تشير الإحصاءات إلى أن هناك أكثر من 70% من النساء فى العالم يتعرضن للعنف فى حياتهن، ويتعرض ما بين 500 ألف إلى 2 مليون من الأشخاص سنوياً للاتجار بهم، وتمثل النساء نحو 80% منهم، ما دفع "اللجنة الاقتصادية والاجتماعية لغربى آسيا" (الإسكوا) بأن تطلق 3 دراسات حول العنف ضد المرأة فى المنطقة العربية للعمل على مكافحته.
وتهدف هذه الدراسات، التى أعدها "مركز المرأة" فى الأمم المتحدة، وأطلقها خلال حفل فى مقر "الإسكوا" فى العاصمة بيروت اليوم الجمعة، إلى إرساء الأسس المعرفية، وتقديم المعلومات الشاملة عن ظواهر "العنف الخطيرة" التى تتعرض لها المرأة العربية من كل الأجيال وفى كل مرافق الحياة.
وقالت سميرة عطالله، مديرة إدارة مركز المرأة فى الإسكوا، إن "الأرقام المتعلقة بنسبة تعرض المرأة فى العالم العربى للعنف كثيرة والإحصاءات عديدة ولكنها "لا تعطى صورة واضحة ودقيقة".
وأوضحت سميرة، على هامش الحفل، أن "من أهم التوصيات التى نخرج بها فى دراساتنا هى تحديد أرقام بشكل دقيق لمعرفة عدد ضحايا العنف تساعدنا فى وضع خطط استراتيجية وسياسات لمواجهتها".
ولفتت إلى أن "تطور أى مجتمع يكمن فى قدرته على القضاء على ظاهرة العنف ضد المرأة، التى تعتبر انتهاكاً لحقوق الإنسان".
ودقت سميرة عطالله ناقوس الخطر فى كلمتها خلال الحفل، وضمت صوتها لأصوات المعنيين والناشطين المتصدين للعنف ضد المرأة، داعية جميع أفراد المجتمع فى القطاعات المختلفة لتكثيف الجهود لمواجهة هذه الظاهرة.
وأوضحت أن الدراسات الثلاث، "مكافحة العنف الأسرى ضد النساء والفتيات"، و"الاتجار بالنساء والأطفال فى المنطقة العربية"، و"الجهود المتعددة القطاعات لمكافحة العنف ضد المرأة فى منطقة الإسكوا"، تهدف إلى تقديم توصيات، وأسس قانونية وخدماتية لدعم الجهود الداعية لمناهضة العنف ضد المرأة.
ورأت أن "حق المرأة بحياة خالية من العنف بكل أشكاله ليس إلا حق إنسانى، ولكن غالباً ما يتم تناسيه خصوصاً فى ظل المجتمعات التى تشهد حروبا وفقرا وظروفا اجتماعية واقتصادية سيئة".
من جهتها، أوضحت لانا بيدس، مسئولة أولى للشئون الاجتماعية فى مركز المرأة التابع للأمم المتحدة، خلال الحفل، أن "هناك امرأة من أصل 5 نساء ضحية للاغتصاب، أو لمحاولة الاغتصاب فى حياتها، وأن من بين كل ثلاث نسوة تتعرض واحدة على الأقل فى حياتها للضرب أو الإكراه على الجماع، إلى جانب خضوع أكثر من 130 مليون فتاة وامرأة خضعن للختان خصوصاً فى أفريقيا وبعض دول الشرق الأوسط".
ولفتت إلى أن هذه الإحصاءات دفعت بالأمين العام للأمم المتحدة "بان كى مون" فى مناسبة إطلاق حملة "اتحدوا لإنهاء العنف ضد المرأة"، أن يحث الجميع على العمل لمكافحة العنف، قائلا "اكسروا حاجز الصمت ولا تقفوا مكتوفى الأيدى عند مشاهدة ظواهر العنف ضد النساء والفتيات".
وقالت سميرة التويجرى، المديرة الإقليمية للدول العربية فى هيئة الأمم المتحدة، إن "العنف حقيقة واقعة تحدث مع إطلالة كل يوم جديد لتطمس الأمل وتغلق الأبواب فى وجه نساء وفتيات يتعرضن للعنف الجسدى واللفظى والجنسى ويستسلمن للصمت".
وأعطت سميرة التويجرى مثالاً عن المغرب، إذ "بلغت كلفة التقاضى المرتبط بالعنف 6 ملايين دولار سنوياً، فى حين أوضح مقدمو الخدمات أن كلفة الاعتناء بالضحايا قد بلغت 196 مليون دولار".
وكشف عبد الله العلمى، كاتب سعودى ساعد على إطلاق حملة "الشريط الابيض" فى السعودية والتى تهدف إلى مساندة الرجل لمبدأ إنهاء العنف ضد المرأة، أنه لا يوجد إحصاءات دقيقة وشاملة عن العنف ضد المرأة فى السعودية، ولكن هناك إحصاءات نشرت خلال العام الحالى تشير إلى أن 25% من النساء يتعرضن للعنف الجسدى من بينهن 63% يتعرضن لعنف شديد أدى لإصابات خطيرة".
وأضاف العلمى أنه من 33 إلى 35% من النساء يتعرضن لعنف نفسى، و7% لعنف جنسى، فيما تعرضت 7% من النساء للضرب على البطن، و11% تعرضن للعنف أثناء الحمل.
بدورها، أعربت نضال الأشقر، ممثلة لبنانية وناشطة فى حقوق المرأة، عن سعادتها للبدء فى مواجهة ظاهرة العنف ضد المرأة "بخجل أقل وقيد أقل" على الرغم من صعوبته وخطورته.
ورأت الأشقر أننا "نعاصر فى عالمنا العربى حالة مأساوية أو بلغة المسرح تراجيديا حقيقية، فالمرأة العربية تواجه التمييز والعنف بكل أشكاله، بهدف قمعهن وإسكاتهن، إضافة إلى المأساة التى تتعرض له اللاجئات و النازحات، وهو الاتجار بالبشر باسم الزواج وهو ليس إلا عملية بيع و شراء".
وتقدم إحدى الدراسات، "مكافحة العنف ضد المرأة فى المنطقة العربية، جهود متعددة القطاعات"، عرضاً أولياً للخدمات والبرامج المقدمة للناجيات من العنف ضد المرأة فى البلدان الأعضاء فى الإسكوا، وتنظر فى طبيعة نظام الإحالة الموجود فى هذه الدول لحماية الناجيات من العنف وتزويدهن بالخدمات التى يحتجنها.