني من تراكم الديون، وأظهرت النتائج في السياق ذاته أنّ نسبة 59 في المائة من الأسر اضطرت إلى بيع بعض من مقتنياتها لسداد أعباء المعيشة.
وقال "المرصد الأورمتوسطي" إن تأزم الوضع الاقتصادي "انعكس بالسلب والضرر على الحياة الأسرية والوضع الاجتماعي والصحي والنفسي لنساء القطاع، إذ عبر 58.
9 في المائة من السيدات عن اعتقادهم أنّ معدل العنف ضد النساء داخل الأسرة قد ازداد في فترة الحصار، بينما أعربت 61.
3 في المائة منهن عن الاعتقاد أن العنف ضد الأطفال تنامى بفعل ضغوط الحصار، وقالت 90 في المائة من النساء إن مستوى العصبية والقلق والتوتر داخل الأسرة ارتفع بشكل ملحوظ".
كما خلّف الفقر وانعدام الأمن الأسري، بحسب الدراسة، معاناة فاقمت الوضع الإنساني للمرأة في القطاع، فقد كشفت 24.
6 في المائة من السيدات عن ارتفاع حالات الطلاق داخل العائلات لسبب عائد إلى تفاعلات الحصار، كما عبّر 23.
1 في المائة من السيدات عن أن أسرهنّ اضطرت إلى تزويج إحدى بناتها زواجاً مبكراً للتخفيف من الأعباء المادية للأسرة، بينما اضطرت 61.
2 في المائة من الأسر المستطلعة إلى تأجيل زواج أحد شبّانها لعجزها عن الإيفاء بتكاليف الزواج.
وفي سياق التعليم؛ عبر 28.
4 في المائة من السيدات عن اعتقادهن أن الحصار وتداعياته تسبب في رسوب أطفالهن في مادة دراسية أو أكثر، في حين أن 7.
9 في المائة من الأسر المستطلعة شهدت حالة تسرّب واحدة على الأقل من مقاعد الدراسة.
وعن أثر الحصار على الوضع الصحي للمرأة في غزة؛ أعربت 49.
9 في المائة منهن عن عدم قدرة أسرهن على توفير التكاليف العلاجية بصورة مريحة.
ونقـلت الدراسة شهادات لربات البيوت عن انعكاس وتداعيات تشديد الحصار على حياتهم اليومية، حيث أكدن أن أزمة الكهرباء انعكست بالسلب على كافة تفاصيل حياتهم اليومية وتسببت لهم بالأرق، خاصة عندما تستخدم الشموع، إذ تتذكر أغلب الأمهات حالات اشتعال المنازل وموت الأطفال حرقاً.
وتعيش النساء بغزة على جدولة حياتهنّ وفق ساعات وصل الكهرباء التي لا تتجاوز الست ساعات يوميا, ويقمن باستغلال هذا التوقيت للقيام بالواجبات المنزلية.
وتتراكم الأزمات على الأسر الغزية إذ تعاني معظمها من شح شديد في المياه المنزلية مما يدفعهم لشراء المياه من شركات خاصة وضخها في الخزانات.