اتصال على تلفون البيت
أنا : ألو
الاّخر : أسطوانة مسجلة .
(على سكان شمال قطاع غزة منطقة ......................... وشرق وغرب معسكر جباليا إخلاء بيوتهم فوراً والذهاب باتجاه الجنوب (جباليا البلد) من شارع الفالوجا تمهيداً لقصفها لأنه يخرج من المنطقة صواريخ تضرب دولة إسرائيل معكم لغاية الساعة 12 ظهراً )
أنا : أقفلت السماعة ، وتذكرت ابني صالح وهو يمارس هوايته في جمع العصي الخشبية ولفّها بشريط لاصق أسود اللون لف متقن وهو يردد ::
طالعلك يا عدوي طالع من كل بيت وحارة وشارع .
سأستعير إحداها من صالح لتعليق علم فلسطين بها وتثبيته على شرفة منزلنا الذي ستقصفه ،
وبعد انتهائك من مهمتك القذرة ستلاحقك لعنة صالح وأمثاله ، ستلاحقك لعنتنا ، ليل نهار
وأنت مستيقظ وأنت نائم وأنت تأكل وأنت تشرب وأنت تنوي أن تفرح لأنك لن تفرح ، لعنتنا قاسية ، محكمة ، رموزها صعبة الفك والفهم ، طلاسمها مخيفة ،مرعبة ، ستبث الرجفة في يديك عندما تريد أن تمسك شيئاً ، ستحول بؤبؤ عينيك إلى اتجاهين ، مشيتك ستكون مهزوزة ستلتف سيقانك حول بعضها البعض ، سيتربع المرار في سقف حلقك لو شربت العسل ، سيرتبط لسانك ، سيشيخ قلبك ، سينبت الشيب المؤلم من عينيك ،ستخرج من مسامات جلدك العفن رائحة تراب غزة ممزوجة بالدم ، ستلاحقك لعنتنا أينما وجهت وجهك ، سنموت مرة شهداء ونعيش بعدها الحياة الحقيقية التي وعدنا بها ربنا ، ننظر إليك من بعيد ، بعيد ، بعيد ، بعيد جداً حيث لا تعرف أنت ذلك المكان ، ننظر ونبتسم ،
أما أنت ستموت عند كل نفس يخرج من صدرك المتهالك الأجوف ، فلعنتنا قاسية مريرة ، لن تهرب منها مهما فعلت ،ستحلم بأشلائنا متناثرة فوقك ، تحتك ، عن يمينك عن يسارك ، صور وجوهنا المدماة المشوهة ستنام إلى جانبك كل ليلة ، لا تحاول الهرب ، فنحن عندك في كل مكان نحن معك ، في حر الصيف سنغطس في كوب الماء المثلج الذي تشتهيه ، ستعكر دماؤنا المخلوطة بتراب غزة صفاء الماء ولكنك ستشرب فلا مفر فهذه لعنتنا ، في برد الشتاء ستطفئ دماؤنا المخلوطة بتراب غزة أي شعلة ترغب في الاستدفاء بها ، لن تدفأ أبداً ستبقى القشعريرة ملازمة لجلدك القذر فلا مفر فهذه لعنتنا ، لن ترَ في وجوه أطفالك إلّا صورنا ، ستشيح بوجهك عنهم حتى لا ترانا ، ستحاول مرة اخرى فأنت قد اشتقت لهم ، ولكننا موجودون ، مرسومون ، محفورون، منحوتون ، على وجوه صغاركم ، ما العمل ؟ لن ترَ غيرنا فلا مفر فهذه لعنتنا ، في الليالي الساكنة ، الباردة ، ستخرج أصواتنا من تحت أظافرك ، في البدء ستخاف لأنه مشهد قاسي ،سيوجعك ، كل صوت له رنة مختلفة عن الاّخر ، وسيتكلم كل صوت في موضوع مختلف ، ستختلط عليك الأصوات ، لأنها مزعجة قليلاً ، فنحن نهوى الازعاج ، ستحاول سد أذنيك ولكن أصواتنا ستقترب منها أكثر ، ستتعب أكثر ،ستحاول تقليمها لكن لن تستطيع فيديك ترتجفان تهتزان ، ستضطر لسماعنا معاً ،أصواتنا متشابكة ، لها صدى عالي سيخترق حاجز الصوت ، ستصعق من قوة الكلام الغير مفهوم سيطن في اّذانك مثل طنين النحل المجنون على رأس كل حرف نحلة لا تموت ،
لا مفر فهذه لعنتنا ،
ستتمنى الموت وأنت تعي أن بعده جهنم
لكنك ستعتقد أنها ستكون أرحم .
لا مفر ... لا مفر ... منّا ...فهذه لعنتنا .
أمّا الاّن فتستطيع أن تقصفنا .. فقد قُضي الأمر .. وقرأنا عليك لعنتنا .