الارشيف / عالم المرأة

من قصرٍ إلى غابة..

خرجت من قصرها لتجد نفسها في عالم مجنونْ

في غابة لا شرع فيها و لا ديانة و لا قانونْ

فيها أناس مجهولونْ

و بأنفسهم جداً معجبونْ

يظنون أنهم غير الناس مخلوقونْ

أو من كوكب غير الأرض آتونْ

و أفضل منهم بشراً لا يتخيلونْ

على أطلال ماضٍ منصرمٍ يعيشونْ

و بقسمة الله لا يرضونْ

على تاريخهم يتحسرونْ

و نعم الله لا يقدرونْ

يحملون الإثم و الظنونْ

حتى الخطاب و النقاش لا يفهمونْ

أو يفهمون كما يحلو لهم و يفسّرونْ

لا يقدّرون غيرهم و لا يحترمونْ

و غير صوتهم لا يسمعونْ

لم تدرك أهي الغريبة ؟ أم هم لا يفقهونْ ؟

فالتزمتْ الصمت و السكونْ

بين ضجيجٍ و صخبٍ و مجونْ

يبدون غير ما في قلوبهم يكنونْ

لباس التقوى أمام الناس يرتدونْ

و من داخلهم شيطانيونْ

يظهرون الحب و الود وهم كارهونْ

و بمصائب الناس يشمتونْ

على الأثرياء يحقدونْ

و في سكنهم و لباسهم يقلّدونْ

و بما أنفقوا دائماً يتباهونْ

وعلى خلق الله يتعالونْ

و يعشقون كثيراً أن يُمجَّدونْ

يعتقدون أن المال يملأ العيونْ

ينفقون ليقال عنهم مُكرِمونْ

لا يدركون أنهم مبذرون و مُسرفونْ

عندما ينفقون ما لا يملكونْ

و بالمنِّ و الأذى صدقاتهم يلحِقونْ

و بالهمجية و القبليّة يعيشونْ

كالبدو الرُّحل يتنقلونْ

بحلٍ و ترحالٍ على حالٍ لا يستقرونْ

بالصراخ و عالِ الصوت يتحدثونْ

و بالهروب مشاكلهم يحلّونْ

رجالهم بأحاديث النساء يتكلّمونْ

يقدّسون صاحب المال و يكرِمونْ

ويذلون الفقير الضعيف و ينهرونْ

حتى وإن كان أخاهم يهينونْ

يجعلونه خادماً و منه يهزؤونْ

متعجرفون .. متراؤون .. متكبرونْ

ليخفوا نقصهم دائماً غيرهم ينتقدونْ

الأدوية و العقاقير الغريبة يتعاطونْ

و على العيادات النفسية يتردّدونْ

و أشّك أنهم يتعاطوا الحشيش أو الأفيونْ

يجهلون أن الكلمة الطيبة ذوقٌ و فنونْ

همهم بطونهم كأنهم من الجوع يتضوّرونْ

يصبحون و يمسون يطبخون و يأكلونْ

و أضحوا في بيتها الطعام يبيعونْ

و كما يحلو لهم يغيرون فيه و يبدّلونْ

بقانون القوةِ و الإكراهِ يحكمونْ

باتوا بكل أمرٍ يتدخّلونْ

ليلهم و نهارهم يتهامسونْ

و إذا تحدّثت مع خليلاتها يغارونْ

و إن صمتت يتغامزون و يتلامزونْ

و لحديثها السمع يختلسونْ

و يفتّشون خلفها و يبحثونْ

و السر دائماً يفشونْ

و مهما فعلت يتذمّرونْ

يظنون بها كما بأنفسهم يظنونْ

و من الموبايل يضجرونْ

لأنهم التكنولوجيا لا يعرفونْ

كادوا أن يقودوها إلى الجنونْ

لولا أن عقلها موزونْ

و قد جُنَّ من قبلها ساكنونْ

فغادروا المكان و بدوا للشفاءِ يتماثلونْ

               ******

اهتمت بأشيائهم السخيفة لعلهم يُسعدونْ

تخلّت عن بعض أفكارها و مواقفها علَّهم يتقاربونْ

و تركتهم في سكنها يصولون و يجولونْ

