الحديث عن أي حقوق مفترضة أو قائمة للمرأة يعزز فرضية انتقاص تلك الحقوق، وهي في الواقع ثابتة بحكم الدين والأعراف الاجتماعية، ولكن التباين في تفسير أو تحديد تلك الحقوق يعود إلى الرؤية الاجتماعية السائدة التي قد تحرمها بعضا منها، وبالتالي فإننا أمام صورة نسبية تعم جميع المجتمعات العربية، ترتفع في دول وتتواضع في أخرى.
المرأة كيان وجزء اجتماعي أصيل، ولها أدوار وواجبات تنموية تسهم من خلالها، في بناء وطنها وتطوير مجتمعها، وفي السياق العقلي فإنها قد تتوفر لها قدرات تفوق الرجال، وكم رأينا مبدعات في مجالات العلوم والأدب والاقتصاد والحياة العملية بصورة عامة، ولذلك ليس من مبرر لأي انتقاص لاستحقاقاتها بموجب تطورها وتأهلها للمشاركة التنموية.
نحتاج في مجتمعاتنا العربية عامة إلى نظرة أكثر ارتقاء للمرأة وحقيقة اكتسابها للمعارف والوعي الضروري للثقة بها، والاعتماد عليها في العمل العام وفتح مسارات لانطلاق هواياتها وتفجير طاقاتها، فهي تمتلك الكثير الذي يمكن أن تنجزه وتقوم به على نحو أفضل من الرجال إن وجدت الدعم والتشجيع وحفظ حقوقها دون انتقاص أو تشويه.
الفكرة الذكورية التي تغطي الرأي العام الاجتماعي العربي ينبغي أن تفسح المجال للمرأة، لأنها قادمة بكل تأكيد، وديموغرافيا فإن أكثر سكان المجتمعات العربية من النساء، كما أنهن الأكثر إقبالا على التعليم وإكماله والتفوق فيه والحصول على الشهادات والدراسات العليا، رغم وجود كثيرات أيضا في بعض المجتمعات دون تعليم، ولكن البارزات والمتفوقات من حقهن أن يمضين في مسيرتهن وأن نعمل على توفير الحماية لهن من أي معوقات وتذليل الصعوبات من أمامهن، لأنه لا يستقيم أن يسير مجتمع على نحو أعرج في سياقه التنموي، بحيث يستأثر الرجل بكل العمل العام.
حين ننظر في الأفق نستلهم قدرات مذهلة ومثيرة للاهتمام حول المكانة التي وصلتها المرأة في مجتمعاتنا، وينبغي أن نشجعها وندعمها ونفتح لها الطريق لتواصل مسيرتها باتجاه طموحاتها التي تؤكد من خلالها ذاتها الإنسانية وتصبح لاعبا رئيسيا ومحوريا في كل عملية بناء وتنمية تضيف إلى الأوطان والمجتمعات، أما أن نبقيها في نظرة تقليدية فذلك غير منصف ويحتاج إلى مراجعات، لأنها في الحقيقة أصبحت أكبر من تقزيمها أو النظر إليها من دونية لا تليق بها.