سجل المرصد المغربي للعنف ضد النساء "عيون نسائية" 44 ألفا و642 فعل عنف، مورس ضد 5 آلاف و542 امرأة، تتراوح أعمارهن بين 15 و38 سنة، بمعدل 8 أفعال عنف مختلفة ضد كل امرأة زارت مراكز الاستماع التابعة للمرصد، خلال سنة 2012.
جاءت هذه الأرقام الصادمة في التقرير السنوي الخامس للمرصد، الذي يضم عددا من الجمعيات النسائية، قدم في ندوة صحفية، صباح أمس الثلاثاء بالدارالبيضاء، الذي يصادف اليوم العالمي لحقوق الإنسان.
وقالت نجاة الرازي، رئيسة الجمعية المغربية للدفاع عن حقوق النساء بالدارالبيضاء، إن تقرير 2012 يدق ناقوس الخطر، لأن "العنف ضد النساء أصبح يهدد الحق في الحياة"، مضيفة " أن التدابير المؤسساتية والسياسات المرصودة، والمتخذة من أجل حماية هؤلاء النساء والحد من الظاهرة، لم تعط أي نجاعة، بل هناك استفحال للظاهرة وخطورة للآثار، وهن نساء لجأن لهذه المراكز وطالبن بالنجدة، وسجلن شكايات في الأمر لدى الشرطة، لكن مسهن العنف وتعرضن للقتل".
وأضافت الرازي، في تصريح لـ "المغربية"، أن "الأخطر، هو أن هذا العنف متسامح معه، خاصة أن أغلب مرتكبيه من الأزواج"، مشيرة إلى أن تزايد العنف ضد النساء أصبح يتطلب التصدي أكثر، والاستعجالية في إخراج قانون شامل يحمي النساء من العنف بمختلف أشكاله، يراعي عدم الإفلات من العقاب، والتكفل بالنساء ضحايا العنف، وحمايتهن من العنف، والوقاية منه، عبر إرساء سياسة نشر ثقافة المواساة والاحترام بين المواطنين والمواطنات، ووضع حد من العنف ضد النساء.
واعتبرت الرازي أن هذه التدابير "لا تقتصر فقط على اللجوء للقانون، بل تقتضي سياسة عمومية، تبين انخراط دولتنا فعليا في مواجهة العنف ضد النساء، وليس اتخاذ تدابير آنية وعدم الاقتصار على الشعارات وعلى استراتيجيات مرحلية"، معتبرة أنه آن الأوان لتحمل المسؤولية جميعا، بشكل ناجع وملموس.
وأوضح التقرير السنوي أن مراكز الاستماع توصلت، خلال سنة 2012، بست حالات قتل نساء، عرضت أربع منها، إذ اختلطت دموع أقارب هؤلاء النساء بدموع الحاضرين، خاصة أن الضحايا فتيات في عمر الزهور.
ورصد التقرير 189 حالة تفكير في الانتحار نتيجة التعرض للعنف، و47 حالة حرق، و23 حالة عنف خلفت عاهات مختلفة، و35 حالة إجهاض لها ارتباط بفعل من أفعال العنف، و413 حالة اغتصاب زوجي، صرح بها لدى مراكز الاستماع، و250 حالة اغتصاب خارج سياق العلاقة الزوجية، و300 حالة حمل غير مرغوب فيه ناتج عن اغتصاب، أو اغتصاب زوجي، و35 حالة إصابة بأمراض جنسية، و36 امرأة ضحية عنف اضطررن إلى امتهان الدعارة، و688 امرأة صرحن بأنهن دون مأوى.
واحتل العنف النفسي المرتبة الأولى بنسبة 47 في المائة، بما مجموعه 21380 فعل عنف نفسي، يليه العنف الجسدي بنسبة 29 في المائة، ويشمل 12304 أفعال عنف جسدي، ثم العنف الاقتصادي، الذي يقدر بـ 6369 حالة عنف، بنسبة 13 في المائة. أما العنف القانوني، فرصد ما مجموعه 3219 فعل عنف، أي نسبة 8 في المائة. وسجل العنف الجنسي 1370 فعل مصرح به من طرف النساء اللواتي زرن مراكز الاستماع، مشكلا نسبة 3 في المائة من مجموع الأفعال المصرح بها.
وحسب قاعدة بيانات المرصد، فإن أغلبية ضحايا العنف ينتمين إلى المجال الحضري بنسبة 76 في المائة، تليهن بنسبة 10 في المائة منهن في الوسط شبه الحضري، بينما تحتل القرويات نسبة 14 في المائة.
وتفدر أغلبية النساء المشتكيات من أحياء شعبية أو متوسطة،47 في المائة منهن يقطن منازل تقليدية، و30 في المائة منهن يسكن في شقق. أما بالنسبة للوضعية العائلية للنساء المعنفات الوافدات على مراكز الاستماع، فإن المتزوجات يشكلن نسبة 55 في المائة، تتبعهن الأمهات العازبات بنسبة 28 في المائة، ثم المطلقات بنسبة 6 في المائة، وأخيرا الأرامل، بنسبة 20 في المائة.
وبخصوص آثار العنف على النساء والأطفال، سجل مرصد "عيون نسائية" 45791 تأثيرا للعنف، وألحق أضرارا بصحتهن النفسية والجسدية، وبحقوقهن الاجتماعية والاقتصادية، وبأطفالهن، واستقرارهم النفسي والاجتماعي. وكشفت معطيات المرصد أن العنف الذي تعرضت له زائرات المراكز، ترك آثارا نفسية حادة بمجموع 22480، بنسبة 49 في المائة.
وطالبت الجمعيات النسائية المنخرطة في المرصد، خلال الندوة، بالإسراع بإصدار قانون شامل يحمي النساء من مختلف أشكال العنف، وفق المعايير الدولية، وبشكل يراعي مقترحات الجمعيات النسائية ضمن تحالف "ربيع الكرامة"، خاصة إخراج "هيئة المناصفة" و"عدم التمييز"، وتوفير شروط تفعيلها.
للتذكير، فإن مرصد "عيون نسائية" يرصد، كل سنة، الحالات التي تغد على مراكز الاستماع التابعة للجمعيات النسائية المنخرطة، في إطار تقليد سنوي يتزامن مع الحملة الوطنية لمناهضة العنف ضد النساء، التي تمتد من 15 نونبر إلى 10 دجنبر، الذي يصادف اليوم العالمي لحقوق الإنسان.