بدأ لقاء المرشح الرئاسي "عبد الفتاح السيسي" ضمن برنامجه للدعاية الانتخابية مع الإعلام بينما كنت أقرأ رسالة من هيئة الأمم المتحدة للمرأة، تدعو فيها العالم من خلال مجموعتهاالإستشارية العالمية للمجتمع المدنى للامم المتحدة لشئون المرأة ودعوتها المواطنين فى كل أنحاء العالم، لتكثيف العمل على تحقيق المساواة بين الجنسين و تمكين المرأة.
جاء حديث السيسي عن المرأة المصرية، ودعوته لها بالمشاركة فى الانتخابات، ومطالبته لها أن تدفع بشركائها من الرجال الأزواج والأبناء للمشاركة فى الانتخابات موحية بأنه يدرك تماماً أن المرأة المصرية كان لها دور كبير فى الثورتين اللتين وقعتا فى السنوات الثلاث الماضية، و أنه يعلم أن المرأة هى المشارك الأول والأكبر فيما يحدث فى مصر، كان حديثه عن المرأة مبشراً بقيادة سياسية تعى دورها فى بناء المجتمع، وتسعى لمنحها حقوقها والحفاظ على مكاسبها التى حققتها على مر السنين، ويبدو أن مجلس الوزراء استجاب على الفور لرفضه التحرش بالنساء بسن قانون يغلظ فيه العقوبة ضد التحرش، لمواجهة هذه الظاهرة، التى باتت تهدد سمعة مصر عالمياً وتضعها فى مأزق خطير خاصة فيما يتعلق بسمعتها كدولة سياحية.
لكن التجربة أثبتت أن التشريعات وحدها لاتكفى، وأن سن القوانين إذا لم يصاحبها إصرار من الجهات التنفيذية، ومن القيادة السياسية وقبل ذلك من المجتمع كافة، لايكون لها أى تأثير، فإنها تصبح غير ذات جدوى.
سألت السيدة هيباق عثمان، عضو المجموعة الإستشارية العالمية للمجتمع المدنى بهيئة الأمم المتحدة للمرأة عن رؤيتها حول وضع المرأة فى مصر، قالت: الدستور المصرى هو بلاشك إنتصار من حيث "النص"، العديد من المواد فى هذا الدستور تدعم المساواة بين الجنسين وتضع حقوق المرأة فى مكانتها المتساوية مع الرجل، لكنه لايمكن الإعتماد على قوة الكلمات فقط، لأنه عندها سوف يكون هذا الدستور بلا قوة إذا لم يتم تفعيل مواده تماماً.
أضافت هيباق، على المجتمع المدنى وصانعوا السياسات أن يعملوا سوياً لتطوير القوانين التى تعكس قوة هذه المواد الدستورية، وينبغى أيضاً أن يتم تدعيم هذه القوانين من خلال الإعلام والمعلمين بحيث يكون هناك إلتزام مجتمعى بهذ المواد والوصول إلى التأكيد على أن المرأة جزء أساسي من القوة العاملة فى المجتمع المصرى .
ذكرنى كلامها برسالة المجموعة الاستشارية التى جاء فيها أنه فى العام 2015 المقبل من المنتظر أن تحدث ثلاثة أشياء، أولها احتفال بكين بالذكرى العشرين لإعلان وثيقة بكين و ثانيها أن الأهداف الانمائية للألفية سوف تنتهى لتبدأ أهداف انمائية جديدة بعد عام 2015 وثالثها أن العام 2015 سيشهد انعقاد مؤتمر الأحزاب فى باريس و الذى يأمل فيه منظمات المجتمع المدنى ان تعتمد الحكومات و تنفذ الاتفاقيات الخاصة بالمرأة فى مناخ جديد.
يجب علينا فى مصر أيضاً اغتنام تلك الفرصة، و استخدام هذه الأحداث العالمية لدعم قضايا النساء، و الظهور أمام العالم بمظهرنا المتحضر الحقيقى.
فعلى الرغم من التقدم فى وضع المرأة على مستوى العالم إلا أن التحديات الخاصة بالنساء لازالت قائمة، ولازال العديد من النساء و الفتيات فى جميع أنحاء العالم يتعرضن للعنف فى حياتهن، و يتعرضن للتفرقة العنصرية فى القوانين و جميع الممارسات فى بلادهن، حيث يقدر عالميا بأن واحدة من بين كل خمسة من أعضاء البرلمان امرأة ، وأن أعداد قليلة من الأحزاب يترأسها سيدات ، كما تمثل النساء 70% من اجمالى نسبة الفقراء على مستوى العالم، و أن هناك أكثر من 800 مليون امرأة محرومة من الدخول فى سوق العمل.
ولازال يُعتبر وصول المرأة الى وسائل الاعلام و استمرار وجود أشكال التفرقة النمطية على أساس جنسى فى الاعلام و احداً من أهم التحديات.
أخيراً نتمنى أن تكون مصر ووضع المرأة المصرية أفضل بكثير مما هى عليه الآن، وأن تثبت مصر للعالم أجمع أن هناك فى هذا الوادى حضارة نشأت منذ آلاف السنين كانت ولازالت تحترم المرأة، وتعى دورها وتدرك أنها لم تكن مجرد مشارك فى صنع الدولة المصرية، لكنها كانت ولازالت عنصراً فاعلا بشكل كامل فى هذه الدولة وهو الأمر الذى لو حققناه فسوف يدفعنا بلا شك إلى مستقبل زاهر جديد.