أقامت وزارة المرأة و الاسرة التونسية ندوة صحفية بمقرّها أعلنت على إثرها كاتبة الدولة للمرأة و الاسرة البرمجة المخصصة للاحتفال بعيد الطفولة و كان لوكالة أخبار المرأة حوار مطوّل معها.
نائلة شعبان، استاذة جامعيّة في القانون الجبائي، عيّنت مؤخّرا كاتبة الدّولة للمرأة و الاسرة في حكومة تصريف الأعمال التي ستنتهي مدّة ولايتها بانتهاء الانتخابات التّشريعيّة. قدمت من عالم الضّرائب و الأرقام إلى وزارة شؤون المرأة و الاسرة . هي عضو في حكومة مضيّقة بقدر ضيق فرص المرأة الرّيفيّة في التّنمية و محاولات لطمأنة الشّارع مرّت بحرج كوعود الآباء العاجزين لأطفالهم.. فمالذي تحمله هته الكاتبة في جعبتها من برامج و مشاريع جديدة. كان هذا محور لقاء وكالة أخبار المرأة بكاتبة الدولة.
ملفات فساد امام القضاء و محاولات للتصدي لما يهدد الطفولة.
* استاذة نائلة شعبان كنت عضوة بلجنة تقصّي الحقائق حول الفساد و الرّشوة ووقد تلقت الكتابة قبل وصولك ملفات الفساد التي تتعلق بوزارة المرأة السابقة فهل تساءلت عن مآل تلك الملفّات و كيف تمّ التعاطي معها ؟
- قدمت من الجامعة و اختصاصي هو القانون العام لذلك اتصلت بمكتب النّزاعات و الشؤون القانونية بكتابة الدّولة لأعلم مآل هذه الملفات.
فأبلغوني بالإجراءات التي تم اتخاذها كما علمت بأنه قد تم إحالة الملفات إلى القضاء و طبيعي أن يكون مسار ملفّات الفساد إمّا الجانب التأديبي أو القضائي.
* هل يعني ذلك أنّه لم تقع مساومات بين الحكومة القديمة و بعض الفاسدين لاخفاء هكذا ملفّات كما روّج البعض؟
- بالنّسبة لي، الملفّات التي تمّ رصدها في كتابة الدّولة مآلها كان مآلها إمّا تأديبي أو قضائي
* قمتم بالتّعاطي مع ما يسمّى ب"المدارس القرآنية للأطفال" و ذلك بإعطائها مهلة لتسوية وضعيّتها القانونيّة و ملائمتها لكرّاس الشروط و لكن بقيت الكتاتيب بعيدة عن رقابتكم على اعتبار أنّها تخضع لوزارة الشؤون الدينيّة ، ألا خوف أن تتحوّل هذه الكتاتيب بدورها إلى مدارس قرآنيّة لا رقابة على المحتوى الذي تقدّمه و ظروف استقطاب الأطفال فيها؟
- بالنّسبة للكتاتيب الموجودة بالمساجد فهي خاضعة لوزارة الشؤون الدّينيّة و هي الّتي تراقبهم و تسهر على الحرص على مراقبة مدى تطابقهم مع كرّاس الشروط، يعني لا خوف منها.. لأن الخوف على أطفالنا لا يكون إلّا من الفضاءات الفوضوية التي تشتغل دون علم الجهات العموميّة المختصّة و تكون في مستودع أو في منزل و يفتحون فضاء لاستقطاب الأطفال. لذلك من المهمّ جداّ الاشعار عن مثل هذه الفضاءات حتّى نتعرّف عليهم و نطلب منهم تسوية وضعيّتهم و في حال رفضوا نلتجأ إلى طبعا إلى الاجراءات القانونية القاضية بالطلب مباشرة من والي الجهة بغلق الفضاء مهما كانت تسميته.
و هناك ثغرة يلجؤون إليها وهي أن يتمّ احتضان الأطفال تحت غطاء جمعيّة ،و على الناس هنا أن تعلم أن النشاط الجمعيّاتي شيء و تعليم الأطفال شيء آخر. فاحتضان الأطفال في تونس يخضع لكرّاس شروط خاص و ليس النّظام القانوني للجمعيات يعني أنّه حتّى و إن سمّي هذا الفضاء بهمجيّة ذات نشاط موجّه للأطفال عليه أن يحترم كرّاس الشروط كما حدّدناه. و بالمناسبة نحن أيضا بصدد الاشتغال على إعادة النّظر في محتوى كرّاش الشروط عبر لجنة مختصّة.
* حسب رأيكم، ما مدى نجاعة الاجراء القاضي بإرجاع الأطفال الفاقدين للسّند لأهاليهم فترة مع إعطائهم منح ماديّة؟
- هذه تجربة حديثة انطلقت منذ سنة و نصف، و قد قامت بها الإطارات السّاهرة على الطفولة و هم الّذين سيقيّمون هذه التّجربة ، لأنّه هناك أطفال يتمّ إيداعهم بمراكز دمج مختصّة لأسباب ماديّة بحت ، معنى ذلك أنّ الإشكال هو مالي لا غير و إذا قمنا بإعالة تلك العائلة ماديّا، فهي مستعدّة باستقبال أطفالها و تربيتهم لأنّها لم ترسلهم للمركز إلّا لعدم سماح ظروفها الماديّة بذلك.
في هذه التّجربة قمنا بإعادة الطّفل لعائلته مع إعطائها منحة شهريّة لتوفّر احتياجات الطّفل و نواصل مراقبته دوريّا. و ما يطمئن اليوم هو أنّ الأطفال الذين عادوا لعائلاتهم لم يرجعوا للمركز مع العلم أنّ لهم الحقّ في ذلك ، و هذا لأنّ عائلاتهم تعتني بهم عبر تلك المنح و اللّوازم المدرسيّة التّي نقدّمها إلى جانب المنحة. كما أنّه وجدنا أن المؤسسة العموميّة اليوم ليست مكانا للأطفال على اعتبار لكل طفل احتياجات معنويّة خاصة به توفّرها العائلة بشكل أفضل . لذلك نبحث عن حلّ آخر غير المؤسّسة الّتي تبقى للحالات المستعجلة، إذ تتبنّاه المؤسّسة إلى أن تجد له عائلة تحتضنه أو مدّ عائلته الطّبيعيّة بالامكانيات المادّية و ارجاعه إذا لم تكن هي مصدر تهديده. و أنا شخصيّا قمت بزيارة عدّة مؤسّسات و رأيت أنّ هناك أطفال موجودين في المؤسّسة منذ 10 سنوات و لم تعدهم المؤسّسة إلى عائلاتهم لأنّها تمثّل مصدر الخطر.
سنقوم بتقييم هذه التّجربة الحديثة لاحقا و لكنّ الفكرة أنّ المؤسّسة ليست الحلّ الأمثل للصحّة النّفسيّة للطفل بل بقاؤه مع عائلته أو عائلة اخرى تستقبله إذا كان مهدّدا يعدّ أفضل بكثير.
* لم تتعامل الحكومات المتعاقبة بجديّة مع ظاهرة عمالة الأطفال أو التسوّل التي أصبحت منتشرة و لم نسمع عن برنامج لهؤلاء الأطفال أو عن تنسيق أمني لتفكيك العصابات الّتي تدفع بهم للتسوّل. كيف ستعملون على هذا الموضوع؟
- سنعمل على هذا الموضوع مع مندوب حماية الطّفولة ليس فقط بالمعالجة الأمنيّة لهذا المشكل الّذي لا يمكن انكاره و لكن إلى جانب وزارة الشؤون الاجتماعية للإحاطة بهؤلاء الأطفال و إذا كان السّبب الّذي يدفعه إلى التسوّل و العمل هو الوسط العائلة سيتدخّل مندوب حماية الطفولة لاخراج الطّفل من ذلك الوسط الّذي يهدّده. و لكن المسألة أكثر تعقيدا إذ هناك من الأطفال من يرى في العمل مفخرة لأنّه يساعد عائلته و الحال أنّ في عمره لا يمكنه تحمّل المسؤوليّة و حماية نفسه من الأخطار.
في نفس السّياق هناك بعض من هؤلاء الأطفال ذوي الجنسيّة السوريّة الوافدين بسبب الوضعيّة غير المستقرّة ببلدهم. هل تقع حمايتهم تحت أنظار كتابة الدّولة ؟
نحن لا نهتمّ بهم بصورة مباشرة ، لكن هناك جمعيّات و مؤسّسات مثل الهلال الأحمر و لهم فضاءات لاحتضان اللاجئين السّوريّين أو غيرهم. واليوم نجد البعض من هؤلاء الأطفال في المدارس الحكوميّة.
نحن بصدد إعداد قانون لمكافحة العنف المرأة" "
* هل يمكن اعتبار المواضيع المتعلة ب بالسّيداو و مسألة المساواة بين الجنسين سببا في عملكم بعيدا عن وسائل الاعلام على اعتبار أنها محاولة منكم لتجنب إثارة الرأي العام حول مواضيع محضورة نوعا ما ؟
- لا أبدا، ربما ليس لديّ أنا شخصيّا تعاطي كبير مع وسائل الاعلام و لكنّ مصالح كتابة الدّولة المختصّة بالمرأة و الطّفل و الاسرة تتعاطى مع الاعلام و لنا برامج تلفزيّة تمرّ بصفة دوريّة و تتدخّل إطارتنا كلّما وقع طلبهم.
و أنا أؤمن أن المهم ليس تدخّلي الشّخصي و لكن المهم هو المؤسسة و وصول برامجنا و ظهور الادرى بتفاصيلها في كلّ مرّة.
و أنا بدوري قمت ب3 حوارات منذ استلامي و أعتقد أنّه كاف. المهم أن يتمّ التّبليغ عن البرامج من قبل الاطارات لأنّهم الباقون و المواصلين للعمل بعد مغادرتي.
* ألا توجد مشاريع لجعل القوانين و التراتيب أكثر ملائمة مع الدّستور و المواثيق الدّوليّة و المبادئ الّتي نصّت عليها ؟
- من أهمّ مشاريعنا بالنّسبة للمرأة هي الاعداد لمشروع قانون لمكافحة العنف ضدّ المرأة كما أن الدّستور ينصّ على هذا المبدأ الّذي سيتجسّد من خلال قانون إطاري لمكافحة العنف ضد المرأة. و سمّي كذلك لأنّه سيتولّى الجانب الزجري التقليدي و لكن كذلك الجانب الوقائي الحمائي و مرافقة المرأة و الفتات ضحيّة العنف و كذلك الرّجل مصدر العنف، حيث يجب التّعاطي مع هذه الظّاهرة من كلّ جوانبها و يجب أن أشير هنا إلى أنّ العنف ليس عائليّا فقط بل أيضا العنف في الفضاء العام و في هذا المشروع نريد تقليص ظاهرة العنف ككلّ.
* كيف تعملون من أجل المرأة الرّيفيّة ؟
- لقد قمنا بدراسة بهذا الخصوص و قد شملت هذه الدّراسة 14 ولاية و سنواصل ال10 ولايات الباقية و قد بيّنت هذه الدّراسة تفاوتا كبيرا. و قد يبدو أن الجميع على علم بهذا التّفاوت و لكن إذا أردنا أن نقوم بإصلاحات علينا بالبحث عن احصائيّات رقميّة و في هذا الخصوص لنا إدارة مختصّة بالاهتمام بالمرأة الرّيفية و تشتغل على جانب التّمكين الاقتصادي للمرأة و هو جانب هام تتمتّع من خلاله المرأة التّونسيّة بحقوقها التي يضمنها لها الدّستور عبر ضمان استقلاليّتها الاقتصاديّة.
و لنا برنامج كبير للعمل على التّمكين الاقتصادي للمرأة و خاصّة المرأة الرّيفيّة، صحيح أنّنا لسنا المتدخّلين الوحيدين في هذا المجال بل هناك مصالح اخرى من عدّة وزارات و لكنّنا ركّزنا اهتمامنا على النّوع الاجتماعي أي المرأة و الفتاة سواء التي تعمل في المجال الفلاحي و الصناعات التقليدية أو الخدمات من خلال أيضا برنامج "الأسرة ذات العائل الوحيد امرأة" و تتمثّل خصوصية البرنامج في أنّها تقدّم التكوين للمرأة التي تريد أن تبعث مشروعها الذي ترغب بالبدء فيه حسب النوعية التي تختارها فلاحية كانت أو صناعية بالشراكة مع الوكالة التونسية للتكوين المهني ، و نعطيها كذلك رأس مال تبدأ به يتراوح بين 2000 و 5000 دينار و هذه الخاصيّة المميزة للبرنامج إذ تقوم البرامج الاخرى على التكوين و المرافقة لا غير.
* ألا تعتقدين أن مثل هذه المشاريع تستوجب وقتا قد لا يتوفر لحكومة تسيير أعمال ؟
- ما يهمّنا هو أن تنطلق هذه المشاريع ، و أنت تعلمين أنّ في تونس عندما ينطلق مشروع و يكون ذلك المشروع ناجح ، من الصعب أن يتخلّى عليه من سيأتي بعدك و يعود إلى الوراء. المهم الآن هو وضع أسس هذا البناء و حماية الفئات الهشّة لأن كتابة الدولة و المرأة تهتمّ أساسا بالفئات الضعيفة في المجتمع كالمرأة التي تمرّ بصعوبات و الطفل المهدّد و المسنّين الفاقدين للسند.
* الانتخابات على الأبواب، هل بدأتم العمل على برامج توعويّة و تحسيّسية لحث المرأة على المشاركة في الحياة السّياسيّة؟
- طبعا ، فهناك برنامج " المرأة و الانتخابات" و لكتابة الدّولة تجربة سابقة بهذا الخصوص و تحديدا مع انتخابات المجلس الوطني التأسيسي و أردنا أن نطوّر هذه التجربة و نستفيد من ممّا وقع في السّابق و نأخذ بعين الاعتبار النقّائص التي وقعت و من بينها هو عدم التنسيق مع كلّ المتدخّلين في هذا المجال، لذلك انطلقنا في مشروعنا و دعينا له كلّ أطراف المجتمع المدني التي تعمل بهذا المجال و قد نسّقنا لتقاسم الأدوار فيما بيننا أثناء التّوجّه إلى المناطق الترابيّة أو الانشغال على نفس الموضوع و إهمال الباقي. و قد قمنا بلقاء أول و ثاني و هناك لقاء ثالث مرتقب و كل هذا يقع في إطار التّنسيق بين المتدخّلين في مجال المجال المرأة و الانتخابات. إلى جانب القصاصات التوعويّة باللغة العربية و الاجنبية إشباعا لحب الاطلاع من الاجانب و دورات تحسيسيّة تثقيفيّة للنساء من كل الجهات حتى تعرف المرأة فحوى الانتخابات و تنتخب عن وعي و كذلك دورات تدريبية أذا كانت تريد أن تترشّح أو تراقب و هذا ما نقدّمه كمرفق عمومي.
* هذا بالنّسبة للمرأة داخل تونس ماذا عن التونسيات بالخارج، هل ستقدّمون لهنّ نفس الخدمات عبر السّفارات و القنصليّات ؟
- هذه المسألة معقّدة قليلا، بالنّسبة للمرأة في الخارج نحاول أن نتعامل مع الجمعيّات في الخارج و ننظّم شراكة معهم.
* مؤخّرا اهتزّ الشارع التّونسي على قصّة الفتاة آية التي حرقها والدها بحي ابن خلدون في ضواحي العاصمة، بغضّ النّظر عن السّبب، ألا تلاحظين تغيّر في نمط المجتمع التّونسي ؟
- مثل هذه الحالات، هي حالات أليمة و لكنّها تبقى نادرة أي استثناء الاستثناء و لكن هذا لا يعني أن نتجاهل مثل هذه الحالات و هذا يؤكّد على أهميّة الدّور التوعوي و التّثقيفي للمواطن التّونسي و هنا نعود إلى دائرة العنف و أعود تدريجيا إلى ما ذكرته حول استراتيجيّتنا لمكافحة العنف ضد المرأة و ربّما كنت تطرّقت فقط إلى الجانب القانوني و لكن المسألة أشمل و لدينا إدارة التثقيف الاجتماعي و الاتصال المختصة بوضع هكذا مشاريع توعويّة.
* ختاما نريد أن نعرف إذا كان لك بعد هذه التّجربة ككاتب دولة لشؤون المرأة و الطّفولة أيّة طموحات سيّاسيّة ؟
- أبدا ، فالجامعة تناديني..