من اجمل المواقف الإنسانية التي عايشتها بحياتي تلك التي تابعتها من خلال فيلم أجنبي عنوانه نحو النور وقارنت بما تتعامل به بعض المستشفيات مع المرضى في بلادنا ممن يعانون من نكسات صحية وأمراض مزمنة مميتة ، يحتاجون فيها لرعاية خاصة فائقة ،هنا قلة من الاطباء من يتفهمون هؤلاء المرضى ،ومعظمهم يتعاملون معهم كمن يتعامل مع عينات مخبرية كحقل تجارب خاصة أولئك الذين يسحبون الدم من جسد المريض فيشرحونه ويقطعون شريانه بحجة صغر قناة الوريد أو عدم وجود شرايين واضحة ،أقول لهم تخيل نفسك مكان هذا الجسد الذي يتعذب ،تخيل وأنت يقطع أحد من لحمك ويسحب من دمك مثل مصاص دماء ،وكثيرا ما يقع المحظور فيغفل الطبيب عن تعقيم الجرح أو مكان الحقن لفتح الشريان فتسيل الدماء سخية فوق المرتبة وغطاء المريض ،ولا يملك هو سوى الصمت إزاء ذلك لإنهم يريدون أن يخلصوا من وضعهم في مشفى التجارب هذا ،وحين يسمى مشفى تعليمي يأت طلاب في سنينهم الأخيرة التي سيصبحون فيها أطباء ليطبقوا عمليا على أجساد المرضى فيقول الطبيب البروفسور لهم هنا المعدة وهنا القلب وهنا القناة الهضمية والحلقوم وو تشريح متكامل لجسد هزيل ينهار يوميا أمام بصماتهم وممارساتهم العملية بحجة التعليم ،وكأن الإنسان أصبح أنبوبة اختبار في معمل البشرية دون رأفة به وكلمة خير تطيب أجواءه ،ترى متى تتعامل المستشفيات التعليمية بشفافية مع المرضى بإخطارهم مسبقا عن هذه التطبيقات والتدريبات ولم لا يوفرون لهم الأجواء النفسية المريحة بدل نعتهم بكلمات مؤذية نفسيا وجسديا بدل الأوجاع التي يتسببون بها بين كلمات السخرية بآلامهم ،تابعت ذات يوم فيلم أجنبي أسمه نحو النور لطفل مريض بالسرطان كان يتألم من مصارعته للمرض وهو يلفظ أنفاسه الأخيرة وروحه تخرج من جسده وممرضته تغني له أنت بطل أنت تحلق فوق السحب بالفضاء سوف يحتضنك الرب ويضمك بحنان أجمل من حنان أبويك إذهب بسلام إبتسم أنت طائر سلام فوق صراعات البشر وفوق طيور الجنة تسابق الجميع نحو النور والحب والدفء للابد إرحل بسلام ،هكذا رحل الكثيرون من أحبتنا لكن ليس بسلام رحلوا وهم يبكون ويتألمون لإنهم لم يجدوا لمسة حنان ودعوة تدعوهم للتعايش مع مرضهم وما يلاقونه من مصير مجهول نحو النور والأمل .