برهنت المرأة التونسية أنها قادرة على تخطي الصعوبات وتجاوز العراقيل التي تقف أمامها لتنافس الرجل في جلّ نشاطاتها السياسية والثقافية. وتمكنت من اكتساح سوق الشغل وزاحمت الرجل في الخطط الوظيفية التي كانت حكرا عليه دون غيره. وقد نجحت في الوصول إلى ما كانت تصبو إليه وقد شغلت العديد من المناصب الهامة والعليا بالبلاد التونسية. ولعلّ ابرز خطوة قامت بها المرأة التونسية هي دخولها إلى مرفق العدالة ومساهمتها في إنجاح مرفق العدالة، رغم أنّ مشاركتها كانت تقريبا منقوصة وتفتقد إلى نوع من المساواة الفعلية.
بمناسبة عيد المرأة أجريت إحصائيات بخصوص حضور المرأة التونسية ومساهمتها في مرفق العدالة والمنظومة القضائية بصفة خاصة.
ثاني امرأة عربية تلتحق بسلك القضاء كانت القاضية التونسية آمنة عويج في سنة 1968 إلا أنها قبل أن تحكم في أي قضية، انتقلت بكامل إرادتها إلى السلك الدبلوماسي. ويذكر انّ أول قاضية تونسية فعليا كانت جويدة جيجة التي لقيت في بادئ الأمر رفضا تاما تقريبا باعتبار انّ الخطط الوظيفية بالمرفق القضائي هي حكرا على الرجل فحسب ولا يمكن للمرأة التونسية آنذاك أن تقوم بالبتّ في النزاعات الجزائية والمدنية وفقا لما يقتضيه القانون. من جهته حاول آنذاك الزعيم الراحل الحبيب بورقيبة الردّ على المعترضين على القاضية المذكورة بالقول «تعامل كما يعامل الرجال لها ما لهم وعليهم ما عليها».
وشيئا فشيئا أصبحت المرأة التونسية تمثل أكثر من 30 % من عدد الرجال الموجودين بالسلك القضائي. كما مارست المرأة التونسية، وفقا لما تمتعت به من كفاءة وجدارة، جميع الخطط الوظيفية بمرفق القضاء وبمختلف درجاتها. ومارست أنشطة نقابية وجمعياتيّة، حيث تترأس حاليا القاضية روضة العبيدي نقابة القضاة، في حين تترأس القاضية روضة القرافي الجمعية. وكانت لكليهما مواقف جدية وصارمة تجاه العديد من الإشكالات القانونية والقضائية.. وساهما في تعديل بعض الأمور الأخرى التي تتعلق بالمرفق القضائي لتحييده وتحصينه من التجاذبات السياسية والصراعات الحزبية.
ومن أبرز التونسيات اللاّتي دخلن سلك القضاء مبكرا وتدرجن في مختلف الوظائف القضائية حميدة العريف التي حصلت علي الإجازة في الحقوق 1976 وقد تولت القضاء بالمحكمة الابتدائية بسوسة ثم المحكمة الابتدائية بتونس ثم مستشارة بمحكمة التعقيب وعملت قاضية ومدعيا عاما ومديرة شئون مدنية بوزارة العدل.
واكدت رئيسة نقابة القضاة روضة العبيدي أنّه رغم المجهودات التي تبذلها القاضية التونسية والكفاءة التي تتمتع بها الا انهه والى حدود هذا الوقت لم تتمكن من الحصول على المناصب الـ7 العليا في القضاء كرئاسة محكمة التعقيب كما انها لم تحتل منصب وزير عدل، في ظلّ غياب اي تفسير ومبرر لذلك على حدّ قولها. واكدت محدثتنا ان المراة التونسية مثلما كان لها دور فاعل في التاريخ فانه سيكون لها دور بالغ الأهمية في حاضر البلاد ومستقبلها وذلك من خلال مواقفها الصارمة والجادة وكفاءتها في اداء المهام الموكولة اليها. كما انها ستساهم لا محالة في انجاح التجربة الجدية التي تعيشها البلاد التونسية بعد الثورة «العدالة الانتقالية».
والجدير بالذكر فان الرئيسة السابقة لجمعية القضاة التونسين كلثوم كنّو قد قدمت مؤخرا ترشحها لرئاسة الجمهورية لتكون بذلك اول قاضية تترشح للرئاسة.