رمضان كريم.. منذ ساعات أشرقت أنوار أول أيامه الكريمة.. وخلال ساعات وفى 30 يونيو يكتمل عام من أعظم وأقسى وأغرب ما عاش المصريون فى تاريخهم الحديث ـ 30 يونيو 2013 يوم استرد المصريون ثورتهم التى قاموا بها فى 25 يناير 2011 من محاولة اختطافها واختطاف أمنهم وتجريف تاريخهم وحدودهم وهويتهم.. من يصدق أنه مر عام كامل على حدوث المعجزة التى أهداها الله للمصريين عندما توحدت إرادة عشرات ملايينهم وانتصروا على مخططات تقسيمهم وتمزيق نسيجهم الوطنى وإطلاق مليشيات مسلحة وعصابات إرهابية عليهم.. إنها معجزة شعب دعمها جيشه الوطني.. أردت أن تكون هذه السطور عما عشته فى اللحظات الرهيبة لبلاد المعجزة.. ولكن إنجازات ونجاحات يواصل بها المصريون بمشيئة الله انتصاراتهم فرضت نفسها.
المصريات الرائعات العماد الأول لنجاح الثورة وصلابة وقوة الحياة فى مصر ـ من العديد منهن وصلتنى مع مشاعرهن الفياضة تقديرا واحتراما لمبادرة الرئيس عبدالفتاح السيسى للمشاركة فى دعم اقتصاد مصر ـ هذه المبادرة الإنسانية والأخلاقية والتى تترجم روح المسئولية المجتمعية وتترجم الإحساس العميق بمعاناة الملايين من معتقدى العدالة والرحمة وما يعيشون تحته من ظروف تفتقد أبسط الشروط الإنسانية للحياة وما يواجهه الاقتصاد من تحديات تفرض على كل قادر ومقتدر أن يتقدم ويشارك.. تقدم القائد وقدم القدوة والنموذج والتطبيق العملى لمبدأ من أهم مبادئ النجاح.. ابدأ بنفسك.. وكالمعتاد كان المصريون الأقل قدرة أول من تقدموا وقدموا.. ولا يتصور أحد أو يخجل من تواضع ما يستطيع أن يقدمه فكل مشاركة ترفع الرصيد والإدارة الرشيدة والأمينة والشفافة تحت مظلة رئاسة الجمهورية ستوفر ضمانات سلامة ورشد إدارة أرصدة الواجب والضمير الأخلاقى والوطني.. عن كل هذا ما كان يمكن أن تغيب نساء وفتيات مصر.. وتلبية لنداءات العديد منهن فى مختلف محافظات مصر أكتب هذه السطور لتقدم كل واحدة ما تستطيع أن تقدمه لبلدها وليجددن ما فعلته سيدات مصر فى مطلع القرن الماضى لدعم ثورة وثوار 1919 وأيضا ما فعلته سيدة الغناء العربى أم كلثوم لدعم المجهود الحربي.. وأثق أن لدى نساء وفتيات ثورة 25 يناير ومدها العظيم فى 30 يونيو عشرات من الأفكار والمشروعات والرؤى المبتكرة لهذا الدعم وفى المقدمة منه الدعم الإنسانى والمادى ودفع ودعم الخبرات والمهارات وبرامج التدريب ونشر ثورة للمشروعات الصغيرة بين جموع النساء الأكثر احتياجا وإعادة البيت الريفى وحدة إنتاجية محدثة ومطورة .. آفاق العمل والإنقاذ والتطوع والدعم المادى وتنمية المهارات تنتظر أن تنقل إليها ويعمل عليها كل ما تجلب للنساء من صلابة وقوة وتحد فى أحداث وأيام الثورة.. أولئك النساء بأجيالهن وبمكوناتهن الإنسانية والثقافية بالغة الثراء والتنوع والتعدد واللائى حمل كيانى المتواضع شرف تمثيلهن فى الاجتماع التاريخى الذى انعقد 3/7 لإعلان استجابة القوات المسلحة لإرادة الملايين من المصريات والمصريين وإعلان اسقاط حكم الجماعة ـ ذلك الاجتماع الذى لم يقتصر حضوره على من حضروا الاجتماع ـ أظن أنه كان أكبر جمع واجماع فى تاريخ مصر لأنه كان بقوة وبحضور عشرات الملايين الذين عقدوا جمعهم واتخذوا قرارهم جمعة »الانذار الأخير« فى ميدان التحرير ومختلف ميادين محافظات مصر منذ الجمعة 28 يونيو وقبل أن أذهب لبعض حصاد ما تحقق خلال العام المدهش والعجيب والذى امتلأ بتحديات لا يهزمها إلا المصريون والمصريات.. أجدد الدعوة التى لا تأتى منى وحدى بل يشاركنى فيها وربما سبقنى إليها الكثير من المصريات العزيزات يعلن أنهن بكل ما يملكن ويستطعن سيشاركن .. يردن خرائط وخطط العمل والتطوع والمشاركة فى المشهد الوطنى الذى بدأه الرئيس عبدالفتاح السيسى بنفسه.. انتظر منكن رؤاكن ومقترحاتكن عن الإجراءات التى يجب أن تتخذ لتلبية الدور العظيم الذى تنتظره بلادكن منكن.
