عندما يقال إن العالم يزداد في كوارثه وحروبه فلا تستغرب أو تستهجن مثل هذه الكلمات المحملة بالسوداوية، وعندما يقال لك بأن العالم كلما ازداد حضارة وتقدماً ازداد سوءاً وقسوة وتدهورت الحالة الإنسانية أكثر في مختلف أرجاء العالم. ولا تتهم من يقول مثل هذا الكلمات بأنه معادٍ للتطور البشري أو التقدم الإنساني، بل حاول أن تعرف لماذا يطلق البعض مثل هذه الأحكام القاسية على الحضارة وعلى التقدم البشري.
بين يدي تقرير مؤلم بكل ما تعني الكلمة صادر عن المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، وجاء من ضمن معلوماته أن أعداد اللاجئين حول العالم تجاوزت الخمسين مليوناً لأول مرة منذ الحرب العالمية الثانية، وليس هذا وحسب بل إن معظم هؤلاء اللاجئين هم من الأطفال، ونتيجة لهذا الوضع المزري فإن قدرات منظمات الإغاثة وصلت حد الانفجار.
ولنستمع لتصريحات نشرتهاThe Guardian على لسان رئيس وكالة الأمم المتحدة للاجئين، أنطونيو غوتيريس، حيث قال: «نحن نشهد نقلة نوعية في التهجير القسري في العالم، حيث إن مجموع اللاجئين، وطالبي اللجوء، والمشردين نحو 51.2 مليون شخص، لو تم جمعهم في دولة واحدة، ستكون الدولة الرابعة والعشرين من حيث الاكتظاظ السكاني في العالم. تمثل هذه الأرقام عالماً يفتقر إلى السلام، ويمثل هذا النقص في السلام عجز المجتمع الدولي عن منع حدوث الصراعات في المقام الأول، وعن إيجاد حل لها في المقام الثاني، صحيح أن بعض هذه الصراعات لا يمكن التنبؤ بها، لكن في حالات أخرى رأينا الصراعات قبل قدومها ولم يفعل شيء لتجنبها».
وهذا بالضبط العلة أو الألم الحقيقي أن العالم بأسره بطيء جداً في نجدة المظلومين ومساعدة المحتاجين، وفي الحقيقة لا يحدث تحرك في كثير من الأحيان إلا من منظمات وهيئات معدودة على مستوى العالم، لأن هناك حسابات سياسية تتدخل، لن أذهب بعيداً فأمامنا مشهد مروع يحدث في غزة، حيث تفتك الآلة العسكرية الإسرائيلية بالأطفال والعزل هناك دون سبب أو جريرة إلا الرغبة بتحقيق نصر وتسجيل مواقف على حساب الضحايا الأبرياء الذين لا ناقة لهم أو جمل في مثل هذا الصراع الدموي المدوي المؤذي للإنسانية بأسرها، والذي يفرز مشردين والمزيد من اللاجئين داخل وطنهم لا تظلهم إلا السماء ولا يفترشون إلا الأرض.
نحن بحاجة لقانون دولي – أو تفعيل – يحمي الأبرياء ويذهب لنجدتهم بسرعة ويمنع استخدامهم كدروع بشرية أو أهداف لتحقيق مكاسب سياسية.