الارشيف / عالم المرأة / أخبار المرأة

مطلقات تحت المجهر

  • 1/2
  • 2/2

لم يبرئ مجتمعنا الى اليوم من النظرة الدونية الى المطلقة فمازالت كلمة الطلاق كابوسا مخيفا يقض مضجع الاهل  - قبل ابنتهم - الذين يفضلون ان تذل وتظلم على ان تصبح رهينة لأنياب الطلاق المرفوض من قبل مجتمع ذكوري يقف بجانب الرجل حتى وان كان هو السبب في وقوعه فشعارنا المرأة الذكية هي التي تحافظ على جدران حياتها الزوجية مهما كانت متداعية و ايلة للسقوط  و الا  اصبحت محل ازدراء من كل من هب ودب فهي الملامة الوحيدة على فشل زواجها يتحاشاها الكل و كأنها مصابة بمرض معدي اما الاهل فأنهم يذيقونا شتى صنوف التقريع و الاهانة مع لائحة من الشروط الغير قابلة للتفاوض هذا ان وافقوا على استقبالها في منزلهم على مضض وصدمة وخجل من الجيران و الاقارب بسبب العار الذي جلبته عليهم ابنتهم المطلقة ..
تؤكد الاحصائيات الرسمية الى ان الرجل غالبا هو السبب الحقيقي الذي يقف  وراء قرار الطلاق فالمرأة وفي ظل مجتمعنا المتغطرس لا ترغب ان تضع نفسها في دائرة الاتهام والشك اذا ما طالبت بالطلاق بل انها تسعى بكل الطرق المتاحة لاستمرار زواج قد يكون مات سريريا حتى اذا ما استنفذت كل العلاجات فانها تستقبل فاجعة طلاقها بألم شديد ليس تحسرا على الحياة التعيسة التي كانت تحياها و انما خشية مما ينتظرها من ذم واستهجان ورفض من قبل المجتمع وفي مقدمتهم الاهل متناسين وضعها المأساوي وعيشها النكد بل وكافرين بآيات الطلاق الذي احله الله تعالى كخيار اخير لحياة يستحيل استمرارها .
جحيم اهلي
لم تكن " سناء ،28 سنة " تدرك ما ينتظرها في بيت اهلها فقد كان تفكيرها ينصب على فكرة واحدة وهي التخلص من جحيم هذا العتي المسمى زوجها قالت بعد نفس عميق :  لقد تنفست الصعداء بعد ان حصلت على حريتي من زوج لم ار معه غير الكمد والحزن طيلة الخمسة اعوام التي عشتها معه فقد كان يضربني ويهينني على الملأ على كل صغيرة وكبيرة واحمد الله انني لم ارزق منه بطفل ولكنني ما ان خرجت من عذاب طليقي  حتى دخلت في جحيم اهلي الذين كانوا يعاملونني بقسوة وكأني ارتكبت ذنبا عظيما بطلاقي من الرجل الذين كانوا يعلمون جيدا بان حياتي معه اضحت مستحيلة انهم يهينوني دائما ولا يعطوني قدرا كافيا من الحرية فلا استطيع الخروج الى أي مكان بمفردي وفي حالة الضرورة القصوى وكأنني ارتكبت عارا يجب علي اخفيه متناسين ان الله شرع الطلاق كوسيلة للخلاص من حياة لا يرجى دوامها وهم الان على استعداد ان يزوجوني لأي انسان يتقدم لي ودون قيد او شرط "
نظرات قاسية
تقول ( ام رانيا ، 38 سنة ) بحسرة و الم ان قرار الطلاق لم يكن بيدي فقد كنت متمسكة كثيرا بحياتي الزوجية وبذلت كل جهدي كي ابقي عليها  لاسيما بوجود اطفال يحتاجون الى رعاية الابوين واهتمامهما ولكن كل محاولاتي باءت بالفشل و اصر هو على الطلاق فلم اجد ملجئا غير بيت اهلي الذين اختلفت لديهم الموازين فقد كانت معاملتهم لي وكأنني انا المذنبة او انا من سعى الى الطلاق مع انهم على علم بكل ما جرى حتى ان معاملتهم السيئة انعكست على اولادي فكانوا يقومون بضربهم دائما لذلك اصبحوا  يجلسون في الغرفة المخصصة لنا ولا يبرحوها ابدا حتى بدت و كأنها  سجن وهذا اثر كثيرا على حالتهم النفسية فهم دائما صامتين اما انا فقد اعتزلت الحياة الاجتماعية فلا اخرج ولا اشارك في التجمعات العائلية إلا نادرا خوفا من نظرات الاهل و الاقرباء التي يملئها الشك والازدراء . 
امراض نفسية
كانت نظرات ( هديل ، 34 سنة ) متعبة ومنهكة وكأنها تبحث عن طوق نجاة لتخلصها من واقعها المرير فبعد ان اجبرها زوجها على اقامة دعوى طلاق خلعي لكي ينفذ من تسديد حقوقها الزوجية وطمعا ببعض النقود التي اضطرت ان تدفعها له لكي تفتدي نفسها من زواج اوصلها الى حافة الانهيار حتى دخلت تحت سلطة الوالدين ووصاية الاخ الذين ضيقوا الخناق علي و اصبحت مطالبة بتفسير لكل تصرف قد يصدر مني بقصد او بدونه لقد انهكني هذا الواقع فاضطررت تحت وطئته  الى اللجوء الى المهدئات وحبوب الاكتئاب التي لم تعد تجدي نفعا فأحيانا اجدني ادخل في نوبات هستيرية و اقوم بتكسير كل ما تقع عليه عيني واخشى ان اصل في يوم من الايام الى الانتحار .
