كم تقال لنا هذه المفردة «ركز معي»؟ أو أن يقال لك «ركز في عملك»؟ أو أن تسمع من يقول «يجب التركيز أثناء قيادة السيارة» .. فما هو المعنى لهذه المفردة «تركيز»؟ غني عن القول إن لها معان عدة حسب المجال العلمي، على سبيل المثال عندما يتم إطلاق هذه المفردة من الاقتصاديين ومسؤولي أسواق المال فلها معنى آخر، وهو تركيز رأس المال بمعنى عدم تشتت رأس المال، أو تركيز السوق، وتعني مدى وجود العملاء الحاليّين أو المحتملين في منطقة سوق معين، لكن معناها اللغوي لعله هو الأنسب والذي نريد الوصول إليه، فإذا قيل تركيز الرمح في الأرض، فهذا يعني إثباته وغرزه، وبالمثل عندما يقال يفكر بتركيز، أي يجعل تفكيره مثبتاً حول قضية محددة وبعينها.
من هذه الجزئية كانت عملية التركيز في الأعمال والوظائف، وتنميتها بدروس ومحاضرات يتم تلقينها وتعليمها بهدف خلق بيئة عمل منتجة، لذا سعى المتخصصون في تنمية الموارد البشرية لاستخدام هذه المفردة للدلالة على أهمية العمل والإنتاجية دون أخطاء أو تلافي أي أخطاء محتملة في أقل نطاق ممكن. من أهم الدروس التي تم نشرها عن أهمية التركيز ما ذكرته مؤلفة كتاب «التشتت» السيدة ماغي جاكسون عندما قالت «إن البشر مبرمجون بيولوجياً أن يولوا اهتماماً للمحفزات الجديدة، لذا خففي من المؤثرات، قومي بإغلاق النوافذ الزائدة في جهاز الكمبيوتر، ضعي الأوراق غير الضرورية في درج المكتب، وأهم شيء حماية نفسك من توتر الآخرين».
أما لبناء تركيز قوي أمام المهام المتعددة، فتناولته كريستين هوليوم، مؤلفة كتاب «قوة البطء» حيث قالت: «خصصي وقتاً قصيراً، ولو كان مجرد خمس دقائق للتعامل مع مهمة صعبة عقلياً». كما تتحدث السيدة ماغي جاسكون وهي واحدة من المتخصصين في هذا الجانب حيث قالت: «غالباً ما يؤجل الأشخاص المهام الصعبة من أجل الهروب إلى أشياء أسهل، ولكن أي عمل يتطلب الجهد العقلي، أو ينطوي على التفكير النقدي والإبداع، سيكون مؤلماً قليلاً في بعض الأحيان».
ما نحن في أمس الحاجة إليه هو التركيز ليس في حياتنا العملية إنما في كافة شؤون حياتنا. أن نركز في كلماتنا التي نتفوه بها لكي لا نجرح أحداً أو نتسبب بأذى للآخرين، وغني عن القول إن هذا الجانب حيوي ومهم وهو التركيز في تعاملنا وعلاقاتنا الاجتماعية ومحاولة فهم الآخرين وعدم إيذائهم.