لم يعرفْ المحتلون الإسرائيليون أنَّ أجدادَنا، الشعراءَ العربَ ابتدعوا فنا أدبيا قديما، لا مثيل له في آداب العالم، وهو فنُ الوقوفِ على الأطلال، وأثْرَوا آدابَ العالمِ بهذا الفن، وجعلوا الوقوفَ على الأطلال شرطٌ رئيسٌ لقول الشعر، فمَن لا يقفُ على الأطلال، لا يُعتبرُ شاعرا، وللأطلال – أيها الغاصبون -تقاليدها:
ومن تقاليد الأطلال الإشارةُ إلى بقايا البيتْ ، من أثافٍ، وهي حجارةُ قدور الطعام، ومِن بقايا الخيمة، التي ضمَّت روائح الأحبة، ومِن سروج الخيول، وآبارُ المياه، وملاعب الأطفال.
وبكاءُ الأطلالِ أيضا حنينٌ إلى الماضي، ليس من أجل إرجاعِه يأسا- كما تظنون- بل مِن أجل جعلِه زادا للمستقبل!
هكذا إذن، أيها المحتلُون، كان أجدادنا الأولون، يعرفون كيف يُحوِّلون الركامَ وبقايا البيوتِ إلى شموعٍ تُنير عواطفَ أبنائهم، وتدفعُهم إلى الحياة المملوءة بالأمل والإبداع.
نعم – أيها المحتلون- جعلّ أجدادُنا بقايا بيوتِنا سيمفونياتٍ خالدةً ، مدى الدهر، لقد علموا العالمَ كلَّه ألحانَها، ونغماتِها، وهكذا حولوا الرمادَ، وبقايا الحجارة إلى خلودٍ أزلي، في أجيالهم ، وأجيال العالمين.
فلا غرابةَ – أيها الوحشُ المُدَمِّر_ أن يُصبح الفلسطينيون كلُّهمُ شعراءَ مبدعين،
عبثا جهودُكُمُ أيُّها الغاصبون، فأنتم لم تقرؤوا أحدثَ أبياتِ شعرائنا في فن الوقوف على الأطلال، هذه الأبياتُ استخرجَتْها قنابلُ دمارِكم من تراثنا، ومن قلوبنا، فنحنُ اليومَ نُغنِّي:
يا دارَ جَدِّي (بالبُراقِ) تكلمي..... وعِمي صباحا دارَ جَدي واسلمي
ولم تقرؤوا أيضا:
قفا نَبْنِ مِن ذكرى شهيدٍ أعزلِ..... بيتا جديدا للوليدِ المُقبلِ