أشارت خبيرة اقتصادية في شؤون المرأة إلى أن 75% من الشركات المسجلة في الأسواق الخليجية شركات عائلية و95% من الشركات المسجلة في المملكة العربية السعودية عائلية، إلا أن نسبة مشاركة المرأة في مجالس الإدارات لا تتعدى 5% خليجيًا مقارنة بـ 12% في بريطانيا و40% في النرويج ولقد أظهرت نتائج دراسة ميدانية على 2500 منشأة كبيرة في الدانمارك في الفترة ما بين 1993 – 2001م أن مؤشر الارتباط بين وجود النساء في مواقع صنع القرار وأداء هذه المنشآت كان ايجابيا فكلما زاد عدد النساء في مواقع صنع قرار كلما كان أداء المنشأة أفضل وان احداث سبتمبر 2001م كان لها تأثير مباشر في مراجعة كثير من المفاهيم والتصورات الفكرية والذهنية ومنها دور المرأة السعودية في التنمية البشرية وضرورة مشاركتها للرجل.
أكدت عضو مجموعة فتيحي مها فتيحي أن المرأة هي المحرك الأساسي في عمليات بناء نواة المجتمع الرئيسية الممثلة في الأسرة، وأن مجموع الأسر التي تحمل نفس اللقب تكون العائلة وهو ما يجعلني أقول إن عدد المحركات في العائلة هو نفس عدد النساء فيها، وطالما أن المرأة هي المحرك فإن العمليات التي تقوم بها داخل الأسرة (الشركة الصغيرة) مثل إرساء ثقافة البناء والاهتمام ببيئة المكان وإعداد الميزانية واتخاذ قرارات والإرشاد والتوجيه وبناء العلاقات الاجتماعية والمتابعة وتعزيز القيم والتخطيط وإدارة الوقت والتواصل والاتصال والتفويض في المهام والتفاوض عن أفراد الأسرة وتوزيع المسؤوليات وتحديد الأدوار وتعدد المهام والترفيه والمتعة والمظهر اللائق والمشاركة والتقدير والتحفيز والتقييم والمراجعة. أليست هي العمليات ذاتها الموجودة في أي منشأة أو مؤسسة وإن اختلفت مسميات ومصطلحات العمليات إلا أن المرأة داخل الشركة الصغيرة (الأسرة) تمارس الرعاية والإدارة واتخاذ القرار في أمور عديدة على افتراض أنها داخل كيان تشاركي تكاملي حقيقي أصيل وقد تنامى الاهتمام بالشركات العائلية محليًا وعالميًا لأن 75% مثلًا من الشركات المسجلة في الأسواق الخليجية شركات عائلية و95% من الشركات المسجلة في المملكة العربية السعودية عائلية، وهي نسبة تكفل للمرأة المؤهلة مشاركة واسعة في مواقع صنع واتخاذ القرار وتعزز من حضورها في مجالس إدارات تلك الشركات، إلا أن نسبة مشاركتها في مجالس الإدارات لا تتعدى 5% خليجيًا مقارنة بــ 12% في بريطانيا و40% في النرويج وذلك كما ذكر في مؤتمر مجالس إدارات الشركات العائلية الذي عقد في مملكة البحرين فبراير 2013م.
ويقدر المختصون أن العمر الافتراضي للشركة العائلية نحو 24 سنة، 5% منها فقط يستمر حتى الجيل الثالث.
بعد هذه الآراء فإنه من مشاهدتي وتجربتي مع أجيال متعددة في شركات عائلية خلصت إلى أن الجيل الأول هو الذي أنشأ وهو الذي أسس وكافح وبنى والجيل الثاني هو من عاصر ولازم ورافق وشاهد والجيل الثالث هو من سمع واستمتع واسترخى والجيل الرابع هو من استسهل واستهتر واستقل ويمثل حجم الشركات العائلية في السعودية نحو 25 % من الناتج المحلي وتقدر استثماراتها بـ «مليارات» الريالات.
ونسبة الإناث في المجتمع السعودي 49.1 % مقابل 50.9% للذكور وكما ورد في دراسة قام بها مركز السيدة خديجة بنت خويلد 2014 م تبين أن 15% من الإناث دخلن سوق العمل، و85% منهن لا يعملن، بينما من الممكن أن يكون لبعضهن الفرصة والمساحة للمشاركة في الشركات العائلية من خلال مواقع تنفيذية أو تخطيطية أو استراتيجية مثل مجالس الإدارات واللجان المنبثقة عنها، ومن خلال تجربتي في عالم المال والأعمال تبين لي أن منظور وآلية صنع القرار عند المرأة يضيف أبعادًا جديدة تجسد التكامل في الرؤية مع الرجل بغية الوصول إلى قرار رشيد.
ولقد أظهرت نتائج دراسة ميدانية على 2500 منشأة كبيرة في الدانمارك في الفترة ما بين 1993 – 2001م أن مؤشر الارتباط بين وجود النساء في مواقع صنع القرار وأداء هذه المنشآت كان موجبًا مطردًا فكلما زاد عدد النساء في مواقع صنع قرار كلما كان أداء المنشأة أفضل.
وتشير فتيحي إلى أن هناك الكثير من العوامل المؤثرة على مشاركة المرأة في الشركات العائلية منها ثقافة وفكر المجتمع ورغبة المؤسس وتعليم وخبرة وتطلعات المرأة والتداخل والفصل بين العائلة وشركة العائلة والتواصل بين الرجل والمرأة وثقافة وفكر المجتمع إن تسارع وتيرة العصر وما يصاحبها من مستجدات فرضت على الساحة الفكرية والثقافية ممارسات اجتماعية ومجتمعية جديدة، وكل جديد غريب يبدأ بإنكار المستجد المجتمعي وتهميشه قصدًا أو بغير قصد ومن هذه المستجدات الصورة الذهنية عن دور المرأة السعودية سواء على المستوى الفكري أو الشخصي أو العلمي أو العملي أو المهني.
