الارشيف / عالم المرأة / أخبار المرأة

إذا كنت زاهداً في الحياة

  • 1/2
  • 2/2

كلما صعدنا على سلم المجد استلهمنا من الآباء والأجداد وتذكرنا حياتهم وطبيعة ما كانوا يقاسونه ويعانونه، لم يكن الحنين لأيام الماضي سواء القريب من طفولتنا أو الماضي الضارب العمق في الزمن، لم يكن اشتياقاً مبنياً على إحباط من الحاضر أو الاستنكاف عن البناء والتعمير والتقدم، بل كان متوازياً معها، نتقدم على سلم المجد والحضارة ومسابقة الأمم، وفي نفس الوقت نولي تراثنا الاهتمام والعناية.
ما يحدث أن هناك مجتمعات في العالم اختارت الماضوية ورفض الحاضر ورفض التقدم ورفض الحضارة بل رفض القيم الحياتية كاملة، فحرمت على نفسها كل المخترعات النبيلة التي ساعدت البشرية مثل الكهرباء والهواتف والمواصلات الحديثة وقررت أن تعيش في عزلة تامة.
أستحضر مقاطعة الآميش التي تقع في ولاية بنسلفانيا في الولايات المتحدة الأمريكية التي اختارت وعلى مدى نحو 300 عام العزلة ورفض التطور ورفض كل أوجه الحياة الحديثة من المواصلات إلى أجهزة الاتصال، بل حتى الكهرباء، والمدهش أنهم يعتمدون على الخيول في تنقلاتهم بدلاً عن السيارات، وحسب الزميلة «الإمارات اليوم» أنه عندما يبلغ شباب الآميش 18 سنة، يذهب مدة ثلاث سنوات لاستكشاف العالم الخارجي، وعليه خلال هذه المدة أن يقرر ما إذا كان يريد البقاء في مجتمع الآميش أم يفضل الحياة العصرية، ويحدث أن أربعة من كل خمسة شبان يفضلون العودة إلى مجتمعهم وتمضية حياتهم هناك لأنهم يعتقدون أن حياة الآميش رغم بساطتها تعمها السعادة.
غني عن القول إن هذه المجموعة وهي دينية وتتبع الإنجيل بدقة لم تكن لتستمر لو لم تجد حماية حكومية وبناء مستوطنات لهم، لأن التطور جارف والمستقبل لن يتوقف عند باب أحد، وإذا كانوا طوال هذه السنوات قد نجحوا في عزل أنفسهم عن محيطهم المتقدم المتحضر فلأنهم اختاروا هذا الطريق بسلام ومحبة مع الآخرين وعدم التصادم والهجوم على التطور والتقدم، المشكلة دوماً لدينا ولدى كل من يختار طريق العزلة ورفض الحضارة هو في صدامه مع محيطة ومجتمعه ومحاولة إلغاء الآخرين ورفض آرائهم، وهو ما يحدث كثيراً في عالمنا.
قد نتفهم زهدك وورعك ومحاولة ابتعادك عن الصخب والضجيج، ولكن لا تصدر فتاوى تكفر أو تجرم كل من يستخدم الكهرباء أو وسائل الاتصال الحديثة، كن كمجتمع الآميش، عش حياتك كما تريد لكن دون صدام أو فرض هذه الحياة حتى على أقرب الناس منك، وعندها لن ينظر لك أحد ولن يهتم بك أو ستكون محل حماية الجميع وحمايتهم.

اشترك فى النشرة البريدية لتحصل على اهم الاخبار بمجرد نشرها

تابعنا على مواقع التواصل الاجتماعى