المرأة في عيدها هذا العام.. مسجونة في قمقم ثقافة هجينة.. تسمّى داعش..
هذا ما أنبته الربيع العربي من ورود.. ورود مليئة بأشواك توشك أن تثقب الأرض من فرط قسوتها..
هذا العام.. أصبح للمرأة حقّ الاختيار.. أن تكون عاهرة شرعا.. أو ميتة.. شرعا أيضا.. أصبح لها الحق أن "تتطهّر" بالختان.. أو تتطهّر بالذبح..
هذا العام.. العالم العربي صار مزبلة تاريخية.. ترمى فيها النساء على مرأى ومسمع من أهلنّ... فإمّا أن تتزوّج أحد "الخلفاء الراشدين" أو "الأئمّة المحنّكين" أو "خيرة المجاهدين".. وإمّا يشرّد أهلها.. أشلاء في التراب..
هذا العام.. عيد المرأة في تونس له نكهة أخرى.. مع توغّل الفكر التكفيري.. والفكر الذكوري في تونس.. فكلّ امرأة تونسية تنظر بعين الريبة إلى الأيام المقبلة.. لا تدري هل تسنّ سكاكين مطبخها تجهّزا للغرباء.. أم تنام هانئة لتصحو على صوت "الله أكبر" مُعلنا زواج ابنتها ذات الأحد عشر ربيعا على أحد "المجاهدين"..
هذا العام.. عيد المرأة.. 13 آب/أغسطس الذي أرساه الزعيم الراحل الحبيب بورقيبة لتذكير مجتمع كامل بقيمة المرأة.. ستتذكّر فيه بنت تونس.. أنّها بين مُفترق طرق.. إما النّضال.. لمواصلة مسيرتها.. أو التسليم بالقادم الدموي.. القادم الشبقيّ.. القادم الذكوري.. القادم التكفيري..
عيد بطعم الدّم.. مع موجة الإرهاب التي تعرفها البلاد.. عيد بطعم إفطار لم يُستكمل على مائدة عسكرية بسيطة.. بل انقلب إلى مجزرة في شهر رمضان المبارك..
عيد بطعم انتخابات.. لا أحد يدري هل ستتمّ بمصداقية أم لا.. عيد بطعم خيانات سياسية واضحة.. ورائحة عفن سياسي تحت الطاولات.. وأربع نساء قرّرن خوض مغامرة الانتخابات الرئاسية على أمل إنقاذ الموقف.. لعلّ المعجزة تحدث..
عيد المرأة التونسية هذا العام.. له لون الدم.. والدم يخضّب كفوف أمّهات ثكالى.. وتراب جبل الشعانبي ومدينة القصرين والكاف وغيرها من المناطق التي تلاعب فيها الإرهابيون بالسلاح مع أبناء وطنهم.. ومن يدري أيّ أرض ستُبقّع بالدم غدا..
13 آب/أغسطس.. موعد سنوي لتذكير المرأة بمُكتسباتها.. هذا العام سيكون تذكيرا لها بالتشبث بهذه المكتسبات..
عيد.. لمرأة حنت ظهرها للحصاد.. استفاقت فجرا لتجهيز خبز الطابونة.. جابت البلاد طولا وعرضا لتشريف تونس في المحافل الرياضية.. قادت الباخرة والطائرة.. بَنَتْ مجد تونس وعزتها..
عيد.. ليس كأيّ عام.. إنه ذاكرة وذكرى..
فهل تبقّى للمرأة التونسية عيد هذا العام؟