وكان لأحداث سبتمبر 2001م فعل مباشر في مراجعة كثير من المفاهيم والتصورات الفكرية والذهنية ومنها دور المرأة السعودية في التنمية البشرية من خلال دورها التربوي في البيت والمدرسة وعلاقته بمفهوم التعايش ونشر السلام وبادر خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز -يحفظه الله- في عام 2003م بإنشاء مركز الملك عبدالعزيز للحوار الوطني وأمر بأن يكون عدد المشاركات فيه مساويًا تمامًا لعدد المشاركين (35)، وبهذا الإنجاز أصبحت المرأة السعودية حاضرة وبقوة في أدوات صياغة الفكر المجتمعي إضافة إلى تخصيص فصلٍ كاملٍ عن دورها في خطة التنمية الوطنية السابعة وبهذا الحضور اللافت للمرأة السعودية أخذت المقاومة أشكالًا مختلفة تفاوتت درجاتها من الباهت في أثره إلى الظالم في حكمه.
وبدأت المسيرة نحو تعزيز مشاركة المرأة في التنمية الوطنية بإنشاء أول مركز اقتصادي شبه حكومي عام 2004م يعنى بشؤون المرأة السعودية في عالم المال والأعمال بمحافظة جدة تحت مظلة الغرفة التجارية الصناعية، ويحمل اسم مركز السيدة خديجة بنت خويلد لدعم المرأة وصاحبات الأعمال، ثم تم انتخاب وتعيين 4 سيدات لعضوية مجلس إدارة الغرفة التجارية الصناعية بجدة عام 2006 م والمقاومة مستمرة لحضور المرأة على المشهد الاقتصادي ولكن بدأت مرحلة القبول عند فسح مجالات وإيجاد فرص عمل جديدة لها، وها نحن اليوم نسير في رحاب القبول بدور المرأة السعودية الفاعل والجاد في التنمية الوطنية الشاملة.
رغبة المؤسس وهو مؤسس الشركة العائلية هي رغبة ناتجة عن قناعة لدى المؤسس بأن حضور المرأة في شركة العائلة على المشهد الاقتصادي والعملي مجد ونافع لاعتبارات عديدة منها الانضباط والحكمة والتصرف بتوازن ورشد مشمولا بالعاطفة والحب وقبول الإرشاد والتوجيه والتواضع في الطرح والتعليق، أما إذا كانت القناعة لدى المؤسس بأن شؤون المال والأعمال ليست من اختصاصات المرأة فلن تجدها حاضرة في المشهد.
وأيضًا تعليم وخبرة وتطلعات المرأة مما لا شك فيه أن المستوى التعليمي للمرأة تصاحبه معلومات ومهارات تؤهلها للقيام بأعمال تستخدم فيها أدوات تظهر قدرتها وكفاءتها وحرفيتها إلى جانب أن التراكم العملي والمعرفي لديها يوفر لها الرؤية الشاملة في النظر للأمور وكلما زادت خبراتها ومساحات التعارف عندها، كلما زادت خبرتها وحصيلتها المعرفية، مثل الأمور المالية والمحاسبية والاقتصادية، الحصيلة العلمية والمعرفية عند المرأة تواكبها تطلعات وقدرات تحتاج إلى مساحات مجتمعية وعملية تستطيع من خلالها نقل هذه الحصيلة ونفع ذاتها والآخرين وتساهم في البناء والتنمية الوطنية، وأولى تلك المساحات الشركات العائلية حيث تحظى بعض العوائل بوجود نماذج نسائية مشرفة وجادة بينها.
إن تطبيق نظام حوكمة رشيد يتسم بالشفافية والوضوح في الشركات العائلية ينظم ويضبط العلاقات والأدوار والتعاملات داخل هيكل الشركة لضبط إيقاع أداء أفرادها في عزف متناغم ومنسجم والعبرة ليست بوجود النظام بقدر تطبيق ما يرد فيه من بنود ومواد، لأن التداخل بين ما تقتضيه العلاقة العائلية والعلاقة المهنية قد يؤدي إلى نزاعات ومنازعات وتحزبات المتضرر الأول فيها أفراد العائلة أنفسهم.
وغياب التواصل بين مجتمع الرجال ومجتمع النساء في مجال عمل الشركة العائلية يؤدي إلى قلة معلومات المرأة ومحدودية خبرتها في أعمال الشركة سواء على المستوى التنفيذي أو الاستراتيجي أو اتخاذ القرار، علما بأنها عندما أُعطيت الثقة والفرصة لإدارة الأعمال الخيرية التي تقوم بها العوائل أكسبها ذلك الخبرة والمعرفة وأثبتت فيها القدرة على الإدارة.
لذلك يجب على المؤسس العمل على توفير المساحات والفرص العملية للمرأة داخل هيكل الشركة العائلية والاستفادة من علمها وإكسابها الخبرة الكافية، ليتم نقلها للجيل التالي فهي مربية الأجيال وصانعة الرجال.
وعلى المرأة العمل على زيادة وعيها وإطلاعها ومعلوماتها عن مجال عمل الشركة العائلية، والتقدم للمساهمة والعمل بها لاكتساب الدراية والخبرة العملية وضرورة وضع كوتة للمرأة في مجالس إدارات الشركات العائلية تضمن وجودها ومشاركتها الفاعلة والعمل على تشجيع صغار السن (12 – 16) من أفراد العائلة من الجنسين والمساهمة في أعمال الشركة حسب ما تراه العائلة مناسبًا سعيًا لتحقيق الارتباط بالعمل في شركة العائلة.