لا يخلو بلد فى العالم من العنف.. ولكن العنف المصرى تطور وتقدم وأخذ ترتيبا عالميا، رغم الشهرة التى جعلت المصرى عنوانا للطيبة والشهامة ، إلا أن تلك الصفات أصبحت فى طريقها للزوال.. فأصبحنا نشاهد أشكالا للعنف لا تتسق مع هذه الشهرة.. وأصبح العنف يمارس على من كنا نحميه ومن أجل مواجهة تلك الظاهرة عقد المجلس القومى للمرأة بالتعاون مع وزارة الشباب مؤتمرا تحت عنوان «مناهضة العنف ضد المرأة»
وفى البداية أكدت السفيرة مرفت تلاوى رئيس المجلس القومى للمرأة أن وجود إرادة سياسية حقيقية للقضاء على التحرش، وأن ذلك يُعتبر بمثابة رسالة قوية لطمأنة المرأة المصرية وتأكيد مساندة الدولة للمرأة ،وأن كرامتها لن تُمس بعد الآن، مشددةً على أننا كنا نعانى فى الفترات السابقة من فقدان الإرادة السياسية الحقيقية الداعمة لدور المرأة ومناهضة جميع أشكال العنف ضدها، ولكن الرئيس السيسى يملك إدراكاً عميقاً ووعياً مستنيراً لواقع المرأة المصرية ومعاناتها وتطلعاتها نحو المستقبل، وأوضحت أن المرأة المصرية عانت وذاقت الأمرين خلال السنوات الأخيرة من تدهور للأوضاع الأمنية والانفلات الاخلاقى.. وبعد كل تلك المعاناة وضعت المرأة المصرية كل ثقتها فى شخص الرئيس كى تسترد حقوقها المسلوبة وتحظى بالأمن.
واستعرضت تلاوى جهود المجلس فى القضاء على العنف ضد المرأة ومن بينها إعداد قانون متكامل لمناهضة العنف ضد المرأة وتمت الاستعانة ببعض مواده ضمن الجزء الخاص بالتحرش لتصبح فقرتين فى قانون العقوبات الذى أصدره الرئيس السابق عدلى منصور، وإعداد الاستراتيجية الوطنية لمناهضة العنف ضد المرأة.
وخاطبت الفتيات قائلة «أنتم قادة المستقبل» مسئوليتكن تنشئة أجيال جديدة قادرة على تقدير وإعلاء قيمة الوطن وحمايته، داعيةً إياهن إلى الثقة فى أنفسهنّ وعدم الالتفات لمن يريد كسر إرادتهنّ، مؤكدةً أن جرائم التحرش النكراء أبداً لن تخيف المرأة المصرية ولن تثنيها عن مشاركتها على قدم المساواة مع الرجل فى بناء مستقبل الوطن.
ومن حهة أخرى نقل اللواء أبو بكر عبد الكريم تحية اللواء محمد إبراهيم وزير الداخلية للمرأة المصرية لتصدرها المشهد السياسى منذ 30 يونيو وحتى الآن... وأشار إلى أن ظاهرة العنف ضد المرأة ليست فى مصر فقط بل تنتشر فى العالم ولكن تختلف باختلاف المفاهيم والعادات السائدة فى المجتمع والقوانين التى تنظم حقوق الإنسان فى كل دولة.
وأكد الدور الذى تقوم به وزارة الداخلية خلال الفترة القادمة لمجابهة تلك الظاهرة من خلال حزمة إجراءات رادعة لهؤلاء المتحرشين وذلك بتخصيص قوات خاصة لمواجهة ظاهرة العنف ضد المرأة فى الشوارع والميادين العامة، واستحداث قطاع حقوق الإنسان لمتابعة كل أشكال العنف. مؤكدا أن وزارة الداخلية ستمضى قدما فى التصدى لكل أشكال العنف.
ومن ناحية أخرى أكدت العقيد منال عاطف مسئولة وحدة مكافحة العنف بوزارة الداخلية أن وزارة الداخلية سوف تضرب بيد من حديد على من ينتهك حقوق المرأة ويمارس ضدها العنف، بالإضافة الى تغير الفكر والعقيدة الراسخة بوزارة الداخلية للتعامل مع المرأة، وعدم الاستهانة بمطالبها فى تحرير محضر بأى واقعة تحرش تتعرض لها، كما تتلقى الإدارة أى شكوى من اى سيدة أو فتاة تتعرض لاى تحرش وأرقام التليفونات هى: 01126977222 أو 01126977333 أو 01126977444 ويمكن إرسال الشكوى عن طريق الفاكس ورقمه: 0227927189
وأوضحت مسئولة وحدة مكافحة العنف بالداخلية أنه تمت زيارة جميع المجنى عليهن فى وقائع التحرش بالتحرير فى منازلهن من قبل وفد من حقوق الإنسان بوزارة الداخلية لمساندتهن، والوقوف بجانبهن، حتى إنتهاء التحقيقات وصدور أحكام بشأن مرتكبى تلك الوقائع، حتى يستردن حقوقهن، ويندمجن فى النسيج المجتمعى مرة ثانية.
