إنه لخزي وعار على المسلمين أن يقابلوا سبي النساء والتنكيل بهن من قبل مجموعة “بوكو حرام” بالصمت المطبق، وكأن الأمر طبيعي، أو لعله تشريع ضمني باغتصاب نصف المجتمع وتحويله إلى أداة متعة وإشباع غريزي للمتشدّدين.
حين علت الأصوات الغربية مندّدة بعملية الخطف الجماعي للفتيات النيجيريات وبمثل هذه الأفعال المنكلة بالمرأة، لم ترفع في المجتمعات العربية والإســلامية سوى بــعض الأصوات الخـافتة التي تحاول اللحاق بالركـب متأخرة.
ولسنا ندري لماذا لم تبادر هذه المجتمعات المعنية بالدرجة الأولى بالتصدي إلى هذه الحوادث التي تمر في كل مرة دون أن يرمش لها جفن أو يحرك ضدها ساكن.
الإجابة واضحة ولا تحتاج لتعلات واهية، فأنظمة هذه المجتمعات الذكورية تغض دائما الطرف عن الانتهاكات ضد حقوق النساء وتجد الذرائع لتبرير جرائم المنتهكين لحقوق المرأة.
إن جماعات القتل والذبح هذه لم تنشأ من فراغ، أو قادمة من عالم خفي، أو تسوقها الأنظمة الغربية كما يعلل بعض المدعين في الدين معرفة، بل تمخضت عن بعض أنظمة الإسلام السياسي والأحزاب الدينية والطائفية داخل وخارج النظم الحاكمة التي ما زالت متمسكة بثقافات بالية تنظر إلى المرأة على أنها كائن خُلق لمتعة الذكر، وأباحت له مساحة شاسعة في فتاويها وقوانينها الأصولية لممارسة سلطته عليها وإجبارها على تلبية رغباته ومتطلباته.
والحقيقة أن هناك وجه شبه كبير بين انتهاك حقوق النساء على يد “بوكو حرام” في نيجيريا وما يدعو إليه القانون الجعفري في العراق وإباحته لاغتصاب الصغيرات، والحلقات الدينية المتشددة في السعودية التي تمنع منح المرأة حقوقها المشروعة، وما تعانيه النساء الأفغانيات سواء تحت حكم طالبان آنذاك أو تحت ترهيب ما بقي من هذا التنظيم، من ظلم وقـهر وحرمان.
ورغم الغياب الواضح للأحكام القانونية المكتوبة أو المراسيم الرسمية التي تفوّض صراحة الوصاية الذكورية على المرأة، فإن بعض الحكومات تستخدم ترسانة معقدة من القوانين والسياسات والآليات لتمرير نظامها القمعي ضد النساء.
ويبقى واقع المرأة في عدة مجتمعات إسلامية وعربية أخرى مجهولا في ظل انعدام الأمن وخطر التطرف الديني اللذين يحدان من حرية النساء ويحرمانهن من أبسط حقوقهن، وتعيش الملايين منهن ظروفا صعبة بسبب سيطرة أيديولوجيات خاضعة لمنظومات فكرية تستند إلى التطرف والجهل.
ويلعب رجال الدين والفقهاء ووجوه الإسلام السياسي دورا محوريا في تطبيق الوصاية الذكورية، وقَلَّ أن نجد فقيها يُجادل بشأن التمتع بحق المواطنة الكاملة في مجتمعها، وتتجاهل معظم الأنظمة الإسلامية المواثيق الدولية وأيضا المبادئ الإسلامية التي تدعم المساواة بين الجنسين.
فهل يمكن لإرهابيي التنظيمات الإسلامية المتشددة أن يقودوا الشعوب إلى التحضر ويرتقون بها إلى مصاف المجتمعات المتقدمة بأعمالهم الهمجية وفتاواهم الملونة بشهواتهم الجنسية ورغباتهم المتكالبة في استباحة أجساد النساء بقوة السلاح والمقايضة بحقوقهن في صفقات تمر خفية وعلنا.