يقال إن الأطفال هم الأكثر فرحاً وسعادة بقدوم العيد، بل هم الأكثر كسباً وفائدة، يقال إن العيد هو للأطفال، وإنك تجد ملامح العيد بين تلك الضحكات البريئة والألعاب العفوية والكلمات غير المنمقة أو المرتبة من ثغر طفلة تعبر بسعادة عن هذه الأجواء. وأنا أقول إننا نفرح جميعاً بالعيد لكننا نصعّب على أنفسنا هذه الفرحة فقد تلبستنا الجدية ونسينا في غمار السعي الحياتي العفوية والبساطة والتعبير عن السعادة، حتى باتت الضحكات شحيحة والبسمات بتكلف وكأننا نسحبها حتى لا يقال عنا بأننا خفيفو الظل أو لا شيء يشغلنا..
نريد أن نفرح مثل هؤلاء الأطفال لكننا نعقد أنفسنا ونلبس من حولنا هذا التعقيد والتكبيل، لم نعد نعبر عن السرور بخفة وعفوية ولم نعد نمارس الفرحة بتلقائية ودون تكلف. لذا نسمع من يقول إن العيد للأطفال، ماذا عنا نحن الكبار؟ ألا يجب أن نفرح بهذه المناسبة؟ ألا يفترض أن نبتهج وننطلق في مرح ولعب ونتخلص من عقبات وعقليات جامدة؟ يأتي العيد لنتغير في نظرتنا للأيام وللناس حتى للظروف والعقبات، كأن العيد يريد منا أن نبدأ بتفاؤل وعفوية، كأنه يريد أن يبلغنا أن الفرح والابتسام زاد ثمين في حياة مسالكها وعرة ودروبها صعبة وقاسية، كأنه يريد أن يقول أن نتعلم من هؤلاء الأطفال انتهاز الفرصة فرصة السعادة وأوقاتها وننسى همومنا ومتاعبنا على الأقل خلال هذه الأيام.
في العيد يفترض أن تغطينا البهجة وننشر ملامح الفرح، لا مجال للكراهية والبؤس والعبوس خلال هذه الأيام.. لنكن كالأطفال لا تغادرنا البسمة، نركض هنا وهناك بخفة وسرعة نتحدث جميعنا مع بعض ونفهم بعض ونضحك من بعض، لنشعر في العيد بطفولتنا إذا لم نستطع أن نفرح ونسعد ونحن في هذا السن.. لنحمل في أيدينا العيدية حلوى أو قالباً من الشكولاته أو نحوها لنقدمها لبعض لنتبادل الهدايا كما يفعل الأطفال تماماً وهم يدورون في الأرجاء يطلبون العيدية، يفرحون بأبخس الحلويات ولا يغضبون ممن يتجاهلهم.
صحيح ستقال بعض الكلمات التهكمية ولكن لا أكثر، لنكن بعفوية ورمزية العيد، لنشعر بأننا سعداء بالعيد وبأن أيامه ثمينة وغالية علينا، ولنستغل أيامه في علاج أوجاعنا الاجتماعية مع الأصدقاء والأقارب، لنتصل بمن هو غاضب منا، ولنسامح من شتمنا أو كرهنا، ولا نهتم بالنتيجة ولا بما يحدث بعد ذلك.. المهم أن نشعر بروح العيد وبهجة العيد تماماً كالأطفال .. عيدكم مبارك.