تتسم رؤية المجتمع التونسي للمطلقات بعدم الإنصاف، رغم القوانين الداعمة لحقوقها في مختلف المجالات وما تضمن لها من مساواة مع الرجل في قضايا الأحوال الشخصية مثل حقها في الطلاق. غير أن المجتمع يعتبر المطلقة امرأة سهلة المنال.
تقول لطيفة التليلي، البالغة من العمر 44 سنة، لـDW عربية إنها حصلت على الطلاق قبل 4 سنوات، ومن ذلك الحين بدأت رحلتها وسط مجتمع يخشى المرأة المطلقة ويرفض التعامل معها بشكل منصف.
لطيفة، وهي أم لطفلين تعتبر أن نوعية حياتها تغيرت بعد الطلاق، فمنذ أن انتقلت للعيش وحدها مع طفليها وجب عليها تحمل وقاحة شابين جارين لها، حيث كانا يضعان أجساما غريبة أمام باب بيتها في إشارة إلى دعوتها لإقامة علاقة جنسية معهما.
وتضيف لطيفة أنها فقدت العديد من صديقاتها بعد طلاقها، حيث منعها زوج إحداهن من مخالطة زوجته، خوفا من كلام الناس. وتضيف المتحدثة أنها اضطرت في العديد من الأحيان الانتقال للسكن في أحياء أخرى بسبب انزعاج بعض السكان منها كمطلقة.
التخوفات بهذا الشأن كثيرة.
(الحاجة) نجيبة شعبان مثلا تؤكد في حديثها معDW /عربية على أنها ترفض بشدة أن يتزوج ابنها من مطلقة كيفما كان عمرها. وتبرر هذا الموقف من منطلق "أن التونسيين لن يكفوا عن نقد ابنها إذا اختار الزواج من مطلقة، خاصة وأنه شاب في العشرين".
وتضيف الحاجة شعبان أن أغلب التونسيين يشاطرونها هذا الموقف. فجارتها قطعت التواصل مع ابنها لأنه تزوج من مطلقة على الرغم من صغر سنها، وتلاحظ الحاجة شعبان أنه "من واجب المرأة أن تتحمَّل المشاكل الّتي تواجهها وتحافظ على تماسك الأسرة مهما كانت الظروف والصعوبات حتى لا يتم الطلاق".
يعبر محمد على الصغير وهو شاب في السادسة والعشرين من العمر عن رفضه لمواقف الحاجة شعبان مؤكدا أنه ليس هناك ما يدعو إلى عدم الزواج بمطلقة إذا كانت سيدة محترمة. ويضيف محمد على وهو عون أمن في حديثه مع DW /عربية "إن المرأة تقاس بأخلاقها لا بحالتها المدنية وأن أمه لا تمانع في زواجه بمطلقة".
المطلقة كزوجة بين الرفض والدعم
من جهته يعتبر الدكتور طارق بلحاج، باحث في علم الاجتماع في لقاء مع DW /عربية "أن المجتمع التونسي وإن كان يبدو في الظاهر مجتمعا حداثيا ومتسامحا ومنفتحا، فإنها يختزن رغم ذلك بعض المواقف والاتجاهات الثقافية والنفسية العتيقة والعنصرية تجاه المرأة". ويضيف أن "المجتمع يفضل أحيانًا أن تعيش المرأة حياة صعبة مع زوجها وتخضع لظروف قاسية، على أن تقدم على الطلاق، في مجتمع يحمّل النّساء مسئولية الطلاق أكثر مما يحملها للرجال".
ويلاحظ الدكتور طارق بلحاج أن "المرأة المطلقة في تونس تتعرض للمراقبة والحراسة الدائمة من طرف المجتمع ومحيطها الأسري أو المهني" ويشير إلى أن الأمر وصل إلى "مستوى الإساءة بالمطلقة وإهانة كرامتها أوالقدح في أخلاقها دون الرجوع إلى السبب الرئيسي والظروف التي دفعت بها للطلاق".
وتقول السيدة مفيدة الميساوي، مديرة مراكز الاستماع والتوجيه بجمعية النساء الديمقراطيات في لقاء مع DW /عربية إن "الدفاع عن حقوق المرأة ودعم حرياتها وضمان حقها في العيش على قدم المساواة مع الرجل، أهداف تبنتها جمعية "النساء الديمقراطيات". ويقوم هذا المركز في مرحلة أولى باستقبال كل امرأة مهددة بالعنف بما في ذلك المطلقات أو من يتعرضن للعنف من قبل أزواجهن، حيث يتم الاستماع إليهن وإرشادهن أو إحاطتهن نفسيا. كما تشير مديرة المركز إلى تزايد عدد حالات العنف ضدّ المرأة التونسية، سواء كان ذلك في المنزل أو في العمل أو في الشارع مؤكدة على ضرورة انخراط هذه الفئة من النساء في أنشطة الجمعيات.