يتجدد موعدهن في رأس كل درب بأوقات مختلفة من أوقات النهار والليل أيضا إن سنحت الفرصة، شغلهن الشاغل جمع معلومات عن هذا وهذا، وأخبار عن ذاك وتلك، وعند اللقاء كل واحدة منهن تفرغ ما بجعبتها من أنباء، وإن حدث ووجدت بينهن من تنتقص أخبارا أو ليس في علمها ما يدور سخر منها واستهزئ بها كأسلوب استفزازي، كي تجتهد المرة القادمة وتنافس شريكاتها في القيل والقال والتجسس على أخبار الناس وتتبع عوراتهم .
يبلغ اجتهاد بعضهن أحيانا إلى حد أنهن إذا رأين غريبا بالحي يصول ويجول أو يطرق باب أحد البيوت، سارعن إلى ارتداء جلاليبهن بسرعة وتبعنه مراقبات عن بعد أي البيوت يتردد عليها، ولماذا، ولأجل من، ولأي غرض ؟ وإذا كانت هناك أسرة لاتفتح لهن مجالا للخوض في أمورها الشخصية، وتتجاهل حضورهن، نعتوها بالأسرة المعقدة أو المتكبرة وهي بالنهاية لن تسلم من توغلهن واقتحامهن عالمها الخاص تحت طائلة التحية والسلام ومشاركة الطريق الذي يجمعهم، وافتعال دردشات بريئة الهدف من ورائها حب الاستطلاع والتطفل على الحياة الخاصة ومعرفة الأسرار الداخلية . انهن مجبرات على حمل الجديد الى بعضهن البعض ولابد لهن من السعي وراء هذا الجديد بشتى الطرق والوسائل .
نساء يشبهن النساء في الشكل الخارجي، ويخالفنهن اختلافا عظيما في مستوى النضج والتفكير السليم واستحضار روح المسؤولية اتجاه البيت والأسرة، وإذا كانت للنساء عموما التزامات تحتم عليهن الاشراف على بيوتهن والسهر على استقرارها ورعاية الموجودين تحت كنفها، فإن شبيهات النساء عقولهن متركزة في حياة الغير وخصوصياته، يخفن أن تفوتهن فقرة من فقرات السبق في العلم والمعرفة وعرض الخبر أمام رفيقاتهن، ولايخفن أن يفوتهن واجب من الواجبات الملقاة على عاتقهن، لا يدركن أن الوقت الذي يضيعنه في سير الناس محسوب عليهن، ولايفقهن أن بيوتهن أحوج لهن من أن يسخرن اهتمامهن الكلي في تفاصيل حياة أناس لن تنفعهن في شيء حاضرا أو مستقبلا .
الى من لا تخلو أبواب بيوتهن من تواجدهن جماعات يراقبن العابر والراجع يرمينه بنظرات ثاقبة من رأسه إلى أخمص قدميه، أولى لكن القاء هذه النظرات على عالمكن الخاص فهو حتما يفتقر لحضوركن وعنايتكن، فالنساء الحقيقيات ليس لهن وقت يضيعنه في سخافات وتفاهات كالتي تأخذ وقتكن، ولأجل ذلك حق تسميتكن ب ” شبيهات النساء ” .