قالت بسيمة الحقاوي، وزيرة التضامن والمرأة والأسرة والتنمية الاجتماعية المغربية، بأن النساء لديهن إحساس أكثر من الرجال بما يقع للنساء المعنفات، من قبيل الاغتصاب والضرب والكلام الجارح والنظرة الدونية والتهميش.
وذكرت الحقاوي، التي كانت تتحدث مساء أول من أمس في الندوة الختامية للحملة الوطنية الحادية عشرة لمناهضة العنف ضد النساء في الدار البيضاء «أصبحت أشعر بأن المرأة تحمل في طياتها تهديدا مرتبطا بجنسها، وأن الرجل يحمل في جسده وفي طيات كيانه سلاحا يهدد المرأة»، مشيرة إلى أنها لا تتحدث كوزيرة وإنما كامرأة مناضلة في المجال النسائي.
ودعت الوزيرة الحقاوي إلى إخراج قضية العنف ضد النساء من نطاقها الضيق لتصبح قضية مجتمع وليس قضية نساء أو قضية وزارة الأسرة والتضامن، مشيرة إلى أن وزارتها أعدت دراسة من أجل إشراك الرجال والفتيان في محاربة العنف ضد النساء، وقالت: «يجب أن يأخذوا مواقعهم في محاربة العنف ضد النساء، لتذويب تصور الجسد حسب الجنس وحتى تبقى الإنسانية والكرامة والحقوق ويبقى فقط المنطق الذي يحكم الإنسان كإنسان وليس أي شيء آخر».
واستشعرت الحقاوي غياب المؤسسات الاقتصادية والكونفدرالية العامة لمقاولات المغرب التي لها وزنها في هذا النقاش، بيد أنها تمنت أن تكون رئيسة الكونفدرالية حاضرة وتلقي كلمة تطمئن فيها القطاع الحكومي الوصي على المرأة بأن أصحاب العمل والمقاولات اليوم لديهم وعي في إطار السياق الجديد الذي يمر منه المغرب في ظل دستور جديد، وأنه لن تهان المرأة في أي فضاء كيفما كان بما فيه فضاء الشغل، مضيفة أنها كانت تأمل أن تكون هناك كلمة من أجل التعبير عن الاستعداد فيما بين القطاعات الحكومية والجهة التي تمثل المقاولات في المغرب، وأن تكون هناك اتفاقية أو ميثاق يضمن حقوق النساء الأجيرات داخل فضاء الشغل.
وأبرزت الحقاوي أن ما ميز حملة هذه السنة حول موضوع مناهضة العنف ضد النساء في مجال الشغل، تحت شعار «كفى من العنف ضد الأجيرات»، هو السياق الوطني الخاص الذي تميز بإعداد الوزارة لمشروع قانون لحماية النساء من العنف، إضافة إلى تخصيص مزيد من الاهتمام بالمرأة كفاعل اقتصادي لكن من زاوية كونه فاعلا لم يرق بعد إلى مستوى المشاركة الاقتصادية المرجوة منه.
وأثناء استعراضها لحصيلة الحملة الوطنية الحادية عشرة، استخلصت الحقاوي أنه كان هناك إجماع تام على صعوبة تداول «العنف ضد الأجيرات» لعلاقته بالبيئة الاقتصادية والإنتاجية عموما، وما تعتريها من صعوبات هيكلية، وكذا لصعوبة الإحاطة بفئة الأجيرات خصوصا بالنظر لتعقد العلاقات الشغلية، كما أن هناك إجماعا على عدم كفاية مختلف آليات الحماية الموجهة للأجيرات رغم جهود الدولة في توفيرها والدعوة لتطوير هذه الآليات والحرص على تناغم مداخلها وانسجام جهود مختلف المتدخلين، إضافة إلى استنتاج الحضور الباهت للفاعل المقاولاتي والاقتصادي خلال الحملة، رغم أن التقارير تفيد مشاركة بعض الفاعلين الاقتصاديين في بعض اللقاءات الجهوية وليس كلها.
