تستهوينا عبارات من زمن فات. ولا نزال نتشبّثُ بها. وبخاصة المسؤولين الذين لا يعنيهم التجديد اللغوي كما يطمح الادباء.
فتتكرر في مثل هذه الأيام، عبارة «نحن على أُهبة الاستعداد». او مثل عبارة «تجري الاستعدادات على قدم وساق». او «جاهزون تماما للظروف الطارئة» وغيرها من الجمل الجامدة والمحنّطة، والتي تفقد معناها ودلالاتها بمجرد وقوع الواقعة، مثلما نحن الآن ننتظر وابلا من المطر وعاصفة ثلجية «متمركزة فوق قبرص».
عبارات طالما سمعناها من أفواه المسؤولين، وفي اليوم التالي تجد الشوارع وقد تحوّلت الى «بحيرات». نسمع عن «استعدادات الأمانة» وعن «جاهزية وزارة التربية» وعن «توفر المواد التموينية» و»المحروقات»، وما نقع في المحظور،نفاجأ بأن كل الكلام يشبه اغنية جورج وسّوف» لا بيقدم ولا يأخّر».
لستُ متشائما، ولكنها الخبرة، والتكرار يُفترض أنه يعلّم حتى الحمار.
نسأل السلامة للجميع.
وكي نخفّف الموضوع، وبخاصة مع اقتراب الموجة الباردة القطبية، نتذكر قول الفيلسوف» اللي نسيت اسمه» الذي يقول» اثنان لا يُؤتّمّن لهما: شمس الشتاء وقلب المرأة».
هذه العبارة، أصبحت «حكمة» بالنسبة لي، استعين بها كلما جاء الشتاء، وظهرت الشمس في ساعات الصباح. فيسألني أحد أبنائي:هاي الشمس طالعة ليش أثقّل في ملابسي». فأقول له»هذه الشمس خدّاعة»،ألم يقل الفيلسوف»اثنان لا يُؤتمن لهما،شمس الشتاء وقلب المرأة».
طبعا مع التركيز على «شمس الشتاء»، لأن باقي العبارة لا يعني الأبناء. وبالتالي أحتفظ بها لنفسي.
وأزيدكم من الشعر بيتا، فأتذكّر، لقاء جمعني بأحد الوزراء السابقين، وفي ذروة انفعاله،رنّ هاتفه فجأة وكانت على الخط زوجته، فتغيّرت ملامحه، وأخذ يشكو مثل أي موظف من مكالمات زوجته أثناء الدوام.
يومها قلتُ له، وكي أُخفّف من «انفعاله»: يقول الفيلسوف: اثنان لا يُؤتمن لهما،شمس الشتاء وقلب المرأة». فيرقّ طبعه، ويعود مزاجه الى سويّته.
لهذا أُطالب المسؤولين في مثل هذه الأيام، بالتخفيف من التصريحات واستخدام العبارات المكرورة،وفي ذات الوقت أُذكّر الكائنات بعبارة صديقي الفيلسوف إيّاها.
ونهاركم سعيد!.