قضاة شرعيون ورجال دين مسيحيون وأكاديميون ومدافعون عن حقوق المرأة، احتضنتهم الجامعة الأردنية لإجراء دراسة تتناول واقع المرأة في تشريعات الأحوال الشخصية والمحاكم الدينية في الأردن.
تعتبر الدراسة التي يشرف عليها “مركز دراسات المرأة” في الجامعة الأردنية، هي الأولى من نوعها التي تبحث في مواطن الضعف والقوة والتحديات والعقبات والمشاكل التي تواجه المرأة في قوانين الأحوال الشخصية الإسلامية والمسيحية معا.
وتفتح الدراسة ملفات المحاكم الشرعية والكنيسية، وستلتقي مع المرأة المستهدفة بدرجة أكبر، إلى جانب الاستماع لمشورة ورأي أهل الخبرة والعاملين في الميدان، للخروج برؤية تصل في نهاية المطاف إلى تصور شكل قوانين الأحوال الشخصية التي تراعي المعايير والاتفاقيات الدولية، مستمدة من الشريعة الإسلامية المختصة بالمسلمين، ومن المسيحية بالنسبة إلى المسيحيين.
وأكد رئيس الجامعة الأردنية رئيس اللجنة التوجيهية للدراسة الدكتور اخليف الطراونة، في كلمته على أن الجامعة الأردنية ستدعم الدراسة الأكاديمية للوصول إلى رؤية وتوصيات ستوضع أمام صاحب القرار في السلطتين التشريعية والتنفيذية، بغية تبنيها وتنفيذها.
وكشف أن الجامعة الأردنية باعتبارها أم الجامعات في الأردن، يوضع على عاتقها دور ريادي لحمل منارة العلم والمعرفة والفكر ونقله إلى المجتمع للاستفادة منه، مشيرا إلى أنها دأبت على قيادة حراك أكاديمي ترك بصمة واضحة على مسيرة الوطن، لافتا إلى الدور المتنامي الأخير لمركز دراسات المرأة في إثراء البحث الأكاديمي في قضايا المرأة والنوع الاجتماعي، واصفا الدراسة بالجريئة كونها تلامس النساء في أروقة المحاكم.
وأوضح الطراونة، أنه يدعم الدراسة لأهميتها وحاجة المجتمع الملحة لتسليط الضوء على الجوانب المتعلقة بالأحوال الشخصية، قائلا، “دورنا كجامعة ريادية أن نجابه المشاكل قبل حدوثها، عبر إجراء الدراسات والأبحاث وإيجاد الحلول الناجعة”.
وأشار إلى أن الدراسة أكاديمية بحته غايتها الوصول إلى الحقيقة والارتقاء بمستوى الأداء، منبّها إلى ضرورة أن تؤخذ توصيات الدراسة على محمل الجد، وتتبنى من أصحاب القرار، وأن تنال عناية طلبة الماجستير والدراسات العليا والباحثين.
كما بيّنت مديرة مركز دراسات المرأة، الدكتورة عبير دبابنة، دور المركز في إعادة تشكيل المجتمع لتحقيق هدف الجامعة في هذا المجال، مشددة على أن الأسرة التي لا تعيش بسلام لن تؤدي إلى السلام في المجتمع.
ولفتت إلى أن الدراسة بحثية أكاديمية قانونية تحليلية لمنظومة تشريعات الأحوال الشخصية للمسلمين وغير المسلمين (المسيحيين) لطائفة اللاتين الكاثوليك، والأرثوذكس والأسقفية العربية الإنجيلية.
وذكرت أنه سيتبعُ الدراسة المقرر إعلان نتائجها خلال الأشهر المقبلة، مؤتمر وطني أو إقليمي، تلتقي فيه جميع الجهات والخبرات المهتمة، لعرض مخرجات الدراسة والخروج بالتوصيات الموجهة لصانعي القرار لإحداث التغيير المنشود.
وأظهرت الدكتورة الدبابنة، أن الدراسة ستأخذ مسارات عدة: أولها مراجعة التشريعات ومعرفة مواءمتها مع الاتفاقيات الدولية، وثانيها النزول إلى الميدان والاستماع إلى نبض الشارع، لاسيما أننا نواجه مشكلة ارتفاع نسبة الطلاق في المجتمع الأردني عند كلا الطرفين المسلمين والمسيحيين، وهو مؤشر على أن منظومة التشريعات قد يعتريها خلل في التواصل مع حاجات المجتمع وأفراده، في ظل أن القوانين المتعلقة بالمسيحيين لم يطرأ عليها تغيير أو تعديل منذ نشأة المملكة. ويتمثل المسار الثالث في الاستماع للقضاة الشرعيين والكنسيين والمحامين والمحاميات، وملفات المحاكم والأرقام والبيانات، مشيرة إلى عدم وجود قاضيات في هذا المجال رغم الحاجة الملحة لوجودهن، لأن لديهن القدرة على التواصل مع النساء في نزاع مع القانون، نظرا إلى حساسية القضايا في بعض الأحيان.
من جانبها أكدت الخبيرة الدولية في قضايا المرأة وحقوق الإنسان عضو الهيئة المستقلة للانتخاب، أسمى خضر، أن “غياب النساء في المحاكم الكنسية والشرعية غير ملائم، موضحة أن النساء يشعرن بالرهبة خصوصا أثناء سردهن لتفاصيل حساسة ومحرجة أمام قضاة ذكور”. وبيّنت خضر، “لا يوجد ما يمنع من وجود النساء في المحاكم الدينية والقوانين لا تمنع ذلك”، مشددة على أننا “في حاجة إلى رؤية ضميرية روحية لإشكالات العائلة في المحاكم”.
وقدّم القاضي أشرف العمري، ممثلا عن قاضي القضاة الدكتور أحمد هليل، ملخصا لواقع المرأة في تشريعات الأحوال الشخصية للمسلمين في الأردن، مبيّنا أن دائرة قاضي القضاة تسعى إلى إعادة هيكلة التقاضي داخل المحاكم الشرعية في الأردن، مثنيا على دور الدائرة في توفير بيانات احصائية شفافة ومتكاملة ودورية، مشيرا إلى أن جميع الملاحظات في إجراءات التقاضي يتم جمعها وباستمرار لمعالجتها، وتحقيق العدالة المنشودة. فيما قدّم المحامي نزار الديات ملخصا عن واقع المرأة في تشريعات الأحوال الشخصية للمسيحيين في الأردن.