صراع من اجل البقاء
تحكي ( فاطمة ، 40 سنة ) كيف استقبلها اهلها عندما حملت اليهم خبر طلاقها فتقول " كان اهلي دائمي الاستهجان لمسالة الطلاق اذ لم يحدث ان طلقت أي من نساء عائلتنا لأي سبب من الاسباب فالأمر محظور تماما وما ان سمع اهلي بالخلافات بيني وبين زوجي السابق حتى كالوا لي الاتهامات بأنني سبب هذه المشاكل و انني علي ان اتحمل أي شيء في سبيل استمرار حياتي الزوجية حتى وان كنت كارهة لها  ورغم علمهم بأنه كان يعاقر الشراب ويضربني بوحشية ولكنني لم اقو على الاستمرار فقد حزمت امري و تطلقت منه  ومن المنطقي ان الجا بعد ذلك  الى بيت اهلي بعد ان اصبحت بدون زوج ومعي ثلاثة اطفال ولكن الصدمة التي كانت اشد علي من الطلاق هي انهم رفضوا استقبالي في بيتهم وطردوني منه فاضطررت لاستئجار غرفة صغيرة للعيش فيها مع اطفالي والحمد لله انني كنت موظفة فاستطعت ان اعيلهم و نفسي تلاحقني نظرات الجيران كلما خرجت من المنزل ولكن ماذا افعل ! فذلك قدري و انا راضية به .
اخر الداء الكي !!
تقول المحامية ( سميرة ) " صحيح ان الطلاق ابغض الحلال عند الله ولكنه تعالى شرعه لحكمة بالغة و لإنهاء حياة اصبحت مستحيلة في ظل مشاكل مستمرة وعلى الرغم من المجتمع يستهجن فكرة الطلاق وخصوصا بالنسبة للمرأة الا انه قد يكون علاجا ناجعا عندما تنقطع السبل وتضيق الطرق فلا توجد أي امرأة تريد ان تصل الى هذه النتيجة إلا وقد بذلت كل ما في وسعها لاستمرار زواجها الى ان وصلت الى طريق مسدودة عند ذلك يكون هو الحل الوحيد فاخر الداء الكي كما يقولون " .
الدفء الاسري
اكدت الباحثة الاجتماعية ( غادة ) على انه من الضروري ان تقوم الاسرة باحتضان ابنتهم المطلقة و اشعارها بمساندتهم ودعمهم لها بل عليهم ان يحيطوها برعايتهم واهتمامهم اذ ان ما تشعر به المرأة بعد الطلاق من مشاعر متضاربة تجعلها تمر بفترة من انعدام الاتزان والاضطرابات النفسية والاكتئاب فتبدو اكثر حساسية و اكثر انطواء على نفسها الامر الذي يحتاج الى تفهم  واحتواء من قبل ذويها وليس فقط مساندتها ماديا وهذا كفيل بان يجعلها تتصالح مع نفسها و تبدأ حياة جديدة مستفيدة من تجربتها السابقة لتتفرغ لبناء مستقبل جديد لها ولأولادها ان وجدوا ، كما ان على المرأة ان تنظر دائما الى الامام وتحاول البدا بحياة جديدة ومستقبل اخر لا ان تظل حبيسة ماض معتم وتجربة قاسية تجعلها تغلق على نفسها منافذ الامل لتقع فريسة لنظرة المجتمع ولوم الاهل واجترار الذكريات " . 
ان العادات والتقاليد الموروثة جعلت نظرة المجتمع "عوراء " تجاه المرأة المطلقة فالبعض يراها اقدمت على فعل شائن عليها ان تتحمل وحدها نتائجه وتضحى في نظرهم مجرد امرأة سيئة وغير مؤهلة للبدا بحياة جديدة او خوض تجربة الزواج مرة اخرى بالإضافة الى نظرة الاحتقار وتحاشي الاحتكاك والتعامل معها من قبل المحيطين بها سواء في العلاقات الاجتماعية ام في العمل في حين ينظر الى الرجل وكأنه ذلك  الملاك المسكين الذي جنت عليه امرأة بتصرفات هوجاء اضطرته ان ينهي حياته معها متناسين ان اغلب حالات الطلاق تقع من قبله بل ان هذا الرجل يغدو صيد ثمين ومحط انظار كل امرأة او عائلة تنوي تزويج ابنتها  فتزيد حظوظه في الشروع بتأسيس حياة جديدة بمنئى عن تجربته السابقة التي ستغدو في طي النسيان! والسؤال يبقى : متى تنصف انسانية المرأة التي حباها الله تعالى وكرمها في كتابه العزيز ونبتعد عن انانية التفكير وضيق الافق ؟؟

اشترك فى النشرة البريدية لتحصل على اهم الاخبار بمجرد نشرها

تابعنا على مواقع التواصل الاجتماعى