الارشيف / عالم المرأة / أخبار المرأة

وفي السماء رزقكم وما توعدون

  • 1/2
  • 2/2

الجميع يريدون حياة مستقرة لا حاجة فيها لأحد، والجميع يريدون النوم وهم مطمئنو البال والخاطر والذهن للغد، هذا السعي يستهدف المستقبل والحاضر، يستهدف سد احتياجات اليوم والأمان في المستقبل، لكن الكثير يحبطون وتنكسر مجاديف أملهم وتطلعاتهم على صخرة الواقع القاسي، بسبب خطأ هنا أو هناك، وفي المقابل هناك أناس كانوا متوثبين يعرفون ما الذي يحتاجه الغد، لتجاوز عقباته وصعوباته، فعملوا على هذه الحلول.
القصص في هذا السياق كثيرة ومتنوعة، لعل من بينها قصة روتها إحدى الصديقات تقول: «تم تربيتي تربية صارمة وسط حياة عملية، وكان والدي دوماً يقول لا تضعي يا ابنتي رقبتك بيد أحد أبداً، وكان يركز على تعليمنا تعليماً نوعياً حتى نتمكن بعد التخرج من الحصول على وظيفة مرموقة»، تضيف: «لا أنسى أيام الدراسة وكل الشدة التي كان يظهرها أبي تجاهي وتجاه أخوتي، ومراقبته لاستذكارنا دروسنا ومتابعته المستمرة، لقد كنت شديدة الغضب عليه بل وأدعو عليه، لأن الشيء الوحيد في حياته الذي كان يبسطه سماع أخبار تفوقنا ونجاحنا ولا شيء آخر، اليوم وأنا أستذكر والدي رحمة الله، أبكي، لأني أعيش حياة مترفة في وظيفة مرموقة وجميع أخوتي كذلك. أعيش حياة مستقلة قوية متسلحة بالعلم والثقافة والمعرفة، أشعر بتأنيب ضمير لكل سوء الظن الذي تلبسني تجاه أبي الذي كان صادقاً معي ومع أخوتي وسخر خبرته في الحياة لفائدتنا، فقد أدرك ما الذي نحتاجه وحرص على حمايتنا ليس بدفاعه هو عنا، وإنما بتسليحنا بسلاح قوي وهو التعليم والقراءة والسعي نحو اكتساب المعارف والعلوم».
هذه كلمات سيدة تتسنم اليوم منصباً مرموقاً ولديها أسرة مستقرة مبدعة، لكنها في مراهقتها كرهت أبيها، لأنها في ذلك السن لم تدرك الرسالة ولم تستوعب المعنى الذي يعمل عليه الأب من أجلها وأخوتها.
كثير من أبناء وبنات اليوم يعتقدون أن الحياة أسواق وترف ولعب وتمضية أوقاتهم من دون فائدة واستفادة، وأخشى أن هؤلاء هم أكثر الناس دفعاً لثمن باهظ وقاس في المستقبل، يتمثل في التعب والإرهاق والضغوط الحياتية وقسوة الآخرين.
وللأجيال اعملوا وكدوا اليوم، لتنعموا في الغد براحة وانطلاق، ركزوا على استذكاركم وطوروا مهاراتكم، لأنها سلاحكم في مواجهة التحديات والصعوبات، ولنتذكر جميعا قوله تعالى: «وفي السماء رزقكم وما توعدون» وهذا لا ينافي أو يتقاطع مع بذل الأسباب والعمل والاجتهاد، بل لا ينافي أن نكون أكثر انضباطاً وجدية وننظر للمستقبل بثقة واطمئنان.

اشترك فى النشرة البريدية لتحصل على اهم الاخبار بمجرد نشرها

تابعنا على مواقع التواصل الاجتماعى