قيل بان الإنسان خلق من النسيان ،وهي مجازا تأكيد على أن كل إنسان له دور في الحياة ،أو في حياة اشخاص معينين عايشوه وعرفوه قد يكون محبويا أو مذموما فترة وجوده معهم ،ذلك أنه لا يدوم على الارض حال مهما طال ،وبحمد الله ونعمه علينا أنه منحنا ملكات النسيان لكثير من الأشخاص الذين آلمونا وتسببوا بإحباطنا وكادوا أن يدمرونا لولا رحمة الله بنا ،ونعمة النسيان منحة ربانية للإنسان كي ينسى ما مضى عليه من أحداث ومصائب حلت به ،وظروف عايشها بمرارة نتيجة فعل الإنسان لإن الله سبحانه رحيم بعباده مهما كانوا عصاة أو غير ملتزمين بشرعه ولم يمتثلوا لطاعته فحين يركعون أمامه على سجادة الصلاة ويستغفرونه يسامحهم ويمحوا عنهم سيئاتهم مهما كثرت ،لكن في عالمنا هذا نجد أناس لا يستطيعون نسيان القسوة والمرارة الصادرة عن جهات مسيئة لهم بكل إصرار وترصد كي يحبطوهم.
من أكثر الاحداث التي لن ينساها الفلسطينيون ما جرى إبان النكبة عام 48ثم في أحداث عام 67حين هجروا قسرا عن أرضهم وسلبت ديارهم وأدنى حقوقهم للعيش بسلام ،وإذا يستذكر الفلسطينيون بذكرى النكبة ،تحتفل المرأة دائما من كان بمن كان له فضل عليها وعززها ودعمها بحياته ،ولن تنساها مهما طال بها الزمن ،والمرأة الإنسان الاكثر رقة وشفافية بين البشر لا تنسى من أحبته وغاب عنها ،ولا تنسى أول هدية قدمت لها ،ولا أول تجربة حب في حياتها وإن جاءت متأخرة لإن الحب الحقيقي يتعمق بالقلب بعقل وتفكير نابع من إقتناعها بالشخص الذي أحبته بعمق ثم فجاة غاب دون سابق إنذار ،وأكثر شيئ يؤثر بحياة المراة هي حين تعيش حالة حب صادق فجاة ثم تنسلخ عنها بعد ذبحها وجلدها كالشاة ،كما حدث لأهلنا بفلسطين حين يتعرضون للقمع المستدام من اليهود الجبناء قتلة الانبياء فكيف بالاطفال والنساء في سجون هذه الدويلة المقتعة من قلب الأرض العربية ،و التي زرعت في قلب العالم العربي كي نفرقه وتفسده ،وحين نستذكر النكبة وويلاتها ،تستذكر المراة مرارة معايشتها لإنسان ما أحبته ثم إنفصلت عنه قسريا لأمور خارج إرادتها ،بطلاق أو غياب قسري غير مبرر .
وحين تغني المطربة ميادة بصوت شجي "يا بختك بنعمة النسيان " أقول للكثيرين من المجرمين كي تستبيحون الدماء فتسفكونها بأعصاب باردة ، وتمارسون جرح القلوب بدم بارد  ثم تنسون فعلتكم أسأل :أين ضمائركم ؟وأين إنسانيتكم؟ في ظل زمن أصبح التعامل  الإنساني  رمزا ساميا للكرماء من النشامى الذين قل وجودهم  في هذا الزمن ،فقول لهم ولغيرهم من يجرحون ويقتلون ويدوسون على الآخرين يا بختكم بنعمة النسيان .