أشبع علماء النفس والاجتماع العالم بالحديث عن حاجات الإنسان ومتطلباته الأساسية والآنية، وبات هناك شبه إجماع على جملة من المتطلبات الرئيسة والتي بواسطتها تكتمل لأي إنسان منظومة السعادة أو قد تكون رافداً مهماً لتحقيقها، وإذا أمعنا النظر في مثل هذه المتطلبات نجد أنها مهمة في حياتنا. أولها ودون منازع الأمن، والذي إذا فقد أو تلاشى أو اهتز لا تتوقع تنمية ولا تطوراً ولا تقدماً، بل لا تتوقع أن تشاهد حتى قيم حقوق الإنسان ولا مبادئ وحتى تطلعات للمستقبل.
والحديث عن أهمية أمن الأوطان والمجتمعات ملح ولا يحتمل أي تشكيك لأنها أهمية ماثلة في حياة كل فرد ولها أثر مباشر في معيشة هذا الفرد ومن ثم في منظومة المجتمع برمته، وبات من نافلة القول إنه إذا فقد الأمن فقدت مقومات الحياة وانحدرت الإنسانية إلى مستوى متدنٍ .. ولن أذهب بعيداً ففي عالم اليوم شواهد عدة ومثل نراها على نشرات الأخبار، حيث القتل وسفك دم الأبرياء وتشريد الضعفاء والاعتداء على النساء وقتل حتى الأطفال، وهذه أفعال لا تمارسها حتى الحيوانات.. بغياب الأمن تغيب أعظم فضيلة عرفها الإنسان وهي القانون والنظام وتتحول الحياة إلى فوضى لا تطاق البقاء فيها للأقوى والأكثر عنفاً وقسوة.
إذا انتشرت مظلة الأمن فأنت وضعت الأرضية الخصبة للتنمية وللتقدم، فهل تتصورون اقتصاداً قوياً دون أمن، أو تعليماً متميزاً دون أمن، أو رعاية صحية راقية دون أمن.. إن مثلث الحياة في المجتمعات الحديثة المتحضرة: الاقتصاد والتعليم والصحة، لا يمكن تحقيقها وتصاعدها دون أمن شامل وعام، أمن يشعر فيه الجميع بقوة القانون وبقوة النظام، فهل تتوقعون اقتصاداً متيناً راقياً في مجتمع تنتشر فيه الجريمة وتكثر فيه السرقات؟!
غني عن القول إن هذا مستحيل وبالمثل في جانب التعليم، هل ستكون العملية التعليمية متوازية مع مجتمع معدلات الجريمة فيه تتصاعد، ومعدلات الجنح الأخلاقية لأبنائه متزايدة، جميعنا سنقول لا .. وبالمثل الرعاية الصحية.. نحن بحاجة لنشعر أن هذا الأمن الذي نعيشه نعمة عظيمة لا تقل أهمية عن أي خطوة تخطوها بلادنا في أي مجال من المجالات، نريد أن نعظم كل هذه المنجزات ونعمل جميعاً على المحافظة عليها.
وأستذكر في هذا السياق حكمة أو مقولة مشهورة وقد يكون معظمنا لديه علم بها وهي: «نعمتان مجحودتان .. الأمن في الأوطان والصحة في الأبدان». فلنكن أول سد وحصن لحماية مقدراتنا ومنجزاتنا أمام كل حاسد وحاقد.