و لكن أصبحوا الخطوط الحمر يتجاوزونْ

و بالمبادئ و القيم يعبثونْ

عفويتها و حيائها يخدشونْ

فهي لا تعرف الكذب، النفاق، و سوء الظنونْ

               ******

عاشت صراع، هل تبقى معهم و هم معقدّونْ ؟

أم تغادر ؟ فهذا زواجٌ غير ميمونْ

نظرت بعينٍ إيجابية لترى في الغابة جنّاتٍ و عيونْ

و عن النار و اللظى أغمضت الجفونْ

تفاءلت بأن حتى الوحوش يروَّضونْ

و الإنسان يهذّب بالعلم و الأدب و الفنونْ

قالت : سأبقى و الله أعلم ما تخبّئ السنونْ

حتى و إن غفوت كل ليلة على دمع العيونْ

و أُسلِّم أمري لربٍ لا ينسى مظلوم و لا محزونْ

               ******

و لكن لم و لن تستطيع العيش بلا محبّةٍ و قلب حنونْ

أو أن تغرق بما يغرقونْ

ذهبت البسمة و تبدّلت نظرة العيونْ

قالوا : اخترناكي لأنّكِ ممن يضحكون و يمرحونْ

قالت : لا أستطيع التلوّن كما تتلوّنونْ

و أنتم شعاع بسمتي و سعادتي تطفؤونْ

و أخترتكم لأني عهدتكم الطيبونْ

و اليوم عن أنيابكم تكشّرونْ

و أزعجهم سكوتها و هذا السكونْ

و ليتهم لغة الصمت يفهمونْ

و أصبحوا دائماً لديها يختصمّونْ

فعلى الصدق و الإستقامة لا يقوونْ

و ليست ممن للجميل ينكرونْ

فتقتل ما كان والديها يغرسونْ

من عزٍّ و كرامة و خُلقٍ مزيونْ

               ******

اختارت الصبر علَّهم إلى رُشدهم يعودونْ

فباتوا ينسجون حولها القصص و يفترونْ

و يقلبون الحقائق و دور المظلوم يمثّلونْ

و لُحرمات بيتها ينتهكونْ

فيعبثون و يسرقون و ينهبونْ

منافقون .. مخادعون .. محتالونْ

تركوها وحيدة لشهورٍ لا يسألونْ

و هم في جُحرهم مختبؤونْ

كأنهم لا يشعرون ! و ليسوا أمام الله عنها مسؤولونْ

و عادت لوطنٍ جريحٍ و أهله منكوبونْ

بما فعله هم و أمثالهم المجرمونْ

و كلما خاطَبَتهم بالحُسنى يقسونْ

يريدون كسر غصن الزيتونْ

               ******

ثمّ بعد ذلك أدركوا أنهم مخطئونْ

و أصبحوا لعودتها يتوقونْ

و أرسلوا الرُسل ليُصلِحونْ

و لكن .. عذراً .. فهم جداً متأخّرونْ

و أفعالهم مشينةٌ و كأنهم بالإسلام لا يدينونْ

فكان لا بدَّ للرد بالشرعِ و القانونْ

_ هل بعد ذلك يلومها اللائمونْ ؟ _

و هذا ما لم يكونوا يتصوّرونْ

فرسمت النهاية كما تشاءُ هي و ليس كما يشاؤونْ

و أدّوا لها الحقوق و هم مُكرهونْ

إلا أشيائها سرقوهم حيلةً فهم بها طامعون

               ******

و جاء الناس لها مواسونْ

قالت : بل بلاءٌ و دَعَوتُ ربّي أن يكشفونْ

فاستجاب فهنّئوني إن كنتم لي محبّونْ

عشت بشهورٍ ما يعيشه الناس لقرونْ

كانت تجربة غنيّة منها نستفيد و تستفيدونْ

زادتّني قوةً و إيماناً و تعلّمت دعاء ذا النونْ

فأُرسلت  إلي ملائكةٌ منزّلونْ

و وجدت حولي الطيّبات و الطيّبونْ

و أخواتٌ كُثر كالأمِّ الحنونْ

