تتمتع بقوى خارقة، لا تنقصها الشجاعة، وتتحرك بسرعة خاطفة للدفاع عن النساء المقهورات، وإعطاء الرجال الأشرار درسا لا ينسونه بسهولة.
لا عجب إذا جعلتك الكلمات السابقة تفكر في شخصية خيالية غربية شهيرة مثل "المرأة القط". ولكن البطلة الخارقة التى نتحدث عنها مصرية صميمة، كما يدل اسمها، وهو نفس اسم العاصمة المصرية.
"قاهرة" شخصية من وحي خيال دينا محمد، التي ألفت سلسلة من القصص المصورة بطلتها تمتلك قدرات خاصة ومهارات قتالية، تسعى لمساعدة النساء اللاتي يواجهن العنف والتحرش في الشارع.
الفكرة كلها بدأت كمزحة لدينا، التي تبلغ من العمر ١٩ عاما، مع أصدقاء لها.
وتقول لبي بي سي "يمكن أن أقول إن الأمر كله كان وسيلتي للتعامل مع بعض الأمور التي كانت تزعجني.
وتضيف ضاحكة "في ذلك الوقت بدت فكرة الحصول على قوى خارقة أمرا رائعا بحق".
لكن عندما بدأت طالبة الفنون في وضع حلقات قصصها المصورة علي مدونة خصصتها لها على شبكة الإنترنت، تحول الأمر إلي ما هو أكثر من مجرد مزحة بين أصدقاء.
وخلال أشهر قليلة فقط، نجحت قصصها المصورة في جذب مئات الآلاف من القراء، فمنذ شهر سبتمبر/أيلول فقط زار الموقع أكثر من ٥٠٠ ألف زائر.
ومع انتشار الأخبار وازدياد شعبية القصص علي الإنترنت، حصلت دينا أيضا على أكثر من عرض من ناشرين لتحويل السلسلة إلي نسخة مطبوعة.
كانت هناك بعض ردود الأفعال السلبية بالطبع، أغلبها يلوم دينا على اعتناق فكرة غربية في الأساس كالبطلة الخارقة، أو القصص المصورة المعروفة في الغرب بالـ"كوميكس".
لكن دينا تختلف مع هذا النقد، وترى أن العالم أصبح أصغر من أن تظل بعض الأشياء محصورة في منطقة جغرافية بعينها.
وتضيف "كلنا منفتحون على وسائل الإعلام الغربية وعلى أشياء مثل القصص المصورة. كل ما فعلته هو أني قد تفاعلت مع ذلك على طريقتي الخاصة".
محجبة خارقة
هناك اختلاف واضح بين البطلة في سلسلة قصص دينا وأي شخصية في قصة مصورة غربية، على أي حال.
"قاهرة" تطير من مكان لآخر حاملة سيفها، ولكن جزءا أصيلا من هويتها يكمن في حجابها الأسود الذي لا تتخلى عنه أبدا.
وتقول دينا إن هذا المزيج ما بين اسم بطلتها الخارقة الذي يوحي بالقوة، والحجاب الذي ترتديه، كان مقصودا. فلا يوجد أي تعارض في نظرها بين الحجاب وأن تكون المرأة قوية وقادرة.
وتوضح دينا "إذا ما نظرنا حولنا نجد أن هناك تمثيلا ضئيلا للغاية للنساء المحجبات. وأنا أجد هذا أمرا غريبا جدا نظرا إلي أن أغلب النساء في مجتمعنا صرن يرتدين الحجاب".
ودينا نفسها لا ترتدي الحجاب، لكنها أرادت أن ترسل من خلال قصصها رسالة إلي الغرب بشأن النساء المسلمات. لهذا كتبت كل حلقات سلسلتها المصورة باللغتين العربية والإنجليزية.
"أردت أن أوجه رسالة مضادة لموجة العداء للإسلام في الغرب، فالنساء المرتديات للحجاب هن الأكثر عرضة لأذاها".
وتناقش دينا في إحدى قصصها التصورات الغربية الخاطئة عن النساء المسلمات واعتبارهن ضعيفات خاضعات لمجرد ارتدائهن للحجاب.
وتنفعل "قاهرة" في غضب عندما تناديها إحدى الناشطات الغربيات طالبة منها خلع "رمز خضوعها".
وتقول قاهرة "أنتم تسيئون إلينا. متى تفهمون أننا لسنا بحاجة لمساعدتكم؟!"
البطلات الحقيقيات
وبينما لا تعترف "قاهرة" بالحاجة إلى العون من الغرب، تهب لمساعدة النساء اللاتي يعانين من تمييز من نوع آخر في بلدها.
وتعالج دينا في أكثر من حلقة ظاهرة التحرش الجنسي، والعنف ضد النساء في الشارع المصري.
وما أن تتعرض امرأة لسوء معاملة، حتى تظهر البطلة الخارقة فورا، وتقف في وجه المتحرشين وتطبق العدل معهم علي طريقتها الخاصة.
وتقول دينا إن بعض تفاصيل تلك الحلقات مأخوذة من تجارب حقيقية لنساء تعرضن للتحرش والمضايقات في الشارع. ولا يمثل ارتداء الحجاب، أو النقاب، أي رادع للمتحرشين، كما تقول دينا.
كان تقرير لهيئة الأمم المتحدة عن المرأة صدر في أبريل/نيسان الماضي قد أشار إلى أن مستويات التحرش في مصر وصلت إلى درجة غير مسبوقة، حيث تعاني 99.3 في المئة من نساء مصر من أشكال مختلفة من التحرش الجنسي في الأماكن العامة، تصل في أقبح الأشكال، إلى الاغتصاب.
وأوضح التقرير أن 83 في المئة من النساء ممن شملهن التقرير أكدن أنهن لا يشعرن بالأمان في الشارع.
وفي حلقة أخرى تتناول دينا مشاركة المرأة المصرية في المظاهرات السياسية التي لم تتوقف تقريبا منذ ثورة عام 2011.
وتقول دينا "أتذكر جيدا أن الإحصائيات التي كانت تتحدث عن الهجمات والتحرش بالمرأة أثناء الثورة كانت تستخدم لأغراض سياسية. وما زال هذا يحدث إلى الآن. المرأة التي تشكل رقما في هذه الإحصائيات، غالبا ما تتجاهل.
"ما أقدمه هو محاولة لإظهار التقدير للنساء المصريات الخارقات بحق".