يتمتع البعض من الناس بسرعة في الرد ويكون ردهم موضوعياً ومنصفاً ودقيقاً، رغم أنه وكما هو واضح جاء بطريقة سريعة ومن دون تفكير، وهذه تسمى سرعة البديهة، وأعتقد أن هذا يدل على تمتع الشخص بثقافة تساعده على وضع رد موجز ودقيق وسريع، فتجعل الذي أمامك في حيرة وتفكير لإجابتك.
بين يدي عدد من القصص التي حملت مفارقات عجيبة وردود غريبة لعدد من الفلاسفة والعلماء على بعض المواقف التي مروا بها، خلال قراءتك لها ستدهشك سرعة الرد وفي الوقت دقته، بل البعض منها قد تكون حكمة من المفيد ترديدها، من هذه القصص قصة كاتب لتوه في بداية الطريق، قال للمؤلف جورج برنارد شو: «أريد أن أكتب شيئاً لم يكن قد كتبه أحد من قبل فماذا تشير عليّ ؟ فأجابه: الأمر في غاية البساطة، اكتب رثاءك!
وهذه مؤلفة قصص الجريمة والغموض الكاتبة الإنجليزية العالمية أغاثا كريستي، عندما واجهت سؤالاً فيه اقتحام لحياتها الشخصية: لماذا تزوجتِ واحداً من رجال الآثار؟ فكان جوابها تهكمياً: لأني كلما كبرت ازددت قيمة عنده.
وبعيداً عن الأدباء هذا هو السياسي البريطاني ونستون تشرشل الذي كان يلقي كلمة في البرلمان ويعترض خلالها على بعض القوانين المتعلقة بحرية المرأة والقوانين الخاصة بالنساء، وكما يظهر فإنه تحامل كثيراً، مما جعل إحدى النساء الحاضرات تنهض وتصرخ في وجهه: لو كنت زوجي لوضعت لك السم في القهوة، فرد عليها مباشرة لو كنت زوجك لشربته فوراً.
وبالمثل، فإن هناك مواقف تحدث تعجز تماماً عن الرد عليها وتعجز حتى عن التعليق والشرح، مهما كانت درجتك العلمية، لعل القصة التي حدثت مع العالم ألبرت أينشتاين، الذي توجه لأحد المطاعم واكتشف أنه قد نسي نظارته في المنزل فلما أحضر الجرسون قائمة الطعام ليقرأها ويختار منها الطعام الذي يريد طلب منه أينشتاين أن يقرأها له، فاعتذر الغرسون قائلاً: إنني آسف يا سيدي، فأنا جاهل مثلك!. وغني عن القول إن أينشتاين لاذ بالصمت، وفي ظني أنه ابتسم أو ضحك على هذه المفارقة وهذا الموقف الذي بات فيما بعد دائم السرد..
وفي ظني أن سرعة البديهة ليست مهارة يتم تعلمها أو يمكن اكتسابها بالممارسة، لأن نتائجها في كثير من الأحيان لا تكون محمودة، وقد تكون عكسية، وهي عموماً لا تدل على الذكاء كما أنه ليس من الضروري الرد المباشر على كل ما يعترضنا في حياتنا اليومية.