البعض من الناس لديهم حالة غريبة من السوداوية ورؤية كل شيء بضبابية وتشاؤم، هذه النوعية من الناس تصيبك بالقلق عند جلوسك معهم لبعض الوقت، وعندما تبدأ بالاستماع لهم ولكلماتهم تحتار لماذا كل هذا الظلام، حتى المستقبل يلونونه بالألوان القاتمة، ولو حاولت أن تخرجهم من هذه الحالة ستجد التسخيف والتهوين من قوة فكرك وقدرتك على فهم الذي يرمون له، عندما تنظر لحياة مثل هذه الفئات تجد حياتهم مكتملة، أو على الأقل لا ينقصها شيء.
امرأة جمعني بها القدر في مناسبة اجتماعية لم يكن لي من مفر سوى البقاء بقربها لنحو ساعتين، وملأت مسامعي بحالة من الألم والحزن لحالها، وقالت لي إن حياتها تعيسة بكل ما تعني الكلمة، وسردت سلسلة من الأحداث المؤلمة، فتعاطفت معها بكل جوارحي، لكن المفاجأة أنني بعد أن سألت عنها اكتشفت أنها تعيش حياة رغيدة لديها أبناء وبنات ناجحون، وأسرتها من الزوج إلى الأبناء يضرب بهم المثل في دماثة الخلق، بل إن من زودتني بهذه المعلومات كانت تضحك وتهز رأسها، وهي تقول لي إنها تقول ما للجميع نفس ما قالته لك، اطمئني حياتها غير، لكن المفاجأة بحق التي جعلتني أصمت تماماً عندما سمعت تعليلاً لسبب ممارستها لمثل هذا السلوك، وهو الخوف من العين والحسد، تظهر نفسها وزوجها وأطفالها بمظهر غير جيد، وتسرد قصصاً من الأكاذيب، والمبرر الخوف من العين والحسد، فعلاً توجد نماذج في حياتنا تذهلك طريقة تفكيرها، وتستغرب كل هذا التسطيح والسذاجة، فبدل أن تحمد الله وتشكره، تكذب وتنكر نعمة الله عليها، فقط حتى لا تصاب بالعين والحسد.
فعلاً يوجد بيننا أناس متعلمون، لكنهم غير واعين غير مثقفين غير مدركين، إنهم يتصرفون أشبه بإنسان جاء من الغابة لتوه، لا يعرف الحياة وسلوكيات الناس، فكنت أتمنى أن ألتقي تلك السيدة مرة أخرى فقط لأقول لها ما دمت تخافين من العين، لماذا تلبسين ماركات شهيرة وآخر موضة؟ لماذا تظهرين نفسك في أجمل و«أشيك» ما يكون؟ بل لماذا لا تفوتين مناسبة اجتماعية إلا وتحضرينها مادامت مشاعر الخوف وصلت بك إلى هذا الحال؟
كم أتمنى أن نعرف متى نشكر الله فعلاً لا قولاً وحسب على نعمه، إن التجني على هذه النعم بإنكارها تحت أي سبب سلوك الجاحد، وكذلك إساءة الظن بالناس سلوك مشين، لا يدل إلا على سطحية في التفكير لا أكثر.