يجد 4 % من الأطفال صعوبة في التأقلم مع الدراسة لظروف نفسية أو اجتماعية تدفعهم إلى إعلان الرفض بالعزوف عن الحضور، و تبدي الأسر تخوّفاً كبيراً من تأثير ذلك في حياة أطفالهم، ما يجعلهم يستنجدون بالاختصاصين النفسين لإيجاد الحلول المناسبة لعلاج المشكلة.
أولاً : ما هذه الحالة ؟
خوف الطفل من المدرسة أو رفضه الذهاب من المدرسة أمر شائع، و قد يمرُّ به الطفل في أي وقت خلال حياته، و هو عبارة عن حالة من القلق من الذهاب إلى المدرسة و غالباً لا تكون من المدرسة بحدّ ذاتها ! لذلك هو عرض و ليس مرضاً بحدّ ذاته، و يجب البحث عن المرض الأساسي المسبّب قبل كل شيء، و يجب التميز بين هذه الحالة و حالة التهرُّب من المدرسة بسبب التمرد و العناد عند الطفل.
ثانياً : هل هو منتشر ؟
تشاهد هذه الحالة عند 2 إلى 4 % من الأطفال، و تشاهد في كافة الأعمار من 5 إلى 17 عاماً، إلا أنها تكثر بشكلٍ أساسي عند سن دخول المدرسة للمرة الأولى و عند الانتقال من المرحلة الابتدائية إلى المرحلة المتوسطة.
ثالثاً : ما سبب خوف الطفل من المدرسة ؟
هناك أسباب كثيرة و متعدّدة، و تكون في كثير من الأحيان خفيّة على الأهل و المدرسة و غير متوقّعة، و من أهمّها :
1 - قلق الانفصال عن الأبوين : عند أول ذهاب للطفل إلى المدرسة بسبب تعلُّقه بوالديه و بالمنزل و يكون رفضه تعبيراً عن عدم رغبته في الانفصال عنهما، و يعبّر عنها الطفل بالخوف من أن يصاب بالأذى هو أو أحد أبويه و هو بعيد عنهما، أو أن يترك في المدرسة و لا يجد أحداً ليأخذه. و يعدُّ هذا السبب من أكثر الأسباب شيوعاً لرفض المدرسة و خاصةً عند الأطفال في سن دخول المدرسة.
2 - عند العودة إلى المدرسة من العطلة أو بعد مرض طويل عند الأطفال الكبار، بسبب الخوف من تغيير المدرسين أو الرفاق.
3 - الخوف من عربة نقل الطفل إلى المدرسة ( حافلة المدرسة ) أو الطريق إلى المدرسة لسببٍ ما.
4 - عند تغيير المدرسة إلى أخرى للأسباب السابقة، و خاصةً في العائلات المتنقّلة بسبب ظروف عمل الأب أو ظروف عائلية.
5 - الخوف من بعض المدرسين بسبب طريقة تعاملهم.
6 - سخرية الزملاء من الطفل أو المراهق لسبب ما كزيادة الوزن و عدم القدرة على اكتساب أصدقاء مقربين.
7 - الخوف الاجتماعي و خاصة عند المراهقين.
8 - تعرُّض الطفل للإساءة الجسدية أو الجنسية في المدرسة.
9 - ولادة طفل جديد في العائلة.
10 - وجود شخص مريض بشدة في العائلة.
11 - وجود مشاكل عائلية، كانفصال الوالدين أو الطلاق أو العنف المنزلي.
12 - التقصير في الأداء و التحصيل المدرسي لسببٍ ما.
13 - وجود حالة مرضية خاصة عند الطفل كفرط الحركة أو مرض القلق أو الكآبة أو نوبات الذعر.
14 - وجود أحد اضطرابات التعلم كالتأتأة و صعوبة القراءة.
15 - القدرة الذكائية المرتفعة و عدم تلبية المدرسة لطموحات الولد؛ ما يسبّب الملل و الضجر للطفل من المنهاج و التدريس.
كيف تتظاهر أعراض الخوف من المدرسة أو رفضها عند الطفل ؟
تختلف هذه الأعراض من طفلٍ لآخر و بحسب شدة الحالة، و أكثر الأعراض مشاهدة هي :
* البكاء و الصراخ عند الأطفال الصغار و التعلُّق بالأهل عند الدخول للمدرسة، و نوبات من الخوف و الذعر و ضيق الصدر عند الأطفال الكبار و المراهقين.
* الشكاوى الجسدية : ألم البطن و ألم المعدة، الصداع، الغثيان، إدّعاء الشعور بالتعب، تسرُّع نبضات القلب، تعدّد مرات التبوّل. و تظهر هذه الأعراض عادةً عند ذكر المدرسة و مناقشة ذلك أو عند دخولها أو عند الخلود للنوم مساء.
كيف تتعامل مع حالة الخوف من المدرسة عند الطفل ؟
يجب الانتباه للحالة بشكلٍ مبكّر، و كما ذكرنا أنها عرض لمرض و ليست مرضاً مستقلاً، و بالتالي يجب التعرُّف على سبب مخاوف الطفل و العمل على إزالتها فهذا هو حجر الأساس في العلاج.
و في هذه الحالة يجب التعاون ما بين الأهل و كادر المدرسة و الطفل في التعرُّف على تلك المخاوف و معالجتها، و تكون خطوات المعالجة الرئيسية لحالة رفض المدرسة على الشكل التالي :
1 - زيارة المدرسة من قبل الأهل و التعاون مع الكادر التعليمي.
2 - البحث عن سبب هذا الخوف و القلق.
3 - العمل على إزالة هذا السبب، من خلال إما تدريب الطفل أو تدريب الأهل أو التعاون مع المدرسة، و تختلف الطريقة حسب نوع الخوف.
4 - عمل اتفاق مع الطفل للذهاب إلى المدرسة.
5 - تطبيق الاتفاق بحزم و بهدوء دون ضرب أو صراخ.
6 - الصبر على الطفل و عدم التراجع معه للعودة إلى البيت.
7 - إعادة التقييم مع المدرسة باستمرار حتى يطمئن الطفل فيها.
و هنالك بعض الممارسات الشائعة التي تساعد على استمرار المشكلة في كثير من الأحيان، و يتوجّب على الأهل و المدرسة الابتعاد عنها، و من أهمها :
1 - التعامل القاسي مع الطفل بضربه أو حمله عنوة و إدخاله المدرسة.
2 - تغيير المدرسة إلى مدرسة أخرى أو المدرِّس إلى مدرِّس آخر، و خاصةً إذا ثبت عدم وجود مبرر لذلك سوى مزاجية الطفل.
3 - الاستجابة للطفل و إبقاؤه في البيت لفترة طويلة دون معالجة، مع السماح له باللعب في فترة المدرسة و كأن شيئاً لم يكن ما يعزز رفضه للمدرسة.
4 - استجابة المعلمين لطلبات الولد بالاتصال بالأهل في كل وقت، و السماح له بالعودة إلى البيت متى يشاء.
إذا كان لدى الطفل مخاوف شديدة فلا تتأخر أخي المربي/ أختي المربية من إحالة الطفل إلى الطبيب النفسي لتقييم الحالة و التعرُّف على السبب، و تصميم خطة متكاملة يشترك فيها غالباً الطفل و الأهل و المدرسة.