وقالت الحقاوي إن المرأة في المقاولة قد تكون مالكة لوسائل الإنتاج، لكن بالتأكيد هي طاقة بشرية يجري استثمارها لتقوية رأس المال الاقتصادي الوطني، مضيفة أنها تريد أن يكون رأس المال مبنيا على المساواة وتكافؤ الفرص واحترام حقوق الإنسان والحقوق الإنسانية والمهنية للنساء الأجيرات.
من جهة أخرى، أكد عبد السلام الصديقي، وزير التشغيل والشؤون الاجتماعية المغربي، على عزم وزارته العمل من أجل النهوض بأوضاع النساء العاملات من خلال إيلاء عناية خاصة لهن بمختلف البرامج والأنشطة التي جرى تسطيرها على المديين القريب والبعيد، عادا أن مواجهة كل مظاهر وأشكال العنف الذي تتعرض لها النساء الأجيرات يفرض العمل على «تطبيق المقتضيات القانونية المتعلقة بحماية المرأة الأجيرة من العنف، والتحكم في معيقات تطبيقها، وكذا تعزيز المرجعيات القانونية الوطنية والدولية ذات الصلة بمبادرات مؤسساتية مشتركة وخطط عمل مستقبلية».
وقال الصديقي إن المغرب اتخذ لهذا الغرض عدة مبادرات توخت توفير الحماية الكاملة للمرأة العاملة، وضمان حقوقها الاجتماعية والاقتصادية والمدنية، موضحا أن أولى المبادرات انطلقت من إدراج مبدأ المساواة وتكافؤ الفرص والعدالة الاجتماعية بين الجنسين في دستور 2011. مرورا بإحداث هيئة للمناصفة ومكافحة كل أشكال التمييز، وصولا إلى إصدار الخطة الحكومية للمساواة «إكرام» في أفق المناصفة (2013 - 2016) التي تتضمن إجراءات هامة لتكريس وتعزيز حماية المرأة ومكافحة التمييز والعنف الممارس في حقها.
ودعا عبد الرزاق روان، الكاتب العام (وكيل) للمندوبية الوزارية المكلفة حقوق الإنسان، إلى إشراك كل الفاعلين المعنيين من مؤسسات حكومية وغير حكومية في قضية العنف ضد النساء، مشيرا إلى أن المغرب أبدى «انشغالا كبيرا بموضوع النهوض بحقوق المرأة وحمايتها، برز من خلال انخراطه في المنظمة الدولية لحقوق الإنسان والتفاعل معها بشكل عام، والانضمام إلى آليات الأمم المتحدة المتعلقة بحقوق المرأة بشكل خاص. وذكر روان أن المندوبية بصدد الاشتغال على أجرأة مشروع الشراكة الذي اعتمدته مع هيئة الأمم المتحدة للمرأة؛ لدعم قدرات وتنمية تملك مختلف الفاعلين في المجال التشريعي للمقاربة الحقوقية، بهدف إدماج بعد القضاء على كافة أشكال التمييز ضد النساء في مسار الإصلاح التشريعي.
يذكر أن الحملة الوطنية الحادية عشرة لمناهضة العنف ضد النساء انطلقت يوم 25 نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي، وذلك بتزامن مع تخليد اليوم العالمي لمناهضة العنف ضد النساء الذي يصادف 25 نوفمبر من كل سنة، وتمكنت وزارة التضامن والمرأة والأسرة والتنمية الاجتماعية، بفضل انخراط كل من مؤسسة التعاون الوطني ووكالة التنمية الاجتماعية من الوصول إلى عقد ستة لقاءات دراسية في ست مدن من شمال المغرب (طنجة) وشرقه (وجدة) ووسطه (فاس - الدار البيضاء) وجنوبه (أكادير – العيون)، وعرفت اللقاءات مشاركة أكثر من 700 فاعل محلي (400 فاعل محلي عبئهم التعاون الوطني و300 فاعل جرت تعبئتهم من طرف وكالة التنمية الاجتماعية).