الارشيف / عالم المرأة / أخبار المرأة

الفستان الاسود/الجزء الثاني

  • 1/2
  • 2/2

استيقظت صباحا خفيفة مثل ريشة ، تكاسلت قليلا و تثاءبت ثم عادت و استلقت على ظهرها و عيناها تحلقان في فراغ السقف .
تجهد ذاكرتها المتعبة المشوشة، محاولة جاهدة ان تتذكر حلم الليلة الماضية، الا انها اصيبت بالخيبة المطلقة، حيث ازدحم رأسها بصور غائمة مغرقة في الضبابية .
أحست فجأة بثقل يعتري كامل جسدها ، اقشعرت له كل مفاصلها عندما همس صوت في داخلها يذكرها ان اليوم هو موعدها معه ، أجل اليوم موعد اول لقاء طال انتظاره ، الموعد الذي طالما خططا له معا ، انه الموعد الحاسم .
هذا الموعد سيحدد مصير العلاقة دون شك ، هكذا كانت تحدث نفسها منذ اكثر من شهر ، منذ اتفقا على اللقاء و حددا المكان و الزمان ، تشعر بانقباض في امعائها ، حدث دائما هذا معها حين تتوتر و لا تستطيع التحكم في الموضوع مهما حصل .
كانت تصاب بهذه الاعراض ايضا ايام الامتحانات ، و فيما بعد في لقاءات العمل للوظائف التي كانت تقدم لها ، و رغم كل محاولاتها لم تتمكن ابدا من التخلص من هذه الاعراض المزعجة .
تململت قليلا في جلستها ، و تقلبت على جانبها الايمن لتمسك بالموبايل من فوق المنضدة الصغيرة التي بجانب السرير ، حملقت في الوقت ، انها التاسعة عليها النهوض الان ، موعدها الساعة السادسة مساء ، و امامها الكثير لانجازه ، و اهم ما يتوجب عليها القيام به اولا هو النزول الى المركز التجاري لاقتناء الفستان الاسود الذي راودها عن نفسه و اوقعها اخيرا في حبائله منذ شهور .
نهضت مسرعة ، استحمت سريعا ثم شربت قهوتها على عجل و نزلت مدارج العمارة ركضا ، استقلت سيارة تاكسي و انطلقت في اتجاه المركز التجاري لا تلوي على شئ.
خلال طريق العودة ،بعد الظهر لم تكن تفكر و هي تحتضن فستانها الاسود الجديد إلا ، في الامتحان الذي اخضعت نفسها له ، فيزداد توترها و تضطرب امعائها .
اجل انها اليوم تغامر بحبيبها الجديد ، و هي التي خسرت كل معارك الحب التي خاضتها بامتياز ، حتى انها لم تعد تعرف اين يكمن الخطأ فيها هي ، ام في من أحبتهم ؟ او ربما هو الحب او سوء الاختيار ، او ام حتمية الفشل التي تطاردها كظلها ؟؟
فليكن اذن ، لا حب دون مغامرة و دون الرقص على حافة الخسارة حتى الفشل في الحب قد يكون جميلا ايضا .
الليلة ستذهب لملاقاته بالأسود ، ستجعله يراها كما تشتهي هي ، ستتألق في الاسود و بالأسود ، و لن تترك ظل الخوف من الخسارة يرتسم في عينيها .
ستغامر باختبار وقع و تأثير الاسود عليه ، هي التي خسرت كل عشاقها السابقين على مذبحة الاسود .
افاقت من هواجسها عندما توقفت سيارة الاجرة امام البيت ، ابتسمت مرتبكة للسائق و هي تدفع له الاجرة ، و نزلت مسرعة تتعثر بخطواتها .
في البيت وقفت امام المرأة تتفحص انسياب الفستان على جسدها ، اندماجه مع تضاريسها ، احتكاك القماش بحرير جسمها ، التصاقه الحميم بقوامها و ابتسمت ابتسامة رضا ، انها الان في بهائها الكامل ، واثقة من نفسها و من جمالها ، و خفيفة كزهرة يهزها النسيم .
وضعت مساحيق زينة خفيفة ، الاسود لا يجب كثرة الالوان ، رفعت شعرها عاليا فبان جمال بيض رقبتها يعانق سواد الفستان ، تعطرت ببذخ ، تحب ان يسبقها دائما عطرها حين تمر .
وضعت عقد الؤلؤ الجميل حول عنقها ، فبدى اشد بريقا حين انعكس مع سواد فستانها .
القت نظرة خفيفة على صورتها في المرآة ، احست انها اصبحت الان مستعدة للذهاب ، امسكت حقيبتها ضغطت عليها بشدة حتى تتحكم في توترها و نزلت متمهلة في اتجاه سيارة الاجرة التي كانت في انتظارها .
يتبع

اشترك فى النشرة البريدية لتحصل على اهم الاخبار بمجرد نشرها

تابعنا على مواقع التواصل الاجتماعى