لفتنى بعض الغمز واللمز ومحاولة التشكيك فى قيمة وأهمية الدعوة وما يمكن أن تحققه أو تعود به!! واسألهم هل يليق أن يبادر أشقاء أعزاء فى بلاد عربية يدركون أهمية وضرورة المشاركة بينما يقف كثير من أبناء الوطن القادرين الذين أعطتهم مصر من ثرواتها وخيراتها بلا حدود.. يكتفون بالفرجة أو يقبلون أن تظل بلادهم تتساند إلى منح وعطايا وديون!! ومرة أخرى لا يستهين ولا يهون أحد من قيمة عطاء فى حدود ما يستطيع أن يقدمه.. وأثق أن من أعلى وأعظم الأرصدة ما ستقدمه نساء مصر.
عودة مصر إلى افريقيا وافريقيا إلى مصر بهذا القدر من الاحترام والاعتزاز المتبادل بهذا الدفء والحفاوة الافريقية فى استقبال الرئيس السيسى واستقبال عودة مصر إلى أشقائها وقارتها إنجاز ونجاح من أهم الإنجازات التى توجت العام الأول من مد الثورة فى 30 يونيو وخطاب الرئيس أمام القمة الافريقية كان أقرب لبيان وخطة وخريطة عمل لبيان كيف سيبنى على أسس المشاركة فى البناء والتنمية ومواجهة الأخطار والتحديات التى تواجه القارة وإعلان للنهج المصرى فى حل مشكلاتها.
إيمان مصر بالتفاهم والحوار المستمر هو السبيل الأمثل لتسوية الخلافات والمواجهات المشتركة للمخاطر التى تهدد القارة ( أن تتحدث افريقيا فى المحافل التفاوضية بصوت واحد قوى ومسموع) أثناء إلقاء خطاب الرئيس حرصت بعض الكاميرات على ان تنقل مشاعر التلقى وكانت تمتليء بالاهتمام والتقدير والمحبة. هذه المشاعر الدافئة والصادقة والنبيلة التى كانت من أروع وأعظم ما لمست عندما شاركت منذ سنوات فى وفد من وفود الدبلوماسية الشعبية إلى أثيوبيا ـ والعتاب المهذب لغياب الدور المصري.
مازال لمصر ومرتكزاتها القديمة والحديثة تواجد يحتاج إلى البناء فوقها رغم سنوات الإهمال والاقصاء والتعالى والجهل عن ادراك قيمة وأهمية الروابط التى تربطه مصر بقارتها السمراء ـ مازال فى الذاكرة بعض ما قرأت عن الجهود الكشفية فى عصر الخديو إسماعيل 1863 ـ 1879 والاكتشافات التى تمت لمجرى النيل واختبارات صلاحية الملاحة فيه ورسم خرائط لمجر النيل الأبيض والبحيرات الاستوائية وكشف قرى بالمناطق الاستوائية أطلق على بعضها اسماء مصرية مثل التوفيقية والإسماعيلية والإبراهيمية، بل الاهتمام بافريقيا يصل فى عمق التاريخ إلى زوسر ـ وسنفرو ـ وامنمحات الأول وسنوسرت الأول والثالث وتحتمس الثالث وبعد طول اقصاء ونكران واهمال كنا فيه كمن يقطع رأسه أو ذراعه من جسده يعود الرئيس عبدالفتاح السيسى ليواصل ما فعله قادة عظام قبله ـ يعود ليضمد جراحا تركها الاهمال ويعيد تواصل واتصال العروق والجسد الواحد متكئا على الإنجاز العظيم الذى حققه المصريون بثورتهم معتبرة إنجازا للقارة وقوة لها مثل كل نجاح وانتصار يحققه شعب من شعوبها.
الأهرام