في ضجيج الحياة استيقظ مُجبرةً .... أتحامل على نفسي لانتزع اللحاف و أدرك تماماً انه قد انتهت الراحة المخصصة لهذا اليوم ... و إن لم تكن توفي بالغرض المطلوب !! أتمايل و أنا ضجرة متعبة و طفلٌ لي يسحبني بكل قوته ... علّي أتعجّل في أمري و أُلبّي له ما يرغب .. طفلي الآخر يصرخ من بعيد بصوتٍ مرتفع و كأن أحدهم قد انهال عليه ضرباً ... أذهب إليه و أنا على علمٍ مُسبق بأنّه لا شيء سوى أن اللعبة لا يعرف كيف يبدؤها ..! و تبدأ مسيرة هذا اليوم المعتاد الذي لا يختلف كثيراً عن باقي الأيام إلا من متاعب مفاجئة لم تكن بالحسبان و تبدأ المحاضرة الصباحية عن أهمية المدرسة و التي قد تتشابه مع كل المحاضرات التي أُلقيها كل صباح في مثل هذا الوقت تحديداً .... المدرسة ... المدرسة .... بالنهاية و كالعادة تفشل المحاضرة ... و تكون الخاتمة .... الذهاب للمدرسة إجباااااااااري ... لا نقاش . أستودع طفلي بحمى الرحمن و أنا أضعه في باص المدرسة و كُلّي حبٌ و سرور لا يوصف ..... " مع الف سلامة عليك يا حبيبي "، أصعد مجدّداً ... آه يا صغيري أنت لا زالت هنا ... ما شاء الله البركة فيك أصبحت تلميذاً نجيباً عن أخاك الذي أبى أن يذهب إلى المدرسة إلا بعد أن تأكّد أنك تعلّمت الدرس جيداً ... و هكذا تنطلق مسيرتي الحياتية في التغيير و التطوير و مواكبة الأحداث المستجدّة المتزايدة ... مع أنغام عطرة من الصراخ المتواصل و الطلبات المفاجئة و العراك الحاد .. ماما .. ماما ... ماما ... أوووووف .. أين أنت يا ماما ؟؟؟!! و الغذاء آه منك يا وجبة الغذاء ... لا ينتهي هذا الصحن إلا بعد أن ينتهي آخر حبل صوتي عن الحراك ... في مباراة يشهدها فريقين للحصول على مزيد من الأهداف الغذائية ... و يكون بطل الموقف المعلِّق الرياضي اللامع الذي لا يهدأ و لا لحظة لتحفيز الفريقين. و بعد كل شيء و بعد الانتهاء من الاعمال اليومية ... و أخيراً اقتربت اللحظات الحاسمة ... " ياااااااا أولاااااد ... إلى النوم " آآآآه إنها أجمل لحظاتي .... أرى نفسي فجأةً السيدة الأولى في هذا المنزل بعد يومٍ شاق أحسست فيه أنني مجرّد روبوت آلي لتنفيذ الرغبات ... و طبعاً غالباً أنام مع الأولاد أو لعلّي قبلهم ... و لكن ... لاااااا .. لا يمكن أريد أن أستيقظ، أريد أن أجلس وحدي .. أتحايل على نفسي و أذهب و كُلِّي صمود و أعمل فنجاني النسكافيه الذي ينتظرني منذ الصباح ...... أحتسيه و أنا أشعر بأنني حققت نصراً عظيماً منقطع النظير .... آآآآه هدووووووووء ...... يخبرني زوجي .... نسكافيه في آآآآخر الليل ... ألا تريدين النوم !!!! ليس يدري أنني أشربه و أنا تقريباً ..... نائمة ..!!!
حياتنا ستمضي و الأيام ستتسارع ... و يوماً ما ستختفي كل هذه الاحداث و تتلاشى و سأجلس في هدوئي التام مع قهوتي المفضلة ... أستذكر الحياة و ضجيجها في بيتي .... و أحنُّ إلى أيام الصخب و الشغب و الضحك و اللعب و لكن في ذلك الحين ... سأكون وحدي ... سأكون وحدي.
حفظ الله أبنائنا و أسعد قلبهم يا رب إهداء لنا جميعاً .... لنستمتع بأوقاتٍ لنا مع أولادنا.
ملاك