الكتاب والقراءة والثقافة والمرأة، أين نحن منها هذه الأيام التي تسابق الزمن في الحراك الثقافي والحضاري، بشكل دائم وسريع ؟ وقفت عند هه الاسئلة بعد لقاء دافئ مع مجموعة، ( سيدات صالون الكتاب ) تلبية لدعوة من السيدة أديل نحاس التي كان دورها في اسضافة المجموعة هذا الشهر كما هو برنامجهن . استضافتني سيدات الصالون لالقاء الضوء بشكل خاص ومناقشة ما يجري في القدس من أحداث، وذلك باسترجاع التاريخ الاجتماعي والسياسي من خلال كتابي الذي صدرت طبعته الثالثة مؤخرا ( القدس والبنت الشلبية ) . كان اللقاء حميميا ودافئا في شقة السيدة نحاس والتي تدل على ذوق راق، يضفي على اللقاء جوا تشعر فيه وكأن المكان يضم” لمّة “لأفراد عائلة “متفاهمة “ تلتقي بالعقل والعاطفة .
نساء تقرأ وتتفاعل مع الكتاب والكلمة المكتوبة والمقروءة، هكذا وجدت الجو مع “اللمّة “ رغم أن المعلومات أو الانطباعات عن موضوع القراءة بشكل عام في عالمنا العربي ومجتمعنا المحلي، ليست في صالح المرأة ولا الرجل كما تشير دراسات الأمم المتحدة، إذْ يتبين أن معدل القراءة للفرد العربي، لا تتجاوز10 دقائق في السنة و مقابل 12 ألف دقيقة للمواطن الاوروبي . وهي معلومات مذهلة ومخيفة . أيضا، فإن عدد الكتب المؤلفة سنويا والمتوافرة للفرد العربي في جميع مراحل الاعمار المختلفة، مقارنة بالغرب تعزز هذه النتيجة المخجلة، ولن أخوض بها فالاحصاءات مذلةّ . . و يبدو أن “ سيدات الصالون “ قد وجدن حاجة ملّحة للقراءة إحدى وسائل الاتصال الضرورية التي لم تقض بعد وسائل الاتصال التكنولوجية والاعلامية عليه والاستغناء عن الورق والكتاب، للحصول على الثقافة والمعرفة.
لا غرابة كون المثقفين والكتاب وأصحاب الرأي يتناولون هذا الموضوع بشكل النقد السلبي ويكثرون من جلد الذات بالنسبة للخلل الواضح والمعيب في مجتمعاتنا العربية ومجتمعنا المحلي بشكل خاص . وأجد أن هذا” الجلد “مفيد من مدة وأخرى لخلق صدمة، تنشط” قلب الوعي “ الذي قد يصل في بعض الأوقات الى درجة الموت السريري.ولكي تخلق حوافز تدفع الحركة للأمام . أما أسباب نسبة تدني الإقدام على القراءة فهي أسباب متعددة، يعيشها المجتمع وليس الفرد . التنشئة الاجتماعية هي الأهم على مستوى المؤسسات التعليمية والمعرفية، اذ لا تشجع القراءة الحرة، خارج المنهاج المقرر في المؤسسات النعليمية الرسمية والأهلية، وإن كانت بنسب مختلفة . وتمر اللغة العربية بأزمة اليوم بسبب تهميشها، إن لم يكن قسرا، فهو أيضا اختياري.
الثقافة العامة التي نريد هي أن تسمح للعقل أن يكون ناقدا أو مبدعا، خياله لا يموت مع التطور التكنولوجي الذي بدل لأن يكون نعمة على الانسان، يصبح نقمة أذا لم يوظف توظيفا سليما . فالقراءة كما يجب أن تكون، هي لتغذية العقل واللسان والروح والخيال، واللغة العربية التي هي الوعاء الذي يحمل الحضارة والثقافة والتراث الفكري وتشكل الهوية تواجه اليوم أزمة كبيرة، لا بد من مناقشتها وايجاد الحلول من الجهات الرسمية المعنية ومن مؤسسات المجتمع المدني التي أصبح لها دورا في عملية الاصلاح .
ما تقوم به هذه المجموعة من النساء، بشكل اختياري وعن وعيّ مسبق لهو مساهمة على ابقاء اللغة العربية اسلوبا وحاجة للتواصل المعرفي والابداعي . شعرت وسعدت بأنهن يعرفن الكتب الصادرة القديمة والجديدة والمعلومات عن القدس التي لها منزلة في القلب . بالاضافة إلى تعزيز قولي عندما تلامست معهن بالكلمة والعاطفة وأنا أقرأ ما طلبن من كتابي : ( عزوز يغني للحب : قصص فلسطينية من ألف قصة وقصة ) . سعدت وقد شعرت فعلا أن( الكتاب أحسن صديق ) مع جمع جميل يحب الكتاب !