و لسنا على قدرنا معترضونْ

و سنبقى للمعروف و الخير فاعلونْ

و إن كان أهله له منكرونْ

و ستعود البسمة لوجهي كما كنتم تعهدونْ

و لا يعنيني ما قالوا و ما سيقولونْ

من حججٍ واهيةٍ للناس يبررونْ

و الله أعلم بما يكتمونْ

و سيعود عليهم شر ما يفعلونْ

و نرى أي منقلب ينقلبونْ

               ******

و أكثر ما عَجِبَتْ ممن كانت تظنهم المقرّبونْ

تآلوا عليها و أدّعوا بأنهم كل شيء يعرفونْ

و كأنهم كانوا معها يشاهدون و يسمعونْ

قالت : ليتكم بقيتم صامتونْ

لنحفظ ودّاً نحن عليه حريصونْ

فهذه قضيتي، لماذا أنتم تتدخّلونْ ؟

ما لكم كيف تحكمونْ ؟

و لم تسمعوا مني حديثاً لتروونْ

و تَدَّعون كتاب الله تدرسون و تحفظونْ

ألم تقرأوا { وَ لَا تَعْضُلُوهُنَّ } بالمعروف عاشروهنْ

{ لَا تُخْرِجُوهُنَّ مِنْ بُيُوتِهِنَّ } و حقوقهن لا تأكلونْ

أم لأنّي صامتة و لست ممن بالأحاديث يلغوونْ

أصبحتم عني الروايات تؤلّفونْ

و أحاديثٌ تفترى تتداولونْ

فاليوم يبوحُ قلمي بأدبٍ فلست ممّن يتواقحونْ

أو يتكلمون بالسر و لا يُعلنونْ

و الأقاصيص المزيفة يعيدون و يكرّرونْ

فيزيدون فيها و ينقصونْ

و لا أخشى في الحق لوم اللائمونْ

               ******

عادت إلى مملكتها و تركتهم في غابتهم يسرحونْ

و لكلِّ ظالم نهايةٌ كما كانت نهاية فرعونْ

و كما قال ربنا { وَ يَمُدُّهُمْ فِي طُغْيَانِهِمْ يَعْمَهُونَ }

و العبرة في الخواتيمِ كما يقولونْ

               ******

تلك فتاة تستحق لقصتها أن تصغونْ

كانت كعقدٍ من لؤلؤٍ مكنونْ

وقع بأيدي ظالم مجنونْ

و لكن الدر الأصيل بقي و سيبقى مصونْ

و الظلم ممحوقٌ إلى يوم يبعثونْ

و المتكبّرون عن رحمة ربهم مبعَدونْ

و على الصراط مُحالٌ أن يمرّونْ

فلا تبديل لسنَّة الله في الكونْ

               ******

هذه القصة رويناها لكم جداً مختصرونْ

ففي جعبتي الكثير و خشيت أن تملّونْ

و لم أذكر الأسماء كوني أحترم القانونْ

لكنكم جيداً بطلة الرواية تعرفونْ

فإن كنتم بالمزيد ترغبونْ

و تسمعون قصصاً لها قد تشيبونْ

و تشاهدون صوراً قد تصدقون أو لا تصدقونْ

و أحداثاً كالتي نشاهدها في التلفزيونْ

فسأقصّها عليكم من الألف إلى الياء مروراً بالنونْ

بمجلداتٍ مكتوبةٍ بماء العيونْ

و ليس في الحكاية إثمٌ .. هكذا علماؤنا يفتونْ

فإذا تحدّثنا عن ظالمٍ لا نُكتب مغتابونْ

               ******

وضعت العنوان صباحاً فأتاني مهتمّونْ

أشكر المارّون على حروفي و القارؤونْ

و أُسعد بالتعليق إن كنتم بسطوري معجبونْ

لست بأديبةٍ و لا شاعرةٍ و لكن أُحبُّ الكلام الموزونْ

و أعشق من الحركات السكونْ

  رهف اللبني

13/5/2014

اشترك فى النشرة البريدية لتحصل على اهم الاخبار بمجرد نشرها

تابعنا على مواقع التواصل الاجتماعى