وأكدت د.أمل جمال وكيل وزارة الشباب والرياضة، رئيس الإدارة المركزية للبرامج الثقافية والتطوعية، أن هناك العديد من الأسباب للعنف ضد المرأة ومن أهمها الجهل الذى يندرج تحت الأسباب الثقافية وعدم معرفة كيفية التعامل مع الآخرين، ومنها أيضا الأسباب التربوية كالعادات والتقاليد الاجتماعية.
كما لفتت د.أمل جمال النظر إلى الأسباب البيئية والاقتصادية، مؤكدة أن العامل الاقتصادي يأخذ نسبة 45 % من حالات العنف ضد المرأة. وأشارت أمل جمال إلى أشكال العنف الأخرى كالعنف البدنى والجنسى والنفسى، والعنف الظاهرى واللفظى، والرمزى والذى اعتبرته أخطر صور العنف.
كما عرضت وكيل وزارة الشباب والرياضة الآثار المترتبة على العنف ضد المرأة والتى من بينها تدنى النشاط اليومى، وشعور المرأة بالخوف وانعدام الأمان، بالإضافة إلى إعاقة متطلبات التنمية الاقتصادية.
وفى كلمته أوضح د.رمضان عبد الرازق المستشار الاعلامى لشيخ الأزهر الشريف أن الدين الاسلامى هو دين اللاعنف، كما أن الأديان كافة جاءت لنبذ العنف، مؤكداً عدم وجود دين يتفق على العنف أو يُثَمنه. وأكد د.عبد الرازق أن تفشى ظاهرة العنف بهذا الشكل يجعلنا نفكر أن هذا الأمر مدبر ضد مصر، فهذه السلوكيات غريبة على الشعب المصرى.
وأوضح المستشار الإعلامي لشيخ الأزهر الأسباب التي تؤدى إلى العنف والتحرش، والتى من بينها ضعف الإيمان، والفراغ، والإباحية التى تجتاح وسائل الإعلام، وتعقيد الزواج، والسلوكيات الخاطئة من بعض النساء، وغياب دور الوالدين، وتربية الأطفال على العنف من خلال ألعاب الحاسب الآلى، والكبت العاطفى في محيط الأسرة، بالإضافة إلى فقدان منظومة القيم الأخلاقية الدينية.
وأوصى د.محمود الشريف وزير التنمية المحلية الأسبق بضرورة مضاعفة العقوبة إذا كان الفعل المجرم مصحوبا أو مسبوقا بتعاطى مادة مخدرة، بالإضافة إلى تخفيض سن الطفل المرتكب للجريمة (الحدث) من سن الـ 18 عاما إلى 16أو 14 عاما أو حسب الاتفاق المجتمعى.
وأكد د.الشريف أن جرائم الاغتصاب والتحرش لها علاقة وطيدة بتعاطى المواد المخدرة، ومنها «الترامادول»، وطالب كلا من وزارتى الدفاع والداخلية بتكثيف جهودها، للقضاء علي هذا العقار المخدر وغيره من المواد التى تؤثر على من يتعاطاها بالسلب، وتضعه تحت تأثيرها مما يرتكب العديد من الجرائم التى يحاسب عليها القانون، ويعانى منها المجتمع.
وفى نهاية المؤتمر طالب المشاركون بضرورة إعادة النظر في القوانين والتشريعات القائمة حاليا وتضافر جهود مؤسسات الدولة لإعلاء القيم الأخلاقية، وعلى رأس هذه المؤسسات، مؤسسات التعليم والإعلام والشباب، وتنفيذ العقوبات الفورية والمعلنة مع تغليظ العقوبة، وتفعيل دور مؤسسات المجتمع المدني في التوعية وتعديل مفاهيم ودور الفتاة والمرأة في المجتمع.
كما شدد المشاركون فى المؤتمر على ضرورة الاهتمام بدور مراكز الشباب فى توعية الشباب بمخاطر زيادة العنف ضد المرأة والعقوبات القانونية الواقعة على المتسبب فى العنف، وتفعيل دور الإعلام المرئى مع تعديل صورة المرأة فى الدراما المصرية، وتحديد مكان محدد داخل الميادين الاحتفالية خاص بالسيدات والتكثيف الآمنى حول تلك المنطقة.
ومن بين المطالب أيضا مراجعة الإعلانات الخاصة بالمرأة، والعلاقات الزوجية التى تعرض على شاشات التليفزيون، وتفعيل دور الأزهر والكنيسة فى دعم القيم الإيجابية، وتعظيم القيم المميزة للشخصية المصرية وإبراز القدوة، ووضع كاميرات مراقبة في الميادين الاحتفالية والشوارع المحيطة بها، وتغليظ العقوبات